عملية تل أبيب: إسرائيل تمتحن جرحها

عملية تل أبيب تتصدر الصحافة الإسرائيلية قراءة وتحليلاً ورسماً للسيناريوهات المقبلة. وما بين الحديث عن ضرورة تشديد القبضة على الفلسطينيين يأس إسرائيلي من نجاعة الخطوات الإسرائيلية فالانتفاضة الثالثة "على ما يبدو لن تخبو بسرعة" تقول هآرتس.

عملية تل أبيب أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين
"حل سياسي فقط" تحت هذا العنوان جاءت افتتاحية "هآرتس" التي رأت في عملية تل أبيب أول من أمس دليلاً على أن "موجة العنف التي عرفت كالانتفاضة الثالثة لم تخبو وهي على ما يبدو لن تخبو بسرعة أيضاً".
وقالت الصحيفة "تنافس وزراء الحكومة فيما بينهم من ينشر بياناً أكثر تطرفاً" لكنها اعتبرت أن أقوالهم المتحمسة والعليلة مثل خطوات العقاب الجماعي ليست لها أي قيمة حقيقية. فهي "لن تضمن حياة مواطن اسرائيلي واحد، بل تعمق فقط الإحباط والكراهية لدى من فرض عليهم العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، ونهايتها أن تدفع المزيد من الشبان إلى الإرهاب".  
 واعتبرت الصحيفة أنه من المذهل "كيف أن حكومة إسرائيل لا تستخلص الدرس وتستوعب ما كان يفترض أن يكون واضحاً منذ زمن بعيد: الإرهاب سيستمر طالما لا يوجد أفق أمل للشعب الفلسطيني. فلا يمكن لأي خطوات عسكرية أن تقضي عليه ولن تتمكن أي تصريحات متبجحة من أن تضع حداً له".

بين غزة وشارونا

ألون بن ديفيد في "معاريف" رأى أن الهدف من المشاورات الأمنية التي يعقدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فور كل عملية صعبة هو مجرد وجودها. "الشعور بأننا نفعل شيئاً ما، وننقل للجمهور رسالة بأن أحداً ما يعالج الأمور ولا يمر عليها مرور الكرام".

وكتب في مقالته التي حملت عنوان "بين غزة وشارونا" "دوماً سيكون هناك من سيطرح الاقتراح لمعاقبة عموم الفلسطينيين بإلغاء التصاريح أو التسهيلات. رئيس الأركان في الغالب سيفرح بأن هذا سيحقق أثراً معاكساً – سيدفع المزيد منهم إلى دائرة الإرهاب. وأول أمس، وعن حق، لم يعارض. فليس معقولاً أن يتمتع الفلسطينيون بتسهيلات رمضان في الوقت الذي يحتفلون فيه بالقتل في تل أبيب".

بن ديفيد اعتبر أنه "للحظة، في الأسبوع الماضي، كان وهم ما بأن هذا بات خلفنا. إن الظاهرة لن تختفي. فالجدران العالية التي أقمناها على الحدود قد توقف المخربين، ولكنها لا تمنع الأفكار العنيفة من التسلل إلى قلوب وعقول الفلسطينيين. أجواء العنف التي تحيط بالمنطقة ستجد دوماً المزيد من الشبان الذين سيرغبون في الأخذ بها".

ودعا الكاتب الإسرائيلي إلى "عدم التسليم بهذه الظاهرة ومواصلة القتال ضدها" مشيراً إلى أن "الإرهاب والعنف سيرافقان وجودنا هنا دوماً، ولشدة الأسف سيبقيان يرافقانا. في مثل هذه الايام على الزعماء أن يذكروا الاسرائيليين بأنه رغم الارهاب فإن شيئاً حقاً لا يهدد وجودنا هنا كدولة، وأنه لا توجد أي قوة في الشرق الاوسط، ولا حتى الارهاب، يمكنها أن تغير حقيقة وجودنا كدولة مزدهرة من 8 مليون نسمة". 

كان يجب قتل المخربين

"بشكل جوهري كان الرد الإسرائيلي ناجحاً جزئياً فقط فجريمة قتل كهذه كان ينبغي أن تنتهي بمقتل المخربين" هكذا كتب دان مرغليت في تعليقه على عملية تل أبيب. 

وقال إن "الفشل يبرز أكثر في السلوك مع المشغلين للمقيمين بلا تصاريح. فعندما يمسك الفلسطينيون يعادون إلى بيوتهم، ويخرج أرباب عملهم اليهود بلا شيء. مخرب قاتل طعن جندياً في جفعتايم أمسك به، وأرباب عمله في الموقع المجاور عوقبوا بوقف البناء أسبوعين. نكتة محزنة". واعتبر أن "المواطن مستعد لأن يسلم بانفجار الإرهاب الذي لا يمكن إحباطه مسبقاً ولكن لا يوجد ما يدعو إلى التسليم بالإهمال واللامبالاة وعدم الاكتراث ما بين الطعن وبين اطلاق النار". 

امتحان ليبرمان بدأ الآن

الكيس فيشمان في "يديعوت أحرونوت" اعتبر في مقالة تحت عنوان "امتحان الجرح" أن "الفشل الأساس لإسرائيل التي تدافع عن نفسها ليس في ليل القتل بل في نهار الهدوء؛ فالحكومات على أجيالها وعدت بجدار أمني ولم تف. فهذا جزئي ومخروق وغير مجهز وغير مصان بما يكفي".

ورأى فيشمان أن "امتحان ليبرمان بدأ الآن. خلال فترة قصيرة سيتبين أن هناك علاقة معينة بين القتلة وبين حماس. التي لها تأثير قوي في منطقة يطا. إذا نجح القتلة في وضع أيديهما على سلاح يتم إنتاجه في مخارط في المنطقة، فيحتمل أن تكون لهما صلة مع شخص من حماس يرتبط بهذه المخارط. هنا لا يجب البحث زيادة عن اللزوم" قائلاً "إن يطا هي منذ سنوات طويلة مخزن السلاح لمنطقة جبل الخليل. والقرية هي هدف استخباري للشاباك والسلطة الفلسطينية". وقال "سنتابع لنرى إذا كان دخول القوات الأمنية إلى يطا سيكون ضمن سقف زمني أم ستنفذ هناك عمليات متواصلة في العمق تشمل تفكيك خلايا حماس وجمع السلاح بقدر الإمكان دون إشعال الضفة. قرار كهذا يستطيع وزير الدفاع اتخاذه: اقتلاع الخطر من يطا كنموذج لأماكن أخرى". وتابع "لقد قمنا باحتواء هذه العملية. المشكلة هي كيف يمكن منع العملية القادمة. لذلك فإن اليوم الذي يلي العملية إشكالي أكثر. والسؤال هو ما الذي سيوصي به الشاباك والجيش، وإلى أين سيذهب المستوى السياسي" معتبراً أن هذا الأمر "بمثابة امتحان هام لرئيس الحكومة، ولا سيما لوزير الدفاع الجديد".