على إسرائيل ألاّ تضيع الفرصة الذهبية

لقد عاد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مؤخراً من زيارات ناجحة قام بها إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا. وحان الأوان الآن لكي يُظهر شجاعة ويتخذ قرارات حاسمة ستحدد إرثه، وينظر الكثير من الإسرائيليين إلى انتخاب دونالد ترامب على أنه هدية، والحميمية والصداقة اللتان أظهرهما تجاه إسرائيل، وتجاه نتنياهو، زادتا من أهمية إسرائيل أمام دول العالم، وتفتح هذه الأجواء الإيجابية الجديدة أمامه فرصة للتوصل إلى حل في الموضوع الفلسطيني.

عاد بنيامين نتنياهو مؤخراً من زيارات ناجحة قام بها إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا
إنّ الغالبية الليبرالية من الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الأميركية منخرطة في حملة مكثفة تهدف إلى شيطنة ترامب. 
ولا يوجد هناك أدنى شك في أن رد الرئيس على الأحداث الأخيرة المعادية للسامية يعاني من بعض الضعف، إلاّ أنه سيكون من المثير للسخرية الإدعاء بأنه معادٍ للسامية. وهناك منظمات رئيسية، مثل رابطة مكافحة التشهير والحركة الإصلاحية، قد تبنّت خطاً حزبياً واضحاَ يخلق العداء تجاه اليهود.

 

ففي البداية وافقت رابطة مكافحة التشهير على حملة كيث اليسون المعادي للسامية لرئاسة اللجنة القومية التابعة للحزب الديمقراطي، كما أنها لم تقم بإدانة ليندا صرصور (ناشطة حقوقية فلسطينية - أميركية مسلمة، رئيسة الجمعية العربية الأميركية في نيويورك / المترجم) وهي ناشطة أخرى معادية للسامية، أو حركة Black Lives Matter على إطلاقها تصريحات بأن إسرائيل دولة تمارس التمييز العنصري (الابرتهايد). 


وظهر أن الجهود المبذولة لربط موجة التهديدات الموجهة ضد المؤسسات اليهودية، وتدنيس المقابر اليهودية، إنما هي جهود فارغة وخاوية وذلك بعد أن اعتقلت الشرطة السرية الأميركية المشتبه به الأول في هذه الأعمال، وهو مراسل أميركي من أصول إفريقية. 


وقد قللّت رابطة مكافحة التشهير من أهمية الاعتقال واستمرت بالادعاء بأن إدارة ترامب قد فشلت لأنها لم تأخذ التهديدات بالجدية الكافية.


 إلاّ أن الجالية اليهودية الليبرالية الأميركية أصبحت غير هامة لجهة مستقبل العلاقات بين الدولتين، وفي أيامنا هذه فإن تأييد الحركة المسيحية الإفنغيلية يعوض عن خسارة اليهود الليبراليين بشكلٍ كبير جداً.

 

إن المستقبل مرتبط الآن بالشكل الذي سنردّ به نحن الإسرائيليين، فنحن أمام فرصة فريدة  من نوعها لتحقيق الأهداف القومية الحيوية. إذّ أن هناك إجماعاً واسعاً جداً بين مواطني إسرائيل – وربما هو الأوسع منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو - مؤيد للانفصال عن الفلسطينيين، والمعارض لضم كل يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وقيام دولة إرهابية. 


وعلى نتنياهو أن يعرض أهدافه الرئيسية، التي تشتمل على البناء بدون قيود داخل الكتل الاستيطانية داخل إطار الحدود القائمة، وتحديد الحدود الدائمة والإعلان عن التأييد الأمريكي لضم هضبة الجولان.

 

وفي الوقت نفسه هناك مصلحة إسرائيلية في الدفع باتجاه تطوير البنى التحتية الصناعية في الضفة الغربية بهدف تشجيع التعايش. وكنتيجة لذلك، فإن بوسع الحكم الذاتي الفلسطيني أن يتسع بشرط أن يتم الحفاظ على أمنها (إسرائيل). 


ويتطلب هذا الأمر من نتنياهو أن يواجه نفتالي بينت ومتشددي الليكود، ويبدو أن ترامب مُصر على التوصل إلى اتفاق وذلك على خلاف أوباما، واحتمال أن يقوم بتأييد مبادرة تعرّض أمن إسرائيل للخطر هو احتمال ضئيل. وعلى نتنياهو أن يُظهر رغبة طيبة في التعاون مع هذه المفاوضات، وما لم يُبدِ الفلسطينيون المرونة (المطلوبة)، عندها سيقوم ترامب بتأييدنا بشكل كامل.

 

على نتنياهو أن يقف قوياً، وإذا ما حاول شركاؤه والمتشددون تنفيذ خطوات بدون المصادقة عليها، فإنه يجب أن يكون لديه الاستعداد لحلّ الحكومة، فنحن في وضع استثنائي، وأمامنا فرصة لرسم مستقبلنا من خلال التعاون مع الإدارة الأميركية الموالية لإسرائيل. 

وإذا ما نجح نتنياهو في مواجهة ضغوط المتشددين فإنه سيحظى عندها بدعم العالم، ويستطيع أن يوجّه إسرائيل في قلب حقل الألغام الدبلوماسي، ويقود الشعب والدولة إلى مستقبل مستقر. 
 
ترجمة: مرعي حطيني