هل قذائف الهاون في الشمال "انزلاق" وحسب؟

للمرة الأولى منذ دخولها الخدمة العملياتية في عام 2011، قامت منظومة القبة الحديدية بعد ظهر يوم السبت باعتراض قذيفتي هاون في سماء هضبة الجولان السورية. وحتى الآن كانت كل عمليات الاعتراض الناجحة التي قامت بها المنظومة ضد الصواريخ التي تم إطلاقها من غزة أو من سيناء باتجاه إيلات والعقبة.

"قذائف الهاون كانت نتيجة للانزلاق من الحرب الدائرة بين جيش الأسد وبين المعارضين وليست عمداً".
وحسب التقديرات في الجيش الإسرائيلي فإن قذائف الهاون كانت نتيجة للانزلاق من الحرب الدائرة بين جيش الأسد وبين المعارضين وليست عمداً، وهي في كل الأحوال ما كانت لتسقط في الأراضي الإسرائيلية. وليس من الواضح من قام بإطلاق هذه الصواريخ. إلا أن من الواضح أيضاً أن السياسة الإسرائيلية ترى أن نظام الأسد هو المسؤول والسيد على ما يجري داخل أرضه. ومن جهة أخرى، فإنه في أعقاب الهجوم الأخير الذي قام به الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي رداً على عملية إطلاق مشابهة لقذائف الهاون تم الإعلان في بيان أنه يمكن للفصائل المعارضة أن تتحمل المسؤولية أيضاً. 


لقد أثبتت عمليات الاعتراض يوم أمس، مرة أخرى، ما كان معروفاً عن أداء القبة الحديدية وعن (نقاط) ضعفها: إن هذه منظومة جيدة لاعتراض صواريخ يصل مداها إلى حوالي 70 كيلو متراً، إلا أنه ليس بوسعها أن "تقتل" صواريخ تقل فترة تحليقها عن 25 ثانية، ومداها أقل من سبعة كيلومترات. ومن هنا يمكن أن نستخلص من ذلك أن قذائف الهاون التي أطلقت يوم أمس قد أطلقت من مسافة تزيد على سبعة كيلومترات، وقطرها أكبر من 81 مم أو 120 ملم.

 

إن لدى إسرائيل اليوم عشر بطاريات من منظومة القبة الحديدية، والتي تم تمويل انتاجها من مخصصات الكونغرس الأميركي وبموافقة الإدارة. ومن أجل تغطية أفضل لكل مناطق الدولة فإن هناك حاجة لـ 14بطارية على الأقل. وبعد حوالي عام تقريباً تدخل إلى الخدمة العملياتية منظومة دفاع أخرى، "مقلاع داوود"، أو بإسمها القديم "العصا السحرية"، والتي من المقرر أن تعترض صواريخاً أثقل يتراوح مداها بين 70 – 200 كيلو متر.

إلا أنه مع وجود هاتين المنظومتين الدفاعيتين الهامتين ومع أدائهما الناجح والعالي جداً، فإنه يجب على إسرائيل أن تذكر أنهما لا تستطيعان أن توفرا حماية مطلقة لأجوائها. ومن المهم أن ندرك هذا الأمر في الوقت الذي تبدأ فيه اليوم مناورة الجبهة الداخلية الوطنية، التي تأخذ في السيناريو المتطرف الخاص بها أن يكون هناك، في حال نشوب حرب شاملة على كل الجبهات (حزب الله إيران وسوريا وحماس)، 230 ألف صاروخ موجهة كلها إلى إسرائيل. ورشقات كهذه تصل وسطياً إلى 1500 صاروخ في اليوم ستخترق كل المنظومات الدفاعية وستدمر آلاف البيوت، وستؤدي إلى سقوط 500 قتيل. ومع ذلك لا بد من القول هنا إنه وفق التقديرات الاستخبارية، لا يوجد لأي واحد من أعداء إسرائيل المصلحة، أو النية، في البدء بحرب ضدها. إذ لا يزال الردع الإسرائيلي يعمل حتى الساعة.

 

إن ما يقلق الجهات الأمنية، أكثر من أي شيء، هو محاولة فهم إذا ما كانت "الانزلاقات" خلال الفترة الأخيرة من سوريا غير مقصودة حقاً أم أنها تدل على تغيير في سياسية الأسد. وإسرائيل قد نقلت في هذا الموضوع تحذيرات إلى دمشق، عبر روسيا. وهذا بالضبط ما تحدث حوله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خلال الأيام الأخيرة، مع الرئيس فلاديمير بوتين.

 

ترجمة: مرعي حطيني