لماذا أميركا اللاتينية مؤيدة لفلسطين إلى هذا الحد؟

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو يحدث صدمة في العالم الدبلوماسي بعدما اتهم "إسرائيل" بتنفيذ إبادة جماعية في غزة.

  • لماذا أميركا اللاتينية مؤيدة لفلسطين إلى هذا الحد؟
    الضغط الأميركي "لم يعد بنفس القدر الذي كان عليه من قبل"

نشر معهد "ريسبونسابل ستيتكرافت" الأميركي، اليوم الإثنين، تقريراً يتحدث عن دعم أميركا اللاتينية لفلسطين المحتلة، وسأل لماذا تدعم فلسطين إلى هذا الحد؟

وفيما يلي نص التقرير منقولاً إلى العربية:

أحدث الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو صدمة في العالم الدبلوماسي مؤخراً عندما اتهم "إسرائيل" بتنفيذ إبادة جماعية في غزة.

وبيترو ليس وحده في أميركا اللاتينية. لم يعادل رد أغلب دول المنطقة القاسي على الهجوم الإسرائيلي على غزة سوى رد فعل الدول ذات الأغلبية العربية والإسلامية. 

لماذا إذن يؤيد زعماء أميركا اللاتينية قضية فلسطين إلى هذا الحد؟ قال الخبراء إن الأمر يرجع في الغالب إلى ثلاثة عوامل: استقلال أميركا اللاتينية المتزايد عن الولايات المتحدة؛ وصعود الحركات اليسارية والسكان الأصليين؛ ووجود جاليات عربية كبيرة في الشتات في معظم أنحاء المنطقة.

الضغط الأميركي "لم يعد بنفس القدر الذي كان عليه من قبل"

لقد أمضى الرئيس البرازيلي، قسماً كبيراً من العام الأول بعد عودته إلى منصبه في رسم مسار مستقل للسياسة الخارجية للبلاد. وقاد الزعيم اليساري حملة لإجراء محادثات لإنهاء الحرب في أوكرانيا مع المساعدة في تعزيز نفوذ مجموعة البريكس. لذا فعندما اندلعت جولة جديدة من القتال في إسرائيل وفلسطين، لم يكن هناك أدنى شك في أن لولا سوف يتدخل.

وفقاً لجويلهيرمي كاسارويس، الباحث البارز في المركز البرازيلي للعلاقات الدولية، فإن لولا "يدافع عن حق "إسرائيل" في الوجود، ولكن ليس حق إسرائيل في القيام بمذبحة بحق الفلسطينيين في غزة".

ويقول الخبراء إن هذه الحادثة تسلط الضوء على المدى الذي تضاءل فيه النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية منذ ذروة لحظة القطب الواحد بعد حرب الخليج الأولى.

"الضغط الأميركي لم يعد بنفس القدر الذي كان عليه من قبل".. "إنها منطقة تغيرت بشكل كبير من حيث اعتمادها على الولايات المتحدة ومستوى التأثير الذي يمكن أن تتمتع به الولايات المتحدة على السياسة الخارجية."

استمرار "المد الوردي"

ينبع الموقف المؤيد لفلسطين للعديد من زعماء أميركا اللاتينية أيضاً من "المد الوردي" للناشطين اليساريين والسكان الأصليين الذين تولوا السلطة في السنوات الأخيرة. ويسيطر ساسة يسار الوسط الآن على السلطة في ثلثي دول أميركا اللاتينية، يمثلون أكثر من 90% من سكان المنطقة وناتجها المحلي الإجمالي.

شاركت هذه المجموعات منذ فترة طويلة في حملات التضامن مع فلسطين وغيرها من حركات حقوق السكان الأصليين، خاصة وأن "إسرائيل" ساعدت في تسليح والعديد من حكومات المنطقة الأكثر قمعًا في القرن العشرين.

"الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتم تصويره في كثير من الأحيان في أذهان قادة أميركا اللاتينية على أنه صراع بين المضطهد، وهو "إسرائيل"، والمضطهدين، وهم الفلسطينيين".

علاقات عميقة مع العالم العربي

يُعد الشتات العربي في أميركا اللاتينية أيضاً قوة رئيسية وراء النشاط المؤيد لفلسطين. يوجد في البرازيل وحدها نحو 16 مليون مواطن من أصل عربي، كما يوجد في تشيلي أكبر عدد من السكان الفلسطينيين مقارنة بأي دولة خارج الشرق الأوسط.

يتمتع هذا الشتات الكبير بنفوذ سياسي كبير في جميع أنحاء المنطقة، حيث يشغل السياسيون العرب مناصب عليا في العديد من الحكومات. 10% من أعضاء البرلمان البرازيلي من أصول عربية اعتباراً من عام 2016، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست".

ومع ذلك، فإن التحول الجديد يمكن أن يخل بالتوازن السياسي في المنطقة في السنوات المقبلة. يوجد في أميركا اللاتينية حركة مسيحية إنجيلية كبيرة على نحو متزايد، يرى قادتها أن دولة "إسرائيل" جزء مهم من لاهوتهم "عن نهاية الزمان".

وتشير الأبحاث الاستقصائية إلى أنه مع نمو السكان الإنجيليين في بلد ما، ينمو أيضاً الدعم لـ"إسرائيل".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.