"كوميرسانت": نزاعاتٌ على وقع الحرب الأوكرانية
في وقت غير مناسب تماماً لموسكو، استعاد نزاع إقليمي، يفترض أنه خامد منذ أمد طويل نسبياً، بين طاجيكستان وقيرغيزستان.
يتناول مكسيم يوسين، الكاتب في صحيفة "كوميرسانت" الروسية كيفية تأثير أحداث الجبهات الأوكرانية على فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي وصورة روسيا في أعين الشركاء في رابطة الدول المستقلة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
فيما يلي نص المقال كاملاً منقولاً إلى العربية:
وافقت طاجيكستان وقيرغيزستان على سحب القوات من الحدود. وفقاً للبروتوكول الموقع في 19 أيلول/سبتمبر، يجب على الطرفين إعادة الوحدات والمعدات العسكرية إلى مواقعها الدائمة. تأزمت الأوضاع في المنطقة منتصف الأسبوع الماضي. خلال القصف الذي استمر 4 أيام، قُتل ما لا يقل عن 99 شخصاً وأصيب عدة مئات آخرين. في الوقت نفسه، يحاول وسطاء مختلفون منع تصعيد نزاع آخر بين أرمينيا وأذربيجان.
الأحداث الأخيرة على الجبهات الأوكرانية، وخاصة الهجوم الناجح للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقة خاركوف، لم تكن بطيئة في التأثير على الدول السوفياتي السابقة. وقد اندلع صراعان هناك بصور مفاجئة وبقوة متجددة. هذا النوع من النزاعات كان يُخمد عادة بفضل سلطة موسكو على الساحتين الأرمنية – الأذربيجانية والطاجكستانية - القرغيزستانية، أما اليوم يبدو أن هذه السلطة ضعفت إلى حد ما بالمقارنة مع ما كانت عليه في كانون الثاني/يناير 2022 مثلاً، عندما نفذت روسيا، جنباً إلى جنب مع حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، عملية نموذجية لاستعادة الاستقرار في كازاخستان. الآن الوضع هو عكس ذلك تماماً.
تحت تأثير أخبار الجبهات الأوكرانية التي سببت إزعاجاً لموسكو، قد يكون لدى بعض الجيران انطباع بأنها غارقة في المستنقع في أوكرانيا ولم يعد بإمكانها نشر قواتها في صراعات أخرى، حتى في الدول القريبة. وبالتالي، يمكنهم الاستفادة من التحديات التي تواجهها موسكو وحل المشكلات التي يرغب الاتحاد الروسي في تجميدها "بالقوة" لصالحه لمدة من الوقت على الأقل.
وهكذا بدأت باكو هجوماً على المواقع الأرمنية ليس في كاراباخ (آرتساخ)، ولكن في أرمينيا نفسها. وكان أن لجأت يريفان إلى حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي لطلب المساعدة العسكرية، كما ينبغي أن تكون في مثل هذه الحالات، لكنها لم تحصل عليها. كل ما تلقته هو الدعم السياسي والمعنوي الكامل من الولايات المتحدة عبر رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي طارت إلى أرمينيا.
وقد نظم تجمع حاشد بالقرب من السفارة الروسية في يريفان للمطالبة بانسحاب البلاد من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، لأن هذه المنظمة لم تتمكن من إنقاذ أرمينيا في لحظة حرجة.
من الواضح أن كل هذه الأحداث لا تساهم في تعزيز موقف موسكو في جنوب القوقاز.
بالإضافة إلى ذلك، وفي وقت غير مناسب تماماً لموسكو، استعاد نزاع إقليمي آخر يفترض أنه خامد منذ أمد طويل نسبياً، بين طاجيكستان وقيرغيزستان. فقد اشتد القتال على الحدود لدرجة أن عدد القتلى على الجانبين قارب المئة شخص بالفعل.
كما أدى إلى إجلاء نحو 136 ألف شخص من مناطق خطرة في قيرغيزستان وحدها. ما حدث هناك ليس مناوشات حدودية، كما حدث مرات عديدة من قبل، بل حرب حقيقية، وإن كانت محلية.
في عام 2001، كانت هاتان الدولتان من بين الدول الست المؤسسة لمنظمة شنغهاي للتعاون. يتعلق الأمر بقوة التحالفات التي تحاول روسيا بناءها في مواجهة الغرب. حتى الآن، لا يبدو الأمر مقنعاً للغاية. ولسوء الحظ، لن يزداد هذا الاتجاه سوءاً إلا إذا شعر حلفاء موسكو وشركاؤها أن العملاق الروسي قد فشل في اختبار أوكرانيا. لذلك، من الممكن عدم الامتثال للقواعد التي، على أقل تقدير، عملت في فضاء ما بعد الاتحاد السوفياتي على مدى العقود الثلاثة الماضية.
نقله إلى العربية: عماد الدين رائف