زيارة نتنياهو إلى الهند هامة لكنها ليست تاريخية

تبدو الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الهند أقل من أن توصف بالتاريخية بالرغم من أهمّيّتها، وضخامة الوفد الإسرائيلي الذي ضم رجال أعمال ومدراء شركات.

لا يقتصر التعاون بين الهند وإسرائيل على المجال العسكري بل يتعداه أيضاً إلى مجال الفضاء والاستخبارات

مع كل الأهمية للزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الهند الأسبوع القادم فإن الحديث لا يدور عن زيارة تاريخية. فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين عام 1993 زار الهند وزير الخارجية شمعون بيريس (1993)، والرئيس عيزر فايتسمان (1996)، ورئيس الحكومة اريئيل شارون (2003)، بالإضافة إلى الكثير من الوزراء. وبذلك نجد أن الحديث يدور عن زيارة عادية في سلسلة من الزيارات التي سبقتها.

وإذا ما أردنا الحديث عن "التاريخية" فإن ذلك قد حدث قبل حوالي نصف عام عندما أصبح القومي الهندوسي ناريندرا مودي أول رئيس حكومة هندي تطأ قدماه الأرض المقدسة وغطّسها في البحر الأبيض المتوسط، وتم توثيق ذلك بصورة مشتركة مع نتنياهو.

وربما يكون الشيء الأبرز في زيارة نتنياهو القريبة هو الحجم الكبير جداً للوفد المرافق له من رجال الأعمال ومدراء الشركات. وحتى أنه، في هذا الأمر بالذات، لا يوجد ما هو استثنائي وذلك لأن رؤوساء الحكومات الغربية معتادون على ضم وفود كهذه خلال زياراتهم إلى الدول الأجنبية وذلك على أمل أن يساعد الأمر في تحسين تجارة بلدانهم مع الهند التي تُعتبر، إلى جانب الصين، أكبر دول العالم من حيث عدد السكان (حوالي 1.3 مليار نسمة).

والحقيقة أن الكثيرين من رجال الأعمال المشاركين في الوفد المرافق هم من شركات الصناعات الأمنية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة. وهذا ليس بالصدفة. فخلال العقد والنصف الأخيرين تحولت إسرائيل إلى المورّد الثاني للأسلحة، من حيث الأهمية، للهند بعد روسيا. فقد باعت إسرائيل للهند طائرات الإنذار الجوي من نوع فالكون، صواريخ من مختلف الأنواع، والرادار "اورن ياروك"، سفن حربية، وطائرات غير مأهولة، مدافع، تكنولوجيات السايبر والاستخبارات وغير ذلك. كما قامت الوحدات الخاصة التابعة للجيش وللشرطة الإسرائيليين بالتدريب، والتدرّب، والتعاون مع نظرائهما في الهند. كما جرى التعاون بين سلاحي الجو في البلدين.

ولا يقتصر التعاون بين الهند وإسرائيل على المجال العسكري بل يتعداه أيضاً إلى مجال الفضاء والاستخبارات، حسبما جاء في وسائل الإعلام الهندية، وكذلك في المجال النووي. ويبدو، للوهلة الأولى،  أن السبب الذي يقف وراء هذه العلاقة الوثيقة في كل هذه المجالات هي الباكستان، الدولة الإسلامية التي تمتلك (مثل الهند) سلاحاً نووياً، وتصدر الإرهاب الإسلامي المتطرف من أراضيها. ووفق التقديرات الحذرة فإن مجمل المبيعات الإسرائيلية إلى الهند، على مدى هذه الفترة (العقد ونصف العقد الأخيرين)، يتراوح بين 10 – 15 مليار دولار.

لكن الهند تمر خلال السنوات الأخيرة، في ظل حكم مودي، بتغيير يُلحق الضرر، وقد يُلحقه بشكل أكبر في المستقبل، بموقعها كأحد أكبر الأسواق للصناعات الأمنية الإسرائيلية. فالهند ترغب في نقل خطوط إنتاج منظومات الأسلحة إليها وذلك بهدف توفير فرص عمل للسوق المحلي. وبالفعل فإن العديد من شركات الصناعات العسكرية الرائدة في إسرائيل، مثل "رافائيل" و "الصناعات الجوية" و "الصناعات العسكرية" و"إلبيت"، قد أقامت خلال السنوات الأخيرة ممثليات كبيرة في الهند، واشترت مصانع لها هناك، أو دخلت في شراكات مع شركات محلية هندية. 

ولكن يبدو أيضاً أن هذا الأمر غير كافٍ. إذ أعلنت وزارة الدفاع الهندية بشكل رسمي قبل أسبوعين أنها قد ألغت صفقة ضخمة بقيمة نصف مليار دولار لشراء صواريخ مضادة للدبابات من نوع "سبايك" من إنتاج "رافائيل". وفي إسرائيل يعيدون الإلغاء إلى صراع القوى داخل الحكم في الهند، ولكن ربما يكون وراء ذلك أيضاً إشارة إلى أن الهند بدأت بفطم نفسها عن ضرع صناعة الأسلحة الإسرائيلية. إلا أن هذا لا يعني أنها لن تستمر في شراء كل ما تجده حيوياً أو متطوراً، لكنه من المناسب البدء في الحكومة (الإسرائيلية) بالبحث عن مسار تجاري جديد وأن يفهموا أنه ربما من الأفضل الاستثمار في التكنولوجيا والمنتجات المدنية للسوق الهندي الضخم وللطبقة الوسطى الآخذة في الاتساع هناك.

ترجمة: مرعي حطيني