أوقفوا الثور !
في 12أيار/ مايو المقبل، من المفترض أن يوقّع ترامب على تأجيل فرض العقوبات على إيران. إذا لم يوقّع، أجهزة الطرد المركزي ستبدأ بالدوران من جديد في "ناتنز" ويعود البرنامج النووي الإيراني إلى الحياة. ترامب مصمم على فعل هذا، مثلما أنه مصمم، وبهوس، على إلغاء كل إنجازٍ لسلفه أوباما. كما أنه يعلم ان قاعدته السياسية ستنفعل وتسعد إذا ما أنزل بالإيرانيين الأشرار عقوبات خانقة من جديد".
من المشكوك فيه أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد قرأ ذات مرة بالكامل اتفاق الدول الكبرى مع إيران. لكن حتى قبل جلوسه في المكتب البيضاوي، خلال حملته الانتخابية، وعد بتمزيقه إلى أشلاء وقال "إنه أسوأ اتفاق في التاريخ".
بحركة يد عصبية صدّ كل الخبراء الذين قالوا له إن اتفاقاً غير مثالي أفضل من غياب اتفاق، وأنه من الأفضل للولايات المتحدة إظهار أنها تفي بالاتفاقات، سيما في هذه النقطة الزمنية الحساسة التي يتوقع فيها العالم تحقيق اتفاق مشابه مع كوريا الشمالية. لماذا تصدّق بيونغ يانغ الولايات المتحدة إذا كانت لا تفي بالاتفاق مع طهران؟.
والآن حان وقت وفاء الدين.."في 12أيار/ مايو المقبل، من المفترض أن يوقّع ترامب على تأجيل فرض العقوبات على إيران. إذا لم يوقّع، أجهزة الطرد المركزي ستبدأ بالدوران من جديد في "ناتنز" ويعود البرنامج النووي الإيراني إلى الحياة. ترامب مصمم على فعل هذا، مثلما أنه مصمم، وبهوس، على إلغاء كل إنجازٍ لسلفه أوباما. كما أنه يعلم ان قاعدته السياسية ستنفعل وتسعد إذا ما أنزل بالإيرانيين الأشرار عقوبات خانقة من جديد".
ترامب مقتنع أيضاً انه يزرع لهم فخاً: بغبائهم سيرتكبون خطأً، ويعودون لتطوير سلاحٍ نووي في الظلام، وعندها سيكون له مبرر ليس فقط لخنقهم اقتصادياً بل وأن يريهم أيضاً بأس ذراعه العسكرية. الإيرانيون مدركون لحقيقة أنه سينتظرهم على الزاوية: إنهم أذكى منه بكثير. سيحسّنون أحابيلهم. ما هو أكيد هو أنه إذا خرج ترامب فعلاً من الاتفاق النووي، مثلما يبدو الآن، هذه ستكون خطوة ستتسبب بعدم استقرار إقليمي وعالمي – وهذا هو بالضبط ما يخافون منه، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل وأيضاً في الاتحاد الأوروبي وروسيا. هذا هو السبب في أن الهجمة الصاعقة لوقف ترامب وتغيير رأيه بدأت أمس في واشنطن مع وصول ماكرون، ثم تليه ميركل: كلاهما سيحذّران الرئيس من أن خطوة كهذه من جانبه يمكن أن تُشعل العالم.
ماكرون سيُحتفى به في واشنطن احتفاء الملوك، وترامب لم يُخفِ انفعاله منه عندما زار فرنسا. لكن ترامب لا يقدّر ميركل، وهو لا يطيقها. إذا كان هناك من أحد يمكنه إقناع ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي فهو ماكرون، ومن الصعب التصديق أنه سينجح. حتى السِحر الفرنسي لديه حدود. لكن كلاهما يصلان إلى واشنطن من أجل وقف الثور الهائج.
ترامب مصمم.. الرئيس الذي يؤمن بنظرية الفوضى، أثبت أنه ليس لديه كوابح.. من ناحية إيران، انسحاب أميركي من الاتفاق النووي، هو انهيار كل الاتفاقات. وسبق وأعلنت على سلان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف: "كل شيء أو لا شيء". معنى الأمر هو أنه لن يكون هناك رقابة على المواقع النووية في إيران، ويمكنها فعل ما تريد – وأصلاً ليس لديها ما تخسره لأنها سبق وحصلت لحظة التوقيع على الاتفاق النووي على غالبية أموالها المجمّدة.
إلا أن ترامب، الذي يقول عن نفسه أنه يفهم أفضل بكثير من الجنرالات، ينوي تحطيم الأدوات. في القدس سيصفّقون له، وفي طهران سيخرجون أحراراً مع طموح متزايد لرفع العلم النووي من جديد، وفي أوروبا سينظرون عاجزين إلى مسيرة الغباء الخارجة على أصوات طبول الحرب المدوية من البيت الأبيض.