مصر.. المجتمع والاقتصاد على شفا الهاوية

هللت وسائل الإعلام الغربية للربيع العربي إلا أنها قد تجاهلت، في أغلب الأحيان، المعطيات الأساسية: 75% من الجمهور يؤيدون الشريعة، القضاء الإسلامي، كقانون للدولة. و 85% منهم يؤيدون حكم الإعدام لمن يرتد عن الإسلام. ومثل هذه الأمور تدل على (وجود) أرض خصبة لصحوة الحركات الدينية: الأخوان المسلمون وحركة النور السلفية، الذين أقسموا بالولاء للدولة الإسلامية، وبخاصة في سيناء.

الوضع الاقتصادي لـ مصر سيء للغاية
شيء ما سيء حدث مؤخراً على المحور الرابط بين مصر وبين المملكة العربية السعودية. صحيح أنه كان هناك كرم سعودي بارز خلال العامين الأخيرين، وذلك عندما قدمت السعودية ما لا يقل عن 25 مليار دولار لحكم السيسي، إلا أن رفض مصر المشاركة في التحالف السني برئاسة السعودية، التي تحارب في اليمن، والتصويت لصالح القرار الروسي في الموضوع السوري، على الرغم من استياء السعودية التي تخاف من سيطرة شيعية – إيرانية على المنطقة، كل ذلك أدى إلى حدوث قطيعة بين البلدين. ولم تتأخر النتائج في الظهور، ففي بداية شهر تشرين الأول / أكتوبر قررت شركة أرامكو، وهي أكبر شركة نفط سعودية، وقف تدفق النفط الرخيص لمصر. وحتى وإن كانت مصر تعلن أن الحديث يدور حول خلافات تجارية، إلا أن الواضح أن الأمر يدور عن عقوبات.

 

إن الوضع الاقتصادي لمصر سيء للغاية. ففي الأسبوع الماضي أجبر النقص في العملة الأجنبية الحكومة المصرية على اتخاذ خطوة دراماتيكية: ففي أعقاب ضغط صندوق النقد الدولي، والذي تطلب مصر منه مساعدة بقيمة 11 مليار دولار، قامت الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه المصري بحوالي 50%. وقد كان مصدر الدخل الرئيسي التقليدي لمصر هو السياحة، التي سقطت مع سقوط الطائرة الروسية في سيناء قبل عام. فقد ألغت روسيا رحلات طائراتها إلى مصر، فيما ألغت بريطانيا رحلاتها إلى شرم الشيخ.

 

إن المؤشر الأبرز هو ثمن السكر: فإذا كان ثمن الكيلو غرام الواحد من السكر في الصيف 5 جنيهات، فإنه قد بلغ اليوم 11 جنيهاً. وكان السيسي قد قال: "إننا نختنق، إلا أننا سنخرج من هذا". إلا أن الشعب لا يثق بوعود السلطة. فالسيسي لم يقم بتنظيف اسطبلات (بؤر) الحكم الفاسدة من أيام مبارك، وهو يوطد حكمه عن طريق التسهيلات التي يقدمها للطبقات القوية. أما القطاع القابل للانفجار، المتمثل بالشباب المصري، فهو لم يحظَ بالاهتمام به بالشكل المناسب، بل والأسوأ من ذلك هو أنه قد تم إصدار قرارات مجحفة بحقه. وعلى سبيل المثال، أقام الشباب المصريون حركة "عاطلون بشهادات عليا"، وذلك احتجاجاً على إلغاء القانون الذي كان يعطي الخريجين الجامعيين الأفضلية للعمل في القطاع العام. وعادت المحسوبيات، وسُجلت أرقام بطالة مرتفعة جداً في أوساط الشباب. وفيما تتحدث الأرقام الرسمية عن نسبة بطالة تصل إلى 27% في أوساط الشباب، فإن التقديرات تتحدث عن نسبة تصل إلى 40% على الأقل.

 

لقد هللت وسائل الإعلام الغربية للربيع العربي إلا أنها قد تجاهلت، في أغلب الأحيان، المعطيات الأساسية: 75% من الجمهور يؤيدون الشريعة، القضاء الإسلامي، كقانون للدولة. و 85% منهم يؤيدون حكم الإعدام لمن يرتد عن الإسلام. ومثل هذه الأمور تدل على (وجود) أرض خصبة لصحوة الحركات الدينية: الأخوان المسلمون وحركة النور السلفية، الذين أقسموا بالولاء للدولة الإسلامية، وبخاصة في سيناء.

 

إن المسيرات الاحتجاجية المزمع القيام بها يمكن أن تؤدي إلى عصيان مدني واسع. والسلطة تحاول أن تحارب هذه الظاهرة، وهناك شكوك كبيرة حول الفترة التي يمكن لاستخدام قوات الشرطة والجيش أن يلجم الناس: فالجائعون للخبز يصبحون أقل خوفاً للقيام بمحاولة إسقاط الحكم.

ترجمة: مرعي حطيني