"غلوبال تايمز": نجاح شركة آبل يعكس صورة العلاقات الصينية الأميركية
تجاوزت القيمة السوقية لشركة آبل ثلاثة تريليونات دولار الشهر الماضي، مما يجعلها أعلى رسملة سوقية في العالم.
كتب الباحث الصيني دينغ غانغ مقالة في صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية تناول فيها نجاح شركة "آبل" Apple الأميركية ودور الشركات الصينية في نجاحها. وقال إنه في 6 كانون الثاني / يناير الماضي، قدمت شركة آبل مستنداً إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية يوضح أن إجمالي تعويضات تيم كوك كرئيس تنفيذي للشركة في عام 2021 بلغ 98.7 مليون دولار. جاء ذلك بعد أن تجاوزت القيمة السوقية لشركة آبل ثلاثة تريليونات دولار خلال منتصف يوم تداول الأسهم الأميركية في 3 كانون الثاني / يناير، مما يجعلها أعلى رسملة سوقية في العالم. ويقترب هذا المبلغ من احتياطيات الصين من العملات الأجنبية البالغة 3.25 تريليون دولار (في نهاية كانون الأول / ديسمبر 2021).
وأضاف الكاتب أن نمو شركة آبل من 2 تريليون دولار إلى 3 تريليونات دولار استغرق 16 شهراً فقط، وتم ذلك خلال ذروة تفشي الوباء العالمي. يكمن نمو "سآبل" في قيادتها التكنولوجية واحتكارها، ولكن يتم دعمها كذلك من قبل السوق الصينية والصناعات الصينية (Made in China)، والتي تتضمن تطوير المنتجات التكميلية من قبل الشركات الصينية ذات الصلة. في الوقت نفسه، استفادت شركة "آبل" من العقوبات والقيود الأميركية على الصين. إذ لا تزال "آبل" تحتل المرتبة الأولى بين العلامات التجارية للهواتف الذكية من حيث المبيعات والإيرادات في الصين لمدة ستة أسابيع متتالية. وصعدت الشركة إلى المركز الأول في الصين بعد إصدار نسخة "آيفون 13" iPhone 13 مباشرة.
وأشار الكاتب إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء ريادة شركة آبل في الصين هو أن منافستها شركة هواوي الصينية قد عوقبت من قبل الحكومة الأميركية وانخفضت أعمالها في مجال الهواتف المحمولة.
وتعليقاً على التوقعات، قال مدير الأبحاث في مركز كاونتر ريسرش Counterpoint Research، توم كانغ، إن "المنافس الحقيقي الوحيد لشركة آبل في الصين حتى الآن هو شركة هواوي، وهي تواجه الآن مشكلات إنتاج خطيرة بسبب العقوبات الأميركية".
وقال الكاتب إن الوقاية الصارمة من الوباء والسيطرة عليه في الصين خلال العام الماضي وفّرت ضماناً قوياً لتحسّن التصنيع القوي وخلقت الظروف لزيادة الاستهلاك في سوق الهواتف المحمولة. فمن دون التصنيع الصيني في سلسلة التوريد الخاصة بشركة آبل، لم تكن مبيعات آبل العالمية لتتجاوز مبيعات شركة Xiaomi العام الماضي لتحتل المرتبة الثانية بعد شركة سامسونغ. تعتمد آبل على سيطرتها على سلسلة التوريد الصينية، والتي يتم تفكيكها باستمرار بسبب صعود القوة التكنولوجية الصينية.
وأقر الكاتب أنه ليس هناك من ينكر أن نمو "آبل" قد عزز صناعة الهواتف المحمولة في الصين والصناعات المرتبطة بها، بينما عزز أيضاً التوظيف وكذلك مستويات الابتكار والعمل. لكن كيف ستسير هذه العلاقة في النهاية سيعتمد على ما إذا كانت الشركات الصينية المعنية ستستمر في تلقي الإملاءات من شركة آبل، أو ما إذا كانت ستستمر في تعزيز قدراتها وتقوية محفظتها المحلية، وبالتالي ستكون للأخيرة لديها القدرة على التنافس مع شركة آبل.
وأضاف أن مجموعة OFILM الصينية هي مثال خارج شركة هواوي، حيث يتمثل نشاطها الرئيسي في تصنيع وحدات شاشات اللمس ووحدات الكاميرا ووحدات التعرف على بصمات الأصابع. ومنذ أن انضمت الشركة إلى سلسلة التوريد الخاصة بشركة آبل، تم تحديد إيراداتها بالكامل من خلال الوضع التالي: "آبل في وضع جيد، أنا بخير؛ آبل في وضع سيئ، أنا في وضع أسوأ". حتى أنها واجهت خطر إيجاد "آبل" بديلاً أفضل ليحل محلها.
في هذه الحالة، بدأت OFILM في جمع المزيد من الشركاء وتوسيع نطاق البحث والتطوير بشأن التوريد لهواتف هواوي المحمولة والسيارات الكهربائية وتوسيع تطبيقاتها التكنولوجية. واعتبر الكاتب أنه ليس هذا ما تريد الولايات المتحدة رؤيته. فقد فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على شركة OFILM في تموز / يوليو الماضي بشأن ما يسمى بقضايا حقوق الإنسان في إقليم شينجيانغ، وطردتها شركة "آبل" من سلسلة التوريد في هذه العملية. وبالطبع عثرت على بديل عنها.
وأشار الكاتب إلى أن الشيء الجيد هو أن OFILM قد أثبتت نفسها سابقاً في مجال السيارات الكهربائية الذكية وشاركت بنشاط في سلسلة التوريد المحلية لشركتي هواوي Huawei وXiaomi، لذلك لم تؤدِ هذه الضربة إلى القضاء عليها.
وقال الكاتب إنه لا نعرف كيف توصلت آبل والحكومة الأميركية إلى اتفاق ضمني. وانطلاقاً من التغيّرات التي طرأت على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على مدى السنوات القليلة الماضية، يبدو أنه تم ترتيب كل شيء بشكل كامل. فمن سياسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لفصل التجارة بين الولايات المتحدة والصين إلى احتواء إدارة الرئيس جو بايدن المتزايد للصين في مجال التكنولوجيا المتقدمة، فإن الهدف النهائي هو الدفاع عن المصالح الكبرى لبعض مجموعات رأس المال. فرأس المال هو القوة الأساسية التي تصنع وتحافظ على قوة الولايات المتحدة. فلن تغيّر مجموعة رأس المال وراء شركة آبل طبيعتها الاحتكارية بسبب قدرات التصنيع القوية للصين. وإذا كان هذا صحيحاً، كما يقول الأميركيون أنفسهم، "أميركا هي أعمال"، فإن هذا يضع الولايات المتحدة والصين في صراعات لا يمكن تسويتها.
وختم الكاتب مقالته بسؤال: "لكن هل يتطور منطق القوة الأميركية بشكل لا يتزعزع حقاً؟"
وأجاب قائلاً: "إذا اعتبرنا علاقة آبل بالصين نموذجاً مصغراً لعلاقة الولايات المتحدة مع الصين، فإن القصة التالية تدور فعلاً حول كيف ستتطور آبل وكيف ستتطور هواوي وشركات التكنولوجيا الصينية التي تمثلها هواوي".
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم