صحافة تركية: نتائج طوفان الأقصى مستمرة والاحتجاجات في أميركا وأوروبا لم تكن متوقعة
الاحتجاجات الشعبية المتزايدة على نطاق واسع تؤكد أنّ عملية طوفان الأقصى ما زالت تحقق نتائج لم تكن متوقّعة، وتستمر في إيقاظ ضمير العالم.
الصحيفة التركية "دوغرو هابر" تنشر مقالاً للكاتب حسن صاباز يتحدث فيه عن استمرار تكشّف نتائج عملية "طوفان الأقصى" حتى اليوم، أهمها الاحتجاجات في الجامعات الأميركية والأوروبية وما سيتعاقب في إثرها من ضرر على المصالح الإسرائيلية.
في ما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
إنّ عملية طوفان الأقصى ما زالت تحقق النتائج التي لم تكن متوقّعة، وتستمر في إيقاظ ضمير العالم، إذ تصاعدت ردود الفعل تجاه الظالم والمظلوم إلى نقطة لا يمكن فهمها وفق الأحكام القيمية للعالم المادي، أي أننا نتحدث عن مرحلة علينا صرف النظر فيها عن تضرر المصالح المادية وسيرورة عالم الأعمال والتركيز على خسائر الأرواح.
الاحتجاجات الشعبية المتزايدة على نطاق واسع تؤكد لنا أنّ القضية تجاوزت منذ وقت طويل إمكانية تفسيرها بمغامرات فردية، مع أنّها بدأت بخروج مجموعة صغيرة من الطلاب الذين اعتصموا في جامعة كولومبيا الأميركية للتنديد بالجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، ولكنّها سرعان ما انتشرت انتشار النار في الهشيم، ووصلت إلى العديد من الجامعات الأميركية والأوروبية.
إنّ انتشار هذه الاحتجاجات كشف النقاب سريعاً عن الصورة الزائفة للصهيونية "المضطهدة"، والتي تعمل الحكومات على ترسيخها، وأبانت بكل وضوح الوجهَ القذر لمرتكبي الجرائم وشركائهم، بيد أنّ قوات الأمن والشرطة مارست العنف والاعتقالات بحق المحتجين، إلّا أنّ ذلك لم يثنِ عزيمة الطلاب والأكاديميين.
وكانت كلمات أحد الأكاديميين الذين خرجوا تضامناً مع المتظاهرين تعكس إدراكهم مدى الخطورة التي قد يواجهونها، إذ قال: "أعلم أنّ مسيرتي الأكاديمية ستتأثر سلباً بمشاركتي في الاحتجاجات، ولكني أدرك بأنه يجب علي أكون بينكم".
في الأشهر الماضية، انتشرت أخبار كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن الطلاب والأكاديميين في أميركا وأوروبا يواجهون ضغوطاً كثيرة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حتى قبل انتشار الاحتجاجات. لم يكن واضحاً مدى تأثير الصهيونية في المجال الأكاديمي، كما هو في مجالي الإعلام والسينما، ولكن ما إن بدأت التظاهرات حتى بات كل شيء واضحاً، ولا سيما عندما اعتقلت قواتُ الأمن والشرطة رئيسةَ قسم الفلسفة في جامعة إيموري في مدينة أطلنطا في ولاية جورجيا، وكبلت يديها خلف ظهرها فقط لأنها قالت: "أطفال غزة يُقتلون".
نعم، لقد اعتُقلت أستاذة جامعية لأنها عارضت وحشية الإبادة الجماعية ومارست حقها في حرية التعبير. وهكذا، أصبح الناس في مواجهة الحقيقة التي باتت جلية من دون الحاجة إلى شرح أو تحليل، وغدوا على يقين بأن الحياة الأكاديمية في أميركا أوروبا تعاني سيطرة الصهيونية، شأنها شأن السياسة والإعلام والسينما، وهذا ما أشار إليه خبير العلاقات الدولية حسام شاكر، إذ قال: "لقد كشفت الأحداث الأخيرة وجود الكثير من المشكلات في أميركا، ومن ذلك عدم استقلالية الجامعات وخضوعها لسلطة الممولين، إذ تبين أنّ الحياة الأكاديمية مرتبطة بمجموعة من الاستثمارات، كما اتضح أنّ إسرائيل لها يد في الجامعات الأميركية، ومنها جامعة كولومبيا، وذلك من خلال الاستثمارات وتمويل أبحاث معينة، الأمر الذي أدى إلى فتح ملف جديد لم يُسلط عليه الضوء من قبل".
طوفان الأقصى قد يفتح الكثير من الملفات الجديدة في الأيام القادمة؛ فقد تبدأ النقاشات حول ماهية وسائل الابتزاز والإغراء التي تستخدمها رؤوس الأموال والاستخبارات الصهيونية في الإعلام والسياسة.
ولعلنا بذلك نعرف من أين تستمد المؤسسات السياسية والإعلامية تمويلها وتتلقى أوامرها، لتتغاضى عن احتلال بدأ منذ 75 عاماً، وتكرر عبارة: "حماس اعتدت على مدنيين".