لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة ومجموعة السبع قبول "وقف إطلاق النار" في غزة؟
البيان المشترك لوزراء خارجية "مجموعة السبع"، ذكر الأزمة الأوكرانية والقضايا الأمنية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بالإضافة إلى الكثير من الحديث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، دون الدعوة لوقف إطلاق النار.
أصدر اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع الذي عقد يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر في طوكيو اليابانية بياناً مشتركاً، قضى البيان مساحة كبيرة في الحديث عن حرب غزة، لكنه لم يشر إلى "وقف إطلاق النار، ووقف القتال"، ولم يذكر تنفيذ قرار الاجتماع الاستثنائي الطارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة وحثّ مجلس الأمن الدولي على اتخاذ إجراءات مسؤولة. تناولت مقالة في صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية هذا الموضوع وتحدّثت عن نفاق الولايات المتحدة ومعاييرها المزدوجة ودورها السلبي في حرب غزة الحالية.
فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:
من الغريب حقاً أن الولايات المتحدة ومجموعة السبع (G7) التي تقودها، والتي لطالما دعت إلى "حقوق الإنسان" و"الإنسانية"، لا تستطيع قول كلمة "وقف إطلاق النار" في بيانها المشترك هذه المرة بغض النظر عن الكارثة الإنسانية المروّعة التي تحدث كل يوم في غزة، وعن الواقع القاسي المتمثّل في وفاة أكثر من 100 طفل فلسطيني كل يوم، وعن النداء المتزايد من المجتمع الدولي لوقف فوري لإطلاق النار الإنساني.
أصدر اجتماع وزراء خارجية "مجموعة السبع" الذي عقد يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر في طوكيو اليابان بياناً مشتركاً، وقضى البيان مساحة كبيرة في الحديث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه لم يقل "وقف إطلاق النار، أو وقف القتال، أو استئناف محادثات السلام"، ولم يذكر تنفيذ قرارات الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وحثّ مجلس الأمن الدولي على اتخاذ إجراءات مسؤولة.
وهذا الأمر يرسل إشارة إلى الموافقة الضمنية لمجموعة السبع وتواطئها مع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وأن ما يسمى بـ"الهدنة الإنسانية" أشبه برد روتيني من قبل الولايات المتحدة ومجموعة السبع للمجتمع الدولي.
هذا بالتأكيد ليس لضعف الولايات المتحدة ومجموعة السبع، ولكن بالعكس، لديها تأثير فريد على "إسرائيل" والقدرة على التدخّل في الوضع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنها ليست على استعداد لاستخدام تلك القوة والنفوذ من أجل السلام والمدنيين الفلسطينيين. من المعروف أن مجموعة السبع تحب الوقوف على ما يسمّى بالأرضية الأخلاقية العالية وتوجيه إملاءات للشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكن عندما تقع كارثة إنسانية حقيقية ويحتاج الأمر إلى الولايات المتحدة ومجموعة السبع إلى اتخاذ الإجراءات، يتم الكشف عن وجهها الحقيقي على الفور. وبين حياة المدنيين الفلسطينيين الأبرياء وحسابات واشنطن السياسية، لم تتردد الولايات المتحدة ومجموعة السبع في اختيار الأخيرة، والأمر يشير بوضوح إلى نفاقها ومعاييرها المزدوجة.
وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن كابوس غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو أزمة لطبيعة البشرية. وأعرب مسؤولو الأمم المتحدة عن ألمهم، لأن "درجة الموت والمعاناة التي حدثت هنا قد تجاوزت الخيال" وأنه "كل يوم تعتقد أنه أسوأ يوم، ولكن اليوم التالي يكون أسوأ". ومن الواضح أنه ما دامت الحرب مستمرة، سيكون هناك المزيد من الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
واندلعت الاحتجاجات الداعية إلى وقف إطلاق النار في الولايات المتحدة لعدة أيام، ولم تكن مجموعة السبع موحّدة في الرأي، حيث صوّتت فرنسا واليابان لصالح مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي تستخدم الولايات المتحدة حقّ الفيتو لإفشاله. وتأمل أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في تحقيق "وقف إطلاق النار الإنساني" فوراً. ولكن يؤسفنا أن نرى أن مجموعة المصالح الصغيرة أو المجموعة السياسية الصغيرة تمثّل صاحب القرار لواشنطن، وتكون واشنطن صاحبة القرار لمجموعة السبع، وحاولت اختطاف الأمم المتحدة أيضاً.
تجدر الإشارة إلى أنه في البيان المشترك لوزراء خارجية "مجموعة السبع"، تم ذكر الأزمة الأوكرانية والقضايا الأمنية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إضافة إلى الكثير من الحديث عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويتمتع هذا البيان بخصائص بارزة في كل هذه القضايا، أي أنه يدعم طرفاً لضرب طرف آخر. يمكن القول إن هذا البيان يتحدث عن "السلام" و"الأمن" في النص بأكمله، ولكن لا يوجد سلام حقيقي وأمن حقيقي حتى ولو بكلمة واحدة. ومن السهل أن نعرف دوره السلبي الذي يمكن تأديته في الصراعات الإقليمية.
وكما قال مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جون، إن العقاب الجماعي للمدنيين لا يحقّق الأمن المطلق، ومواجهة العنف بالعنف لا يؤدي إلا إلى تزايد الكراهية والعداء. إذا سمح استمرار القتال في غزة، فقد يتحوّل القتال إلى كارثة عسكرية ستبتلع المنطقة بأسرها. وذلك سيكون خسارة للجميع وهو شيء لا تريده حتى الولايات المتحدة. إن الولايات المتحدة ومجموعة السبع تدعو إلى "هدنة إنسانية" من دون ذكر وقف إطلاق النار، الأمر لا يشير إلى نفاقها وطبيعتها غير الأخلاقية فقط، بل يمثّل خطراً على العالم بأسره.
لا تحتاج غزة إلى "وقف إطلاق نار زائف"، بل تحتاج إلى "وقف حقيقي لإطلاق النار". ولا يمكن القيام بعملية السلام الحقيقية والإغاثة الإنسانية إلا بعد الوقف الشامل والفوري لإطلاق النار. و إلا لن يكون أيّ قدر من المساعدات الإنسانية إلّا قطرة في المحيط.
نقلتها إلى العربية: وانغ مو يي.