"غلوبال تايمز": خلافات بين واشنطن وكييف برغم زيارة الوزيرين الأميركيين لها

الحكومة الأوكرانية تريد دفع الولايات المتحدة إلى المزيد من المشاركة وإبراز أوكرانيا باعتبارها "جبهة أمامية" يجب على العالم الغربي بأسره الدفاع عنها بأي ثمن.

  • تريد واشنطن استمرار الحرب في أوكرانيا لاستنزاف روسيا.
    تريد واشنطن استمرار الحرب في أوكرانيا لاستنزاف روسيا.

تناول المحلل السياسي الصيني يانغ شنغ في مقالته في صحيفة  "غلوبال تايمز" الصينية زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى كييف اليوم التي أعلنها الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، في حين لم تقدم الولايات المتحدة تأكيداً رسمياً حول الزيارة أمس، حيث قال محللون إن هذا يكشف الخلافات بين واشنطن وكييف بعد أن أطلقت روسيا المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية.

واعتبر الكاتب أن إعلان كييف عن الزيارة رفيعة المستوى يُظهر أن الحكومة الأوكرانية تريد دفع الولايات المتحدة إلى المزيد من المشاركة وإبراز صورة أوكرانيا باعتبارها "جبهة أمامية" يجب على العالم الغربي بأسره الدفاع عنها بأي ثمن. وقال الخبراء إن الجانب الأميركي لم يعلن عن الزيارة ليس بسبب المخاوف الأمنية فحسب، بل أظهر أيضاً أن الولايات المتحدة لا تريد الانجرار إلى الفوضى حيث تتخذ روسيا إجراءات ضخمة تهدف إلى السيطرة على جنوب أوكرانيا.

وكانت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض جين ساكي قالت خلال مؤتمر صحافي في 18 نيسان / أبريل الجاري أنه لا توجد خطط لسفر الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أوكرانيا. وقالت لشبكة "سي إن إن": لم يتغير ذلك - فما زال تركيزنا ينصب على تزويد أوكرانيا، والحكومة الأوكرانية، والقادة الأوكرانيين، بقدر تاريخي من المساعدة الأمنية".

وأوضحت ساكي إنه إذا قام مسؤول أميركي بزيارة أوكرانيا، فلن يكشف البيت الأبيض علناً عن تلك المعلومات مسبقاً، بسبب "مخاوف أمنية". وأفادت شبكة سي إن إن أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية رفضا التعليق يوم السبت على زيارة بلينكين وأوستن المحتملة إلى أوكرانيا.

وقال المحللون إنه لن يكون مفاجئاً أن يصل بلينكين وأوستن إلى أوكرانيا، لكن الاختلافات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا لا تزال قائمة، ولن يكون للزيارة تأثير كبير على الوضع الحالي.

وقال نائب قائد المنطقة العسكرية المركزية الروسية، رستم مينكاييف، إن روسيا تخطط للسيطرة الكاملة على دونباس وجنوب أوكرانيا خلال المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية الخاصة.

ورأى الكاتب أن الإجراءات الروسية المستمرة يمكن أن تغيّر الوضع بشكل كبير في الأسابيع القليلة المقبلة، وبالنظر إلى الميزة العسكرية التي يحتفظ بها الجانب الروسي، تدرك كييف أنها قد لا تكون قادرة على المقاومة لفترة طويلة، لذلك فهي تأمل بشدة أن تظهر الولايات المتحدة دعماً مباشراً  وحسماً أكثر لإنقاذ الموقف. لكن واشنطن تخطط على الأرجح للمرحلة التالية، مثل كيفية التحدث مع روسيا بعد أن تنجز القوات الروسية مهامها أو كيفية تمديد الصراع بشكل فعال على الأراضي الأوكرانية لإبقاء روسيا تنزف.

وقال زيلينسكي: "لا يجب أن يأتوا إلى هنا وهم فارغون. نحن نتوقع أشياء محددة وأسلحة محددة".

وقال الخبير العسكري الصيني والمعلق التلفزيوني سونغ تشونغ بينغ، إنه في هذه المرحلة، لن تحدث الأسلحة تغييراً كبيراً في الوضع، مشيراً إلى أن القوات الأوكرانية ليس لها سيطرة فعالة على السماء. وحتى لو وافقت الولايات المتحدة على توفير أسلحة ثقيلة مثل مدافع الهاوتزر والدبابات، فإن أي نقل جماعي لهذه الأسلحة إلى البلاد عن طريق السكك الحديدية أو الشاحنات يمكن رصده وتدميره بواسطة الطائرات الحربية أو الصواريخ الروسية.

وتتواجد معظم القوات الأوكرانية في مناطق القتال في الشرق، والعديد منهم منخرطون أو محاصرون من قبل القوات الروسية، لذلك سيكون النقل صعباً للغاية، والأسلحة الغربية المتقدمة الأخرى غير مجدية لأن أوكرانيا ليس لديها أفراد قادرون على استخدامها على نحو فعال، بحسب الخبراء.

وقال لو شيانغ، وهو خبير في العلاقات الدولية وزميل باحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، لصحيفة "غلوبال تايمز" إن زيلينسكي يريد عرضاً سياسياً رفيع المستوى يجعل حكومته تبدو وكأنها "المركز أو خط المواجهة الذي يجب على جميع الدول الغربية" الدفاع عنه. إنه يريد تشكيل صورة لنفسه: زعيم شجاع يمكنه التحدث بقوة ليس فقط مع روسيا ولكن أيضًا مع القوى الغربية الكبرى".

وردد سونغ هذا الرأي قائلاً إن مثل هذه الزيارات التي يقوم بها كبار المسؤولين الأميركيين أو غيرهم من القادة الغربيين لا معنى لها في الواقع من حيث تغيير الوضع في ساحات القتال في شرق أوكرانيا وجنوبها، وقد أرسلت ملاحظات زيلينسكي البارزة إشارة أخرى مفادها أنه "إذا خسرت أوكرانيا الحرب، فيجب إلقاء اللوم على الولايات المتحدة وربما العالم الغربي بأسره، لأنهم لم يقدموا الدعم الكافي لها".

وقال محللون صينيون إن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا والعقوبات ضد روسيا ستستمر مع أو من دون مثل هذه الزيارات، لكن الولايات المتحدة تهتم بقضايا مختلفة مقارنة بكييف.

وقال الباحث لو إن العديد من الدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وجدت أن أوكرانيا تطلب الكثير، وهي قلقة من أن هذه الإمدادات، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والأسلحة والمال، قد ينتهي بها الأمر "في الأيدي الخطأ". وبالمقارنة مع "الأسلحة المحددة" التي سيتم توفيرها، قد يكون بلينكين وأوستن أكثر اهتماماً بكيفية استخدام هذه الأسلحة ومن يتلقى الإمدادات الأميركية.

وقال كوي هينغ، وهو باحث من مركز الدراسات الروسية في جامعة شرق الصين، لصحيفة غلوبال تايمز إن النهج غير البارز الذي اتبعته الولايات المتحدة أرسل إشارة أخرى: إن الولايات المتحدة لا تريد أن تكون استفزازية للغاية تجاه روسيا، "لأن زيارة رفيعة المستوى لكبير الدبلوماسيين ووزير الدفاع يمكن أن تجعل موسكو تعتقد أن الولايات المتحدة تستعد لمزيد من التدخل المباشر".

وقال كوي: "تريد الولايات المتحدة استمرار الصراع، لكنها تخشى أيضاً من امتداده إلى البلدان المحيطة بأوكرانيا، وخاصة أعضاء حلف الناتو، لذا فإن إبقاء الصراع منخفض الشدة وداخل الأراضي الأوكرانية هو ما تريده الولايات المتحدة".

وقال لو إنه إذا عزز أعضاء الناتو مثل بولندا الإمدادات العسكرية في هذا الوقت، فقد تضرب روسيا مراكز النقل على الحدود، وقد يؤدي ذلك بسهولة إلى التصعيد. وأضاف: "روسيا بحاجة إلى أن تكون حازمة وحاسمة، لذا فإن التصعيد خيار لموسكو لردع التدخل الغربي، وقد يمنح هذا أيضاً المزيد من أوراق المساومة لروسيا في محادثات وقف إطلاق النار في المستقبل".

وقال سونغ إنه إذا أظهر الغرب نية أكبر للتدخل في النزاع الروسي الأوكراني في هذه اللحظة، فسيكون التصعيد أكثر احتمالاً، ويجب أن تكون الحكومة الأوكرانية على دراية بثمن قبول الإمدادات الأميركية، "لأن هذه الإمدادات ليست مجانية". وأشار إلى أن هذا يعني أنه كلما استلمت كييف المزيد، سيحتاج الشعب الأوكراني إلى دفع المزيد من الأموال للولايات المتحدة في المستقبل، وستصبح كييف وكيلاً كاملاً لواشنطن بعد الحرب.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.