"ريسبونسبل ستيتكرافت": صواريخ الولايات المتحدة تقترب من عبور خط أحمر آخر في أوكرانيا
تزويد الولايات المتحدة لأوكرانيا بصواريخ "أتاكمس" يرتكز على مجموعة من الحسابات المتعلقة بالرد الروسي، وطبيعة الديناميكيات التي سيستخدمها بالمقابل، والتي يمكن أن تؤدي إلى "تصعيد كارثي".
أفاد تقرير نشرته مجلة Responsible Statecraft التابعة لمعهد "كوينسي" الأميركي، آخر الأسبوع الماضي، أنّ الولايات المتحدّة تستعد لتزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى من نوع "أتاكمس"، وأنّ هذا مدفوع بـ"التطورات المخيبة للآمال في ساحة المعركة"، بسبب الهجوم الأوكراني المضاد. لكنّ الضوء الأخضر للتزويد "يرتكز على مجموعة من الحسابات المتعلقة بالرد الروسي، وطبيعة الديناميكيات التي سيستخدمها بالمقابل، التي يمكن أن تؤدي إلى "تصعيد كارثي".
النص منقولاً إلى اللغة العربية
تستعد الولايات المتحدة لتزويد أوكرانيا بصواريخ "أتاكمس"، وفقًا لتقرير نشرته، شبكة "أي بي سي نيوز" الأميركية، آخر الأسبوع الماضي.
ويشير التقرير إلى أن الأسلحة البعيدة المدى قد تكون ضمن حزمة المساعدات العسكرية التالية للرئيس الأوكراني فولوديمير لزيلينسكي، إذ صرّح مسؤول أميركي: إن أنظمة الصواريخ التكتيكية التابعة للجيش (أتاكمس)، موضوعة على طاولة حزمة المساعدات العسكرية المستقبلية لأوكرانيا".
وقال "إنها قادمة"، مضيفاً أن جميع الخطط المتعلقة بالمساعدة الأمنية لأوكرانيا قابلة للتطوير في أي وقت.
ويمكن لصواريخ "أتاكمس" ، التي يبلغ مداها 190 ميلاً أو 300 كيلومتر، مساعدة أوكرانيا في ضرب أهداف في شبه جزيرة القرم، التي تعتبرها كييف وحلف "الناتو"، بمثابة حجر الزاوية لحسم الحرب الأوكرانية.
ولم يتم تأكيد عملية نقل "أتاكمس" المخطط لها من قبل أي مسؤول يرغب في التحدث بشكل رسمي.
فيما قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي: "لا يوجد قرار في الوقت الحالي لإرسال أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا". وأضاف: "كما قال الرئيس، فإن هذه الأمور ليست مطروحة الآن، ونواصل مناقشة جدوى دعم أوكرانيا بهذه بالمنظومة الصاروخية المذكورة".
لا شك، أنّ الولايات المتحدة ستتبع النمط الموارب نفسه، الذي استخدمته في المرات السابقة في دعم أوكرانيا بالسلاح المتطور. والنمط يتمثّل في الرفض في البداية ثم التدرج بالأمر لإتمامه.
ففي الأسابيع الأولى لحرب أوكرانيا، أكد كبار المسؤولين الأميركيين أنه لا توجد خطط لإرسال بطاريات صواريخ "باتريوت" إلى أوكرانيا. وأشاروا إلى أن هذه الأنظمة ستحتاج إلى القوات الأميركية لتشغيلها على الأراضي الأوكرانية، مما يجعل الولايات المتحدة مشاركًا نشطًا في الصراع.
وفي بداية العام الجاري، ورد أن وزير الدفاع، لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، عارضا إرسال دبابات "إم 1 أبرامز" إلى أوكرانيا وسط مخاوف من أنها لا تخدم احتياجات الجيش الأوكراني وأنها معقدة للغاية بحيث لا يمكن تشغيلها.
مع ذلك، تراجع البيت الأبيض عن موقفه في كلتا المسألتين، وقامت إدارة بايدن، بتزويد كييف بنظام "باتريوت 1"، ووافقت على نقل 31 دبابة من طراز "إم 1 أبرامز" إلى الجبهات ضد روسيا.
ويبدو أنّ تسليم مقاتلات "إف 16" "، سيجري بطريقة مماثلة، بالرغم من الاستبعاد السابق مراراً وتكراراً لإرسال هذه الطائرات بسبب المخاوف أنّ تستخدمها كييف لضرب أهداف داخل أراضي روسيا. لكن، منذ نحو شهرين أعلن البيت الأبيض، أنّ تدريب الطيارين الأوكرانيين سيبدأ على طائرات "إف 16"، المقدمة من الدنمارك وهولندا، في وقت لاحق من هذا العام.
وقال المفكر الاستراتيجي في "معهد كوينسي" الأميركي، جورج بيبي: "بينما يزداد يأس إدارة بايدن لإظهار التقدم في الحرب، فإنها تنزلق إلى مخاطر قد تدفع بموسكو للانتقام من الغرب، وحينها نكتشف أنّ واشنطن تجاوزت الخطوط الحمراء منذ فترة ليست وجيزة.
ويبدو أن نهج "غلي الضفدع"، الذي يتبناه الغرب في التعامل مع الدعم العسكري أوكرانيا يرتكز على مجموعة من الحسابات المتعلقة بالرد الروسي، وطبيعة الديناميكيات التي سيستخدمها بالمقابل. مع ذلك، فإنّ صناع القرار في المنظومة الغربية، يتشاطرون القلق من أن الزيادة المفاجئة والجذرية وحشد القوة الكاملة لترسانة حلف "الناتو" خلال فترة زمنية قصيرة جداً في أوكرانيا، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد كارثي يصل إلى استخدام الأسلحة النووية في مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف "الناتو".
يعتقد الغربيون، أنه من خلال المباعدة الزمنية بين عمليات تسليم أنظمة الأسلحة المتطورة، يمكنهم التخفيف ببطء من الخطوط الحمراء في الحرب ضد روسيا وزيادة المساعدات لأوكرانيا بأقل قدر من المخاطر.
كذلك، بدأ الحديث عن إرسال منظومة صواريخ "اتاكمس" إلى كييف، عقب الإعلان المفاجئ للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن استخدام صواريخ طويلة المدى منتجة محلياً.
وقال زيلينسكي إن "الصاروخ الغامض" تم استخدامه لضرب هدف بعيد يصل إلى 700 كيلومتر. فيما أشار أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، إلى أن السلاح الجديد يتمتع بمدى أطول من مثيله في الغرب، ولم يتم التأكد من أي تفاصيل تتعلق بهذا الصاروخ الذي لم يذكر اسمه بشكل مستقل، كما لم يتم التحقق من وجوده.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قد كرّرت الموقف بأنّ توفير أسلحة بعيدة المدى لكييف هو "خط أحمر"، من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة "طرفًا في الصراع".
ورد موسكو على مثل هذه الشحنات، كما هدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سيكون السيطرة على المزيد من الأراضي الأوكرانية: كلما قمت بتزويد الأسلحة، كلما ابتعدنا عن أراضينا حيث لا يمكن لأوكرانيا أن تضرب منه روسيا.
المؤشرات التي تشير إلى أن الولايات المتحدة تقترب من إعطاء الضوء الأخضر لتوفير منظومة صواريخ "أتاكمس" لأوكرانيا، ربما تكون مدفوعة بالتطورات المخيبة للآمال في ساحة المعركة. مع استمرار التوجه الرئيسي للهجوم المضاد الصيفي الذي طال انتظاره لأوكرانيا في منطقة زابوريزهيا الجنوبية في تحقيق مكاسب هامشية بوتيرة "أبطأ من المتوقع".
إذ يناقش المخططون وصناع السياسات الغربيون بالفعل الهجمات الأوكرانية القادمة في عام 2024 وما بعده. ويمكن للحكومات الغربية أن تتعهد بكل شيء دفعة واحدة، ولكن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن يتم تسليم الأسلحة ونشرها واستخدامها.