"المونيتور": واشنطن تأمل أن يؤدي الاتفاق السعودي الإيراني إلى حل شامل للأزمة اليمنية

الاتفاق السعودي الإيراني ينصب التركيز الرئيسي فيه على تطبيع العلاقات بين البلدين، لكن من المتوقع أن يستفيد الوضع في اليمن من الاتفاق.

  • جانب من الدمار نتيجة القصف السعودي على اليمن
    جانب من الدمار نتيجة القصف السعودي على اليمن

زعم مسؤول حكومي أميركي كبير في حديث لموقع "المونيتور" الأميركي قائلاً إن التقارب بين السعودية وإيران قد يحد من تهريب الأسلحة إلى "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن ويزيد الضغط عليهم بعد ثماني سنوات من الحرب الشاقة.

وقال الموقع إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الصين هذا الشهر لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين الإقليميتين الكبيرتين سيخضع للاختبار في اليمن، مكان حرب بالوكالة بين المملكة العربية السعودية، التي تقود تحالفاً عسكرياً يدعم الحكومة المعترف بها دولياً، وإيران التي تدعم "المتمردين الحوثيين" في البلاد، بحسب "المونيتور".

لقد تباطأ الصراع الدموي، الذي أدى منذ عام 2014 إلى نزوح ملايين الأشخاص ودفع اليمن إلى حافة المجاع، إلى طريق مسدود بحلول الوقت الذي تم فيه التوصل إلى هدنة بوساطة الأمم المتحدة في أبريل الماضي. وقبل أن ينهار في تشرين الأول / أكتوبر الماضي، أدى وقف إطلاق النار إلى انخفاض حاد في عدد الضحايا، وإنشاء رحلات جوية دولية محدودة من المطار في صنعاء التي يسيطر عليها "أنصار الله" (الحوثيون"، وزيادة شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة الذي يسيطرون عليه.

وأضاف "المونيتور" أن البنود الدقيقة للاتفاق السعودي الإيراني ليست علنية، لكن المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة قال للمونيتور إنه بينما ينصب التركيز الرئيسي على تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية، "فمن المتوقع أن يستفيد الوضع في اليمن من هذه الاتفاقية".

وتابع: يُعتقد على نطاق واسع أن السعوديين حصلوا على بعض التأكيدات بأن إيران ستمارس الضغط على الحوثيين في اليمن، حيث يقول مسؤولون غربيون إن المساعدات العسكرية من إيران عززت المجهود الحربي للمقاتلين (الحوثيين) وهجماتهم عبر الحدود على السعودية المجاورة.

وقال المسؤول الأمبلاكي الكبير الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "أعتقد أن الحوثيين يشعرون ببعض الضغط بسبب الاتفاق السعودي الإيراني. إنهم يعلمون أنه إذا تم المضي قدماً (في الاتفاق)، فهذا يعني أنهم سيحصلون على القليل من الإيرانيين من حيث الأسلحة".

وزعم المسؤول الأميركي: "زوار طهران يذهبون ويتلقون أشياء لطيفة للغاية تُقال عن التزام [الإيرانيين] تجاه اليمن، ثم يستمر تهريب الأسلحة. هل سنكون قادرين على كسر هذا النمط الآن، بهذه الاتفاقية؟ أعتقد أن هذا ما نأمله".

وصادرت القوات البحرية الغربية في الأشهر الأخيرة بنادق هجومية وذخيرة وأسلحة أخرى مخبأة على متن عدة سفن يبدو أنها كانت متجهة إلى اليمن. وتقول طهران إنها تقدم الدعم السياسي لأنصار الله لكنها تنفي تزويدهم بالتدريب والأسلحة التي تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في 2015.

ولمنع تدفق الأسلحة غير المشروعة، تخضع الواردات التجارية في موانئ البحر الأحمر اليمنية لنظام التفتيش التابع للأمم المتحدة الذي يتم فرضه بإحكام من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية الموالية لها. 

وإنهاء عمليات التفتيش هو مطلب رئيسي لأنصار الله في محادثاتهم المباشرة مع السعودية التي أحياها الجانبان العام الماضي.

وقال عبد الغني الإرياني، الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن التجار اليمنيين يقولون إنهم لم يخضعوا لطبقة إضافية من التدقيق للتحالف بقيادة السعودية في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه "أنصار الله"، حيث تضطر السفن التجارية عادة إلى الانتظار في منطقة احتجاز قبل أن يتم تفتشيها للرسو.

وقال المسؤول الأميركي "للمونيتور" إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق، لكن "العمليات البيروقراطية لتفريغ السفن في الحديدة قد تم تقليصها". وأضاف: "أعتقد أن السعوديين على وجه الخصوص يريدون إبداء بعض المرونة التي يفهمونها أنه بينما لا يوجد حصار، هناك خطوات إضافية يمكن تقليصها".

بالإضافة إلى رفع القيود في مطار صنعاء وميناء الحديدة، طالب "أنصار الله" كذلك بدفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم باستخدام عائدات النفط والغاز الحكومية.

وقال الارياني إن "السقف الذي يتفاوضون عليه مرتفع للغاية. أنا متأكد من أن الإيرانيين حريصون على الحفاظ على الاتفاق مع السعودية، مما يعني أن الإيرانيين سيبذلون قصارى جهدهم لإقناع الحوثيين بتقديم مطالب معقولة".

كما حضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "أنصار الله" على إبداء مزيد من المرونة في محادثات الهدنة وتواصلت مع مسؤولي التنظيم الذين استضافتهم العاصمة العمانية مسقط.

وقال المسؤول الأميركي الكبير عن "أنصار الله": "إنهم جماعة يجب أن تؤخذ احتياجاتها في الاعتبار، لذلك من المهم للغاية الحفاظ على الاتصال المباشر من دون المرور عبر وسطاء آخرين".

وأشار الموقع الأميركي إلى أنه يُنظر إلى اندلاع القتال في الآونة الأخيرة، بما في ذلك في محافظة مأرب الغنية بالنفط في اليمن، على أنه محاولة من قبل "أنصار الله" لتحسين قدرتهم على المساومة في المفاوضات. في الأسبوع الماضي، نجا وزير الدفاع للحكومة اليمنية الموالية للسعودية بصعوبة من هجوم بطائرة بدون طيار على موكبه في مدينة تعز بجنوب غرب اليمن. كما أعلن حكومة صنعاء تعليق الرحلات الإنسانية من مطار صنعاء لمدة خمسة أيام هذا الأسبوع.

وقال المسؤول الكبير في الحكومة الأميركية عن التصعيد "إن الحوثيين يجهدون للحصول على كل ميزة".

وعلى الرغم من كونها خطوة أولى إيجابية، يقول الخبراء إن الاتفاق المحتمل الذي قد يتوصل إليه "أنصار الله" والسعودية لن يعالج المظالم الطويلة الأمد التي يعاني منها اللاعبون الرئيسيون الآخرون في اليمن. كما أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المفاوضات بين السعودية و"أنصار الله" يمكن أن تمهد الطريق فعلياً للمحادثات التي تقودها الأمم المتحدة والتي ستشمل مجلس القيادة الرئاسي التابع للحكومة (الموالية للسعودية) ومنافسين يمنيين آخرين.

وقالت فينا علي خان، الباحثة التي تركز على اليمن في "مجموعة الأزمات الدولية": "لا أستطيع أن أرى سبب تحفيز الحوثيين للانخراط في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة إذا حصلوا بالفعل على ما يريدون من السعوديين. فمجلس القيادة الرئاسي، يريدون المشاركة في المناقشات، لكنهم لا يزالون يفتقرون إلى استراتيجية تفاوضية واضحة".

وأوضح الموقع أن مجموعة اللاعبين المستبعدين من المفاوضات السعودية-الحوثية تشمل مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والذي قال إنه لن يلتزم بأي اتفاقات يتم التوصل إليها بشأن قضايا الحكم أو الموارد أو الأمن في الجنوب.

وقال المسؤول الأميركي الكبير إن واشنطن تسعى إلى "اتفاق شامل" لإنهاء الحرب متعددة الأوجه في اليمن - وليس فقط مشاركة السعودية فيها - الأمر الذي سيتطلب في النهاية محادثات سلام تمثل جميع اليمنيين. وأضاف: "السعوديون وإيران يتحدثون، والسعودية والحوثيون يتحدثون - يمكن أن يقودنا هذا إلى أبعد من ذلك، لكن لا يوصلنا إلى خط النهاية. عليك إنشاء منصة لليمنيين حتى يتمكنوا من الالتقاء معاً".