هل تذكرون 6 حزيران/ يونيو 1982؟
قبل أسبوع أسهبنا في إحياء ذكرى حدث بدأ في 5 حزيران/يونيو قبل خمسين سنة – حرب الأيام الستة. مؤتمرات ومهرجانات في كل أنحاء البلد، وجلسة خاصة في لجنة الخارجية والأمن وما لا يحصى من التقارير في كل وسائل الإعلام. حدث آخر، بدأ في يومٍ آخر، في 6 حزيران/يونيو، قبل 35 سنة، ولم يُذكر ولو بكلمة واحدة في الإعلام: حرب لبنان الأولى [اجتياح 1982].
بالإضافة إلى أرواح مئات الجنود الإسرائيليين وآلاف الجرحى، كلفت حرب لبنان الأولى أثماناً أخرى. لقد تسبب بأزمة شديدة في علاقات إسرائيل مع العالم، والأعباء المالية على ميزانية الدولة حفّزت الأزمة الكبرى في الثمانينات [من القرن الماضي] وهددت بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي.
كيف حصل هذا وماذا نتعلم من تلك الحرب؟ هناك خمسة أخطاء أساسية أدت إلى النتيجة القاسية.
أولاً، إسرائيل كانت لا تزال سكرى قوة من حرب الأيام الستة – صدقت أنه يمكنها تغيّير نظام في دولة جارة وتنصيب دمية من الأقليات عليها. من الواضح اليوم انه لم يكن هناك أي فرصة. حتى في غزة لا يمكننا تحديد من يحكمها.
ثانياً، من وجهة نظرنا كان في لبنان جهتين فقط: "الجيّدون"، وهم الكتائب المسيحية، وهي ميليشيا فاشية أردناها ان تحكم لبنان؛ و"السيئون"، المنظمات الفلسطينية وعلى رأسها ياسر عرفات. بصورة تثير الدهشة تجاهلنا كل الباقين – السوريين، الشيعة، السنة والدروز. عندما بدأنا نفهم كان قد فات الأوان. كلهم أصبحوا أعداءنا.
ثالثاً، كانت "حرب خيار". لم تكن ضرورية، لم يقصفوا علينا، ولم يزدد التهديد. رابعاً، الهدف المعلن للحرب (التي أُسميت في البداية حرب سلامة الجليل) كان إبعاد صواريخ منظمة التحرير مسافة 40 كيلومتر عن الحدود. إلا ان الهدف الحقيقي كان طموحاً أكثر بكثير، لكن إخفاء الهدف الحقيقي تسبب بأن يعمل الجيش الإسرائيلي دون نجاعة.
خامساً، في حروبٍ من هذا النوع تنشأ هوة كبيرة بين وعود الحكومة وقدرة التطبيق. الحكومة وعدت بانتصار سريع خلال 72 ساعة، وقلة الإصابات في صفوف قواتنا، وأننا سنضرب "الأشرار" فقط، مخربي منظمة التحرير الذين اسماهم مناحِم بيغن "حيوانات على قدمين".
حقيقة أننا غرقنا في المستنقع اللبناني 18 سنة، مع 1216 جندي قتيل في جانبنا، دون أي إنجاز استراتيجي والصور القاسية بعد مجزرة صبرا وشاتيلا أكدت على الفجوة بين الوعود وما هو قائم.
فهل تعلمنا كل عِبَر تلك الحرب؟ يبدو انه على الأقل في كل ما يرتبط بقرار تفعيل قوة عسكرية أصبحنا أكثر اتزاناً وأقل غطرسة، وحسناً إن الأمر كذلك.