"كاونتربنش": الناتو" ليس تحالفاً دفاعياً

الناشط والكاتب الصحفي الأميركي ديف ليندورف يشرح في مقال له أسباب نشوء حلف "الناتو" البعيدة عن المزاعم الدفاعية لأعضائه، ويقول إن الناتو ليس منظمة دفاعية.

  • الأمين العام لحلف الناتو خلال مؤتمر صحفي بروكسل 16 آذار/ مارس 2022 (أ ف ب).
    الأمين العام لحلف الناتو خلال مؤتمر صحفي بروكسل 16 آذار/ مارس 2022 (أ ف ب).

يتحدث الناشط والكاتب الصحفي الأميركي ديف ليندورف في مقالة منشورة على موقع "كاونتربنش"،  عن كمون العدوانية في الفكر السياسي لمؤسسات الحكم الأميركي، ويفضح خططهم القديمة لتوجيه ضربة استباقية للاتحاد السوفيتي، بغرض إبادة شعوبه بأكثر من 400 رأس نووي.

فيما يلي نص الترجمة كاملاً: 

عند قراءة التقارير الأميركية حول الهجوم الصاروخي الروسي على ما يسمى بـ "المركز الدولي لحفظ السلام والأمن" في غرب أوكرانيا، يمكن للمرء أن  يُعفى من الاعتقاد بأن الروس ربما دمروا بعض قواعد حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

ففي الوقت عينه أشارت بعض التقارير الإخبارية الأميركية حول الهجوم، أن الموقع في الحقيقة ليس سوى قاعدة عسكرية مشتركة بين حلف "الناتو" وأوكرانيا بالقرب من حدود بولندا العضو في "الناتو"، والتي تتبوأ منذ فترة طويلة منصة للمدربين العسكريين الاميركيين والغربيين لتعليم الأوكرانيين التعامل مع المعدات الحربية الفتاكة التي تزودهم بها الولايات المتحدة وبعض دول الناتو مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وتركيا.  وكان 400 من أفراد الحرس الوطني في فلوريدا يقومون بهذه المهام قبل إعادتهم إلى فلوريدا اثر التهديدات الروسية  قبل بضعة أسابيع.

قبل يوم واحد من الهجوم الصاروخي، أعلنت إدارة بايدن الموافقة على صفقة أخرى من الأسلحة بقيمة 200 مليون دولار لأوكرانيا، وحذّرت روسيا في حينه على الفور معتبرة أن أي شحنات أسلحة  إلى أوكرانيا ستُعتبر أهدافاً عادلة للهجوم. وقد وصفت وسائل الإعلام الاميركية  هذا التحذير بأنه يزيد من خطر نشوب حرب واسعة، ويتابعون بتصنيف الاسلحة المرسلة بأنها ليست فتاكة، ثم يوصف حلف "الناتو" أنه منظمة معاهدة دفاعية للدول التي لديها اتفاقية مساعدة عسكرية متبادلة  إذا تعرض أي عضو للهجوم.

الناتو ليس "منظمة دفاعية

في الواقع ، منذ تأسيسه، كان حلف "الناتو" تحالفاً عدوانياً مصمماً لتطويق الاتحاد السوفيتي آنذاك، ولتهديده بالتدمير بالأسلحة النووية الأمريكية التي كانت ولا تزال مخزنة فوف اراضي الدول الأعضاء وفي القواعد الجوية في جميع أنحاء أوروبا.  تستمر عملية التطويق في التوسع الإضافي لحلف شمال الأطلسي عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، حيث تبعد الصواريخ الأميركية والطائرات ذات القدرة النووية دقائق معدودة من أهداف روسية مهمة مثل قواعد الجيش والقواعد الجوية والموانئ البحرية الرئيسية وذلك على من قواعد الحلف في بولندا وإستونيا ولاتفيا والسويد والدنمارك وغيرها من الدولة المحاذية للاتحاد الروسي

تأسس حلف "الناتو" في العام 1949، حين لم يكن لدى الاتحاد السوفيتي أي سلاح نووي واحد. مع أن العلماء الأميركيين وأجهزة الاستخبارات اجمعت على أن السوفيات يحتاجون  لمدة 5-10 سنوات أخرى للحصول على سلاح نووي، وفي وقت كانت فيه الولايات المتحدة، تعمل على مدار الساعة لتصنيع إنتاج قنابلها الذرية الجديدة المصنوعة يدويًا في البداية، وقد جمعت وخزنت أكثر من 200 رأس نووي، ممن دون أن يكون لديها منافس في القدرة التدميرية.

إضافة إلى هذه الحقيقة، فالولايات المتحدة كانت أيضاً في طريقها بالفعل لإنتاج قنبلة هيدروجينية على الفور تقريباً بعد استسلام اليابان في أغسطس 1945. و في المرحلة عينها، أعاد البنتاغون، بناءً على أوامر من الرئيس ترومان، تنشيط خط التجميع لإنتاج قاذفات "بي "29 ، الطائرة الوحيدة في العالم انذاك القادرة على حمل أسلحة ذرية.

كذلك شرعت وزارة الدفاع الأميركية في تطوير قاذفات ثقيلة أكثر من ضمن خطط لشن هجوم نووي استباقي على الاتحاد السوفيتي، بعد مراكمة لترسانة الولايات المتحدة من القنابل الذرية لتصل إلى 300-400 . وهو الرقم الذي نصح به استراتيجيو البنتاغون الرئيس ترومان لتدمير الاتحاد السوفيتي.

اطلقت تسميات محرجة بالتتابع عند إعداد خطط الإبادة الجماعية للاتحاد السوفيتي، التي لم تقع أبداً بسبب نجاح الاتحاد السوفيتي في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في تفجير أول قنبلة ذرية بالتزامن مع وصول مخزون الولايات المتحدة أخيراً أكثر من 300 قنبلة ما يؤهلها لشن هجومها، لكن في 29 أغسطس 1949  صدمت وزارة الحرب الأمريكية بالانجاز السوفيتي وأضطرت إلى إلغاء  خططواشنطن لشن هجوم مبكر. ولكن بعد ثلاث سنوات، في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 1952، نجحت الولايات المتحدة في تفجير أول قنبلة نووية حرارية ، وهو سلاح أقوى ألف مرة من القنبلة الذرية التي ألقيت على ناكازاكي.

يجب النظر إلى إنشاء "الناتو" من ضمن السياق التاريخي لقوة أمريكا الضخمة في ذلك الوقت، الذي احتكرت فيه امتلاك القنابل الذرية، مما جعلها غير قابلة للاعتراض، خصوصا انه تم وضع معاهدة مع دول أوروبا الغربية بشكل واضح للسماح للولايات المتحدة بالاحتفاظ بقواتها في أوروبا إلى أجل غير مسمى.  والأهم من ذلك، تخزين الأسلحة النووية والاستعداد لإطلاقها ضد الاتحاد السوفيتي من على بعد مسافة قصيرة من العاصمة موسكو.

أي شخصية سياسية أميركية تزعم أن الناتو كان في أي وقت  تحالفاً "دفاعياً" و "ليس تهديداً هجومياً" لروسيا فهو إما جاهل أو كاذب. ووصف القاعدة العسكرية التي أصيبت للتو بالصواريخ الروسية،  بمركز "حفظ السلام" أمر مثير للسخرية.