"جيروزاليم بوست": إيران تشعر بالقوة.. ونخبة جديدة تشكل تحدياً للغرب
وسائل إعلام إسرائيلية تتناول تقريراً شاملاً لمعهد "توني بلير" تحدث عن جماعة "جامعة الإمام الصادق" ودورها في تغيير ديناميكية النخبة الإيرانية.
ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في مقالٍ أنّ تقريراً لمعهد "توني بلير" كشف أنّ "النخبة الإيرانية الجديدة تشكل تحدياً كبيراً للغرب.. ما يعني أن النظام قد يبث بشكل واضح وصريح ما سيفعله بالضبط، بدلاً من الاختباء وراء ازدواجيته القديمة".
وفيما يلي نصّ المقال منقول إلى العربية:
مع استمرار مفاوضات صفقة إيران في أوروبا، تحاول طهران الضغط على الغرب لتخفيف العقوبات بينما تتسابق نحو أن تصبح دولة حافة نووية. يجدر التركيز على من هم قادة إيران اليوم، إذ حذر تقريرٌ جديدٌ من أن هذه ليست القيادة الإيرانية منذ عدة سنوات.
تقرير شامل أعدّه معهد "توني بلير" عن فئة جديدة من التكنوقراط ذوي التلقين العقائدي العالي (النخب الصاعدة في عهد رئيسي، جماعة جامعة الإمام الصادق، التكنوقراط في إيران)، ذكر أنّ "إدارة الرئيس الإيراني الجديد، رجل الدين الإسلامي المتشدد إبراهيم رئيسي، تتبلور الآن".
رئيسي كان طالباً ومريداً مخلصاً للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وتم إعداده ليصبح رئيساً لـ "تطهير" الجمهورية الإسلامية.
بالنسبة لخامنئي وأتباعه المتشددين، التطهير ضروري لدفع المرحلة التالية من الثورة الإسلامية - إنشاء دولة إسلامية مثالية - والتي، كما يعتقدون، لم تتحقق بعد.
هذا مهم لأنّ النظام في إيران أنتج الآن جيلاً جديداً من القادة الذين يرون مستقبل إيران في إعادة توجيهها نحو الشرق. يتضح هذا من اتفاق إيران الجديد مع الصين وكذلك المحادثات حول اتفاقية للطاقة في آسيا الوسطى.
"بالإضافة إلى تطهير النظام من التأثيرات الغربية، فإن أحد أهداف الدولة الإسلامية هو جعل الجمهورية الإسلامية أكثر كفاءة من خلال عكس عقود من سوء الإدارة الحكومية. ولتعزيز هذا الهدف، يدرك نظام الملالي في إيران أنه يتطلب تكنوقراطيين وبيروقراطيين مدربين يمكنهم تنفيذ سياسات النظام"، كما جاء في التقرير.
النخبة الجديدة ستجعل صفقة الاتفاق النووي أكثر صعوبة للدول الغربية. الإدارة الأميركية الحالية، على عكس إدارة باراك أوباما، كانت تستمع لمخاوف "إسرائيل" والخليج بشأن دور إيران في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، عقدت "إسرائيل" مؤخراً اجتماعات رفيعة المستوى مع المملكة المتحدة حول طموحات طهران النووية.
ويحذّر تقرير المعهد من أن كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا هو أحد نخبة "جماعة جامعة الإمام الصادق" الجديدة. ويصفهم البحث بأنهم تكنوقراط مُلقَّنون للغاية يجتمعون حول رئيسي.
ويكشف التقرير أن صعود "جماعة جامعة الإمام الصادق"، لأول مرة منذ 42 عاماً، يغيّر ديناميكية النخبة الإيرانية، مما أدى إلى ظهور تحالف جديد بين مكتب المرشد الأعلى وحرس الثورة الإيراني والتكنوقراط الأيديولوجيين.
سيتم الآن تنسيق أكبر مع حرس الثورة. كان هذا واضحاً بالفعل في السنوات الأخيرة، حيث بدا أنّ "الحرس" يقوم بنقل قوته من أجزاء أخرى من إيران، والاستيلاء على برامج عسكرية ودفاعية رائدة والعمل كأن وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات ملك له.
يذكر التقرير الجديد عدة شخصيات مهمة في الإدارة كرمز للاتجاه الجديد. ومن بين هؤلاء نائب وزير الخارجية الإيراني الجديد وكبير المفاوضين النوويين علي باقري كني، ووزير الاقتصاد إحسان خاندوزي ووزير العمل حجت الله عبد المالكي.
ويحذر التقرير أيضاً من أن الغرب أخطأ في قراءة بعض هؤلاء التكنوقراط. إنهم ليسوا براغماتيين، بل "أيديولوجيين متحمسين". وهذا يعني أنه "على الرغم من كونهم غير عسكريين بشكل ملحوظ، فإن مجموعة جامعة الإمام الصادق هم أيديولوجيون تماماً مثل حرس الثورة الإيراني، بعد أن خضعوا لعملية اختيار صارمة للتسجيل والخضوع لتلقين واسع النطاق للتخرج".
كسرى أرابي، كبير المحللين الإيرانيين، الذي شارك في كتابة التقرير، قال إن "سيطرة" جماعة جامعة الإمام الصادق على البيروقراطية تجعل التوصل إلى اتفاق نووي مقبول أقل احتمالية ويزيد من احتمالات أن أي أموال مخصصة للنظام من خلال تخفيف العقوبات، كجزء من عودة الولايات المتحدة المحتملة إلى الاتفاق النووي لسنة 2015، ستُخصص لتلبية الأهداف الأيديولوجية الشائنة في الداخل والخارج - وليس أقلها التشدد الإقليمي - بدلاً من حل المشاكل الاقتصادية الإيرانية.
كما أضاف أنه يجب على الغرب التعرف على هذه النخبة الإيرانية الصاعدة حتى يتمكن من التنبؤ بالاتجاه المستقبلي للنظام. وتتتبّع الورقة صعود هؤلاء الرجال، الذي يعود إلى سنوات شبابهم في عهد الرئيس السابق سيد محمد خاتمي (1997-2005) إلى رئاسة محمود أحمدي نجاد (2005-2013) ، الذي فتح آفاقاً جديدة لـ "جماعة جامعة الإمام الصادق"، ووفر لهم باباً مفتوحاً في بيروقراطية الدولة التقليدية.
في حين أن حقبة خاتمي أدت إلى ظهور "جماعة جامعة الإمام صادق"، فإنّ أفضل وصف للفترة تحت حكم أحمدي نجاد هو "مرحلة النمو". ويمكن رؤية الفتح البطيء للدولة من قبل هؤلاء الرجال في جميع المجالات. لقد زادوا من قوتهم في قطاع الإعلام وكذلك المؤسسات الأخرى.
ويقول التقرير: "تم تعيين جماعة جامعة الإمام صادق عبر البيروقراطية غير التقليدية للجمهورية الإسلامية في المؤسسات التي تديرها المؤسسة الإسلامية المتشددة، مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس صيانة الدستور وأستان قدس رضوي، وهي مؤسسة أيديولوجية خيرية يديرها المرشد خامنئي".
وهكذا، على سبيل المثال، تم استبدال خاجة سارفاري كنائب للثقافة والشؤون الاجتماعية في وزارة العلوم، التي تشرف على التعليم العالي، ولكن بعد ذلك تم تعيينه في منصب إداري في مؤسسة "العتبة الرضوية". وبالمثل، غادر خرمشاد، الذي كان من بين التكنوقراط الصاعدين في "جماعة جامعة الإمام الصادق"، بعد أن أصبح رئيساً لمنظمة الثقافة الإسلامية والاتصال في وزارة الثقافة في عهد أحمدي نجاد، وترك الحكومة ليصبح سكرتيراً لمركز الأبحاث الذي يديره خامنئي، المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية.
توفر قراءة التقرير العديد من النقاط الأخرى. من المحتمل الآن حدوث تحولٍ بعيدٍ عن الغرب. إذا كانت إيران في الماضي قد أبدت وجهاً لطيفاً، حيث كانت تُرسل محمد جواد ظريف مثل قطة "شيشاير" لتبتسم مع نظرائها الغربيين، فإن إيران اليوم ترى استخداماً أقل للغرب. قد يعني هذا من بعض النواحي أنه في محادثات فيينا، ستعرض إيران على الغرب أمراً واقعاً: أعطونا صفقة أو نرحل.
إيران تشعر بالقوة. على الرغم من الضغوط الأميركية القصوى خلال عهد ترامب، وصل النظام الإيراني إلى مستويات جديدة من القوة.
بالنسبة لواضعي السياسات، أصبحت حقيقة النظام الإيراني واضحة الآن. فبدلاً من عرض الكلب والمهر الذي كان يتكرر في المحادثات مع الغرب، مع وجود "المعتدلين" في متناول اليد للتحدث باللغة الغربية بينما كان "المتشددون" يسيطرون على الأمور في الوطن، الآن النظام الإيراني يبدو مثلما هو.
هناك تناقضات أقل الآن بعد أن وصل هؤلاء الرجال إلى السلطة. وهذا يعني أن النظام قد يبث بشكل واضح وصريح ما سيفعله بالضبط، بدلاً من الاختباء وراء ازدواجيته القديمة.