الخوف من العقوبات وحده سيلجم اليمين
طالما بقي اليمين في الحكم فإنه سيردّ بحدّة. تشريع قوانين وأنظمة جديدة باستمرار تمسّ بحرية التعبير ستكون مسألة يومية. وكقوة مضادة ينبغي التضامن مع المتضررين، الاحتجاج في الشوراع، الاضرابات في المدارس وفي الجامعات والتوجه إلى المؤسسات والهيئات الدولية. ومثلما يلجم الخوف من لاهاي الاحتلال فإن الخوف من الردّ العالمي وحده سيلجم عندنا هدم الديمقراطية.
هذا هو الحكم بالنسبة لنفتالي بينيت وآييلت شكيد: وزير التعليم لا يوجد في الحكم من أجل التعليم التعددي، الحر من الآراء المسبقة، الذي يطور التفكير النقدي. تعليمه يفترض أن يصمم انساناً هو قومي نشط، ومرغوب أن يكون ذا صلة قوية بالدين، مستوطن في روحه وفي عقليته، يسجد لقوة الذراع وينفر من القيم الكونية. حقوق الانسان تستبعد لديه بدافع النفور، وهو يؤمن إيماناً كاملاً بأنه من أجل السيطرة على كل البلاد، كل شيء مسموح.
شكيد هي الاخرى تنفر من القيم الليبرالية ومن فكرة أن مهام الجهاز القضائي هي لجم الحكم وضمان حقوق الانسان. من ناحيتها مهام الذراع القضائي هي أن تكون أداة في يد الحكومة ووسيلة أخرى لضمان السيطرة في "بلاد إسرائيل الكاملة".
توزيع السلطات، التوازنات والكوابح، كل هذه ليست سوى اختراعات صبيانية في نظرها، مثل الديمقراطية الليبرالية نفسها. هي ورفاقها يوجدون في الحكم من أجل تحقيق الهدف الوطني الاسمى في احتلال البلاد واستيطانها. وعلى حد نهجمهم، فإن تصفية الديمقراطية وخلق دولة أبرتهايد ليساً ثمناً عالياً جداً، بل العكس: هذا هو الثمن الضروري، إن لم يكن المرغوب فيه. في صالحهم يقال إنهم يتحدثون بلغة علنية لا تتطلب التأويل. حركات يمينية أخرى في أوروبا، مثل الجبهة الوطنية الفرنسية، تبنّت لغة رموز تحتاج إلى حلّ ومعرفة لتاريخ القرن العشرين: ليس هكذا عندنا. فمن خلف ستار الدخان السخيف لتعبير "الدولتين" و"مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة" لبنيامين نتنياهو، كل شيء واضح كالشمس: لولا رعب العقوبات الدولية، لكانت المناطق قد ضمت ونظام الابرتهايد قد أصبح واقعاً دائماً.
يحتمل أنه بالمقابل كان الفلسطينيون سيحصلون على التأمين الوطني، وبعض النفوس الطيبة عندنا كانت ستنام بهدوء.
وعليه، فسخيف الاعتقاد بأن اليمين الراديكالي مستعد للنقاش الحقيقي والاقتناع. ليس هناك مع من يمكن خوض الحوار. واليمين لن يستجيب إلا للمقاومة العنيدة وللقوة المضادة.
هذا هو السبب في أن القرار الاخير لمجلس الامن زرع لديه فزعاً ومؤتمر باريس أخافه: أخيراً العالم أيضاً فهم بأن اليمين الاسرائيلي لن توقفه إلا العقوبات، وأولها هو الفصل الذي لا لبس فيه بين إسرائيل كدولة ككل الدول شرعية وجديرة بالتقدير والدعم، وبين المستعمرة التي بنيت في المناطق المحتلة.
وبخلاف إسرائيل في "حدودها المعروفة" من العام 1967، فإن إسرائيل التي تحتل وتسيطر على شعب آخر وتحرمه حقوقه الطبيعية، جديرة بكل تنديد؛ وإذا لم يجدِ هذا، العقوبات أيضاً.
إن مقاطعة منتجات المستوطنات وكل النشاطات الجارية هناك، هي الأولى بينها.
طالما بقي اليمين في الحكم فإنه سيردّ بحدّة. تشريع قوانين وأنظمة جديدة باستمرار تمسّ بحرية التعبير ستكون مسألة يومية. وكقوة مضادة ينبغي التضامن مع المتضررين، الاحتجاج في الشوراع، الاضرابات في المدارس وفي الجامعات والتوجه إلى المؤسسات والهيئات الدولية. ومثلما يلجم الخوف من لاهاي الاحتلال فإن الخوف من الردّ العالمي وحده سيلجم عندنا هدم الديمقراطية.