تخمر الخلاف بين زيلينسكي وبروكسل

يبدو أن الاتفاق على حظر نفطي روسي معوق، في حين أنّ القمة المقبلة لا تبدو أكثر من مجرد وسيلة للتحايل على الحقائق. الأمر الذي يجعل زيلينسكي يشعر بإحساس متزايد بالإحباط من بروكسل، وهو محق بذلك.

  • الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مخاطباً الاتحاد الأوروبي (أرشيف)
    الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مخاطباً الاتحاد الأوروبي (أرشيف)

بدا واضحاً في قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة، إستمرار الخلاف حول خطط فرض حظر على استيراد النفط الروسي. فالقضية المطروحة تتجاوز مجرد الحصول على موافقة بالإجماع، في مواجهة تحديات قاسية، وتطال مختلف القطاعات الانتاجية وتفرض حسابات دقيقة على الدول الأعضاء في نادي بروكسل.

انجاز الاتفاق الكامل لا يلوح في الأفق القريب، لكن المستشار الألماني أولاف شولتز كان ثرثاراً ومتفائلاً بشكل مفاجئ خلال القمة. ووفقاً له، فقد أثبتت أوروبا قدرتها على العمل بشكل موحد بشأن العملية العسكرية الخاصة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، ويعتقد أنّ الاتحاد الأوروبي سيزاول في مواقفه.

ومع ذلك، فإنّ خطاب شولتز يتناقض مع الوضع الراهن، لأن الشعور بالوحدة موجود فقط على المستوى الخطابي. والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يعرف ذلك، ويشعر بالمرارة من الانقسامات المتزايدة و فشل جميع الدول الأعضاء في دعم الحظر النفطي. وطالب الغرب بـ"الكف عن العبث مع روسيا وفرض عقوبات أشد على موسكو". فمن وجهة نظره هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تنتهي بها الحرب.

تواصل المجر ودول أخرى معارضة الحظر نظراً لاعتمادها الشديد على مصادر الطاقة الروسية. وهي تستخدم حق النقض الفيتو المتاح لأي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، ولا يتطلب الأمر إلا قول "لا" لإفساد صفقة ما.

هكذا تبخرت أوهام التصويت بالإجماع إدراج الرياح. وأطاحت بها إعفاءات واستثناءات على الحظر المذكور. وهذه على وجه التحديد واحدة من المشاكل الأساسية والمتكررة للاتحاد الأوروبي وتكمن في مفارقة غير مرغوب فيها: في أن الإستثناء يعني أنّ الوحدة التي سعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقها منذ فترة طويلة غير موجودة بالفعل.

فقد يمكن لدول الاتحاد الأوروبي التنسيق بشأن مشترياتها من الغاز المسال والهيدروجين، لكنها بعيدة عن حلّ مشكلات مزمنة حول الوحدة والإنفاق على الشأن العسكري، في حين أنّ السؤال الأساسي الغائب عن كيف ينبغي تمويل إعادة إعمار أوكرانيا؟

منذ نحو ثلاثة أشهر اجتمعت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ومنظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ودول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث شدد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل على تنفيذ العقوبات على الكرملين من اجل الضغط لإنهاء الحرب عبر وحدة متينة أوروبية كما قال.

مع ذلك، لا تزال بروكسل بعيدة عن "الوحدة الصلبة"، ولا يعتقد أنّ القمة الأوروبية المقررة عقدها في نهاية الشهر الجاري، ستكون أكثر نجاحاً في تحقيق أهدافها. وعلى سبيل المثال، تعارض هولندا وفرنسا منح أوكرانيا صفة المرشح لعضوية الاتحاد، بمقابل تأييد العديد من الأوروبيين الشرقيين. وكما يحدث كثيراً من قبل، تعيق التفاصيل الصغيرة بروكسل، التي تتجاهل الصورة الكبيرة والتناقضات الأساسية التي اختبرت وحدة الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بأوكرانيا.

ففي حين تفضل باريس وبرلين، العاصمتان الرئيسيتان للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حلاً سلمياً مبكراً في أوكرانيا، حتى لو كان على كييف التنازل عن جزء من أراضيها لروسيا ودول أخرى. لكن دول أوروبا الشرقية بتحريض ومع الولايات المتحدة ترغب بإطالة مد الصراع، في محاولة لإضعاف روسيا.

عليه، يبدو أن الاتفاق على حظر نفطي روسي معوق، في حين أنّ القمة المقبلة لا تبدو أكثر من مجرد وسيلة للتحايل على الحقائق. الأمر الذي يجعل زيلينسكي يشعر بإحساس متزايد بالإحباط من بروكسل، وهو محق بذلك.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

https://news.cgtn.com/news/2022-05-31/A-rift-between-Zelenskyy-and-Brussels-keeps-brewing-1atUP9Tlc9W/index.html

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.