العاصفة في الولايات المتحدة تكشف عجز النظام الرأسمالي

يتناول المقال الرأسمالية ونظامها القائم على أرباح الأغنياء، وعجزها عن تلبية احتياجات الناس، انطلاقاً من العاصفة الثلجية التي اجتاحت الولايات المتحدة مؤخراً.

  • سيارات مهجورة في بوفالو، نيويورك، بسبب العاصفة الثلجية - 26 كانون الأول /ديسمبر 2022
    سيارات مهجورة في بوفالو، نيويورك، بسبب العاصفة الثلجية - 26 كانون الأول /ديسمبر 2022

نشر موقع "The World Socialist Web Site" مقالاً للكاتب، صموئيل ديفيدسون، تحدّث فيه عن العاصفة الثلجية التي اجتاحت الولايات المتحدة، والتي كشفت عجز النظام الرأسمالي على تلبية احتياجات الغالبية العظمى من الشعب.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية: 

كشفت العاصفة وموجة البرد القارص التي تجتاح معظم أرجاء الولايات المتحدة، عجز النظام الرأسمالي، في التعامل مع الاحتياجات الأساسية للناس، وعن تخفيف التأثير المدمر للتغير المناخي، الناجم في الأصل عن النظام الرأسمالي الجشع.

حتى الآن، تأكد وفاة ما يقرب من 60 شخصاً، نصفهم في مقاطعة بافالو، في ولاية نيويورك. ومن المؤكد أنّ هذا الرقم سيرتفع مع وصول طواقم الإنقاذ إلى المنازل، التي انقطعت عن الكهرباء والسيارات المدفونة في الجليد.

بافالو، مثل معظم المدن الأميركية، لا تدير أي ملاجئ للمشردين، ففي ظل الرأسمالية الشرسة، لا تُعتبر الرعاية الصحية وإعالة المشردين وإنهاء الجوع والفقر، مسؤولية اجتماعية للدولة.

في وقت مبكر من العاصفةـ، أعلن مسؤولو ولاية نيويورك، حالة الطوارئ، لكن المساعدة الفعالة لم تبدأ في الوصول إلاّ في وقت متأخر جداً، بسببب مزيج من اللامبالاة المطلقة، تجاه محنة الفقراء وصغار الكسبة. إضافةً إلى الحسابات الباردة لتجنب تكلفة العمل الإضافي لتوظيف سائقين ومقاولين تزيل الثلوج التي تتراكم منذ عشية عيد الميلاد.

اكتفى السياسيون، مثل عمدة بوفالو بايرون براون، وحاكمة ولاية نيويورك، كاثي هوشول، والرئيس جو بايدن، وجميعهم من "الحزب الديمقراطي"، بأنهم يبذلون كل ما في وسعهم، ويتوجهون بصلواتهم إلى عائلات وأصدقاء الذين لقوا حتفهم يوم الاثنين الماضي.

أثناء استعداده للمغادرة لقضاء إجازة في جزر فيرجن الأميركية، مع السيدة الأولى جيل بايدن، وقع الرئيس بايدن إعلان طوارئ لغرب ولاية نيويورك. 

وصفت حاكمة نيويورك، العاصفة بأنها "العاصفة الأكثر تدميراً في تاريخ بافالو الطويل". وقد أطلقت وسائل الإعلام على هذه الأحداث اسم "عاصفة القرن"، كما لو كان من المستحيل الاستعداد لها، لدرجة أنها تبرر لسقوط عدد كبير من الضحايا، كنتيجة لا مفر منها. وما على السكان إلاّ قبول العيش بدون الخدمات الأساسية، من بنى تحتية إلى الطرق والطاقة والصيانة الضرورية.

في حين تم التنبؤ بالعاصفة قبل أسبوع من وقوعها، وكان يمكن مشاهدتها تتطور لعدة أيام، مع هبوط سريع لدرجات الحرارة، لم يتخذ المسؤولون أي إجراء لضمان فتح الطرق، أو إنشاء ملاجئ طارئة للمشردين، وللذين فقدوا منازلهم وتقطعت بهم السبل. 

علاوة على ذلك، صرح المسؤولون في ولاية نيويورك، بأنه تم تحذير الناس من السفر أثناء العاصفة، مما يعني أن الخطأ يقع عليهم. وعليه، لم يتم إصدار أوامر للشركات بالإغلاق قبل أن تضرب العاصفة، وكان العديد من العائدين من العمل محاصرين.

حتى صباح الثلاثاء، أفاد مسؤولو مدينة بافالو، أن أكثر من 13% من السكان ما زالوا بدون كهرباء. وأبلغ عدد كبير من السكان عن نفاد الطعام لديهم، بسبب إغلاق الطرق وعدم قدرة الوصول إلى المتاجر. 

بينما تشهد بوفالو أسوأ عدد في خسائر الأرواح، كان للعاصفة تأثير مدمر في جميع أنحاء البلاد، واتضح أنّ السلطات لا تدرك حتى الآن حجم المشكلة، وإدارة بايدن، تتفاخر بأنها أقرت للتو من ميزانية عسكرية قياسية، بلغت 857.9 مليار دولار، على حساب تخفيض البرامج الاجتماعية للطبقة الفقيرة. وبين ميزانية العام الماضي والميزانية الجديدة، ستنفق إدارة بايدن ما يقرب من 100 مليار دولار لحرب حلف "الناتو"، بالوكالة في أوكرانيا، ضد روسيا.

لقد أثبتت الرأسمالية، ونظامها القائم على أرباح الأغنياء، أنّها غير قادرة على تلبية احتياجات الغالبية العظمى من الشعب، بغض النظر عن ماهية المشكلة، عما إذا كانت في الاحتباس الحراري، أو الوباء، أو التهديد بالحرب النووية، أو الرعاية الصحية، والإسكان، والغذاء، والتعليم، فليس لديها حل.

فقط حين تسيطر الشعوب على مقدراتها، يمكن معالجة هذه المشاكل الاجتماعية الكبرى، عبر إدارتها بطريقة ديمقراطية، لتلبية احتياجات الجميع، وليس قلة قليلة من الناس.

نقله إلى العربية: حسين قطايا