الأطراف غير معنية بمواجهة عسكرية لكنها تواصل الاستعداد لها
اكتشف الجيش الإسرائيلي يوم أمس، داخل الأراضي الإسرائيلية، نفقاً هجومياً تم حفره من غزة وقام بتفجيره. وقد قُتل في عملية التفجير، حسب ادعاء الفلسطينيين، 7 عناصر من حركتي حماس والجهاد الإسلامي بما في ذلك مسؤول كبير. وأكدت حركة الجهاد الإسلامي أنها سترد على ذلك فيما تبذل حركة حماس الجهود لتهدئتها حتى لا تقوم بانتهاك وقف إطلاق النار مع إسرائيل وتخريب جهود المصالحة مع السلطة الفلسطينية.
وهذه هي المرة الأولى، منذ عملية "الجرف الصامد" قبل حوالى 40 شهراً، التي يتم فيها اكتشاف نفق جديد في طور البناء. وقد رفض الجيش الإسرائيلي الكشف عن العمق الذي وصل إليه النفق والمسافة التي قطعها داخل الأراضي الإسرائيلية – هل كانت بضع أمتار أم العشرات منها. ويمكن الافتراض أنه تم اكتشاف النفق عن طريق الدمج بين المعلومات الاستخبارية وتكنولوجيا الكشف عن الأنفاق المتوفرة لدى الجيش الإسرائيلي.
وهناك احتمال آخر يمكن ترجيحه وهو أن الجيش الإسرائيلي قد عرف بموضوع النفق في الوقت الذي كان يُحفر فيه في قطاع غزة، إلا أنه انتظر حتى وصوله إلى إسرائيل ليقوم بتفجيره. وذلك حتى لا يُتهم بانتهاك سيادة حماس في غزة، وهو الأمر الذي كان من شأنه أن يتسبب بالتوتر، وبإطلاق الصواريخ، أو رمايات من نوع آخر على طول الحدود، والتصعيد.
وقد أكد وزير الأمن أفيغدور ليبرمان والناطق باسم الجيش الإسرائيلي، بعد الكشف عن العملية، أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد وأنها تتطلع إلى الحفاظ على الهدوء على الحدود، في الوقت الذي لن يكون بوسعها تحمل أي خرق لسيادتها، على النحو الذي حدث يوم أمس.
كما أن الجيش الإسرائيلي يرفض التعليق على تقارير، في وسائل إعلام فلسطينية، والتي قالت إنه قد تم استهداف النفق من الجو. وإذا كان هذا هو ما حدث بالفعل، فإن العملية تحولت إلى نموذج لتدريب سلاح الجو (الإسرائيلي) على استخدام التكنولوجيا والأسلحة الخاصة بتفجير الأنفاق.
إلا أن الخبر المثير حول اكتشاف النفق الهجومي لا يغيّر شيئاً من الواقع الإستراتيجي السائد على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة. وهو يؤكد لنا فقط ما كنا نعرفه من قبل وهو أن حماس تبذل أقصى ما تستطيع من أجل تعزيز قدراتها العسكرية والتزود بالأسلحة والاستعداد للمواجهة القادمة. مثلما تفعل إسرائيل بالضبط. كما أن الخبر يؤكد حقيقة أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي لم تتخليا عن حفر الأنفاق كإحدى الوسائل الموجودة في صندوق الأدوات العسكرية لديهما، وذلك على الرغم من قيام إسرائيل ببناء الجدار تحت الأرض والذي من المقرر أن يحيط بكامل القطاع بعد عامين.
وربما يكون هذا النفق قد حُفر بالذات من أجل هذا الجدار (العائق) الذي يتواصل بناؤه وذلك بهدف الكشف عن قدرته على كشف الأنفاق وقطعها. وقد حال اكتشاف النفق وتفجيره دون دخول حماس (وإسرائيل أيضاً) في هذا الاختبار وذلك لأن الجدار في المنطقة التي حدثت فيها العملية (على مسافة كيلومترين من كسوفيم، قبالة خانيونس) سيقام بعد حوالي سنة. ومهما يكن من أمر فإن تقديرات الوضع الإستراتيجي لم تتغير بعد حادث الأمس. فالطرفان غير معنيين – إلى الآن – بجولة رابعة من الحرب. إسرائيل، لأنها تريد الحفاظ على الهدوء في الجنوب وإفساح المجال أمام استمرار الازدهار الاقتصادي فيه، وتفادي الحرب وسقوط الضحايا. وحماس،لأنها لا تزال معزولة على الصعيد السياسي، وهي تبحث عن مصر وإيران ليمنحاها الرعاية والدعم، وتستمر في جهود المصالحة مع السلطة الفلسطينية، ويائسة من إعادة تأهيل القطاع اقتصادياً ومن محدودية قدراتها العسكرية.
ترجمة: مرعي حطيني