"المونيتور": "إسرائيل" في مأزق بشأن استئناف إيران لتخصيب اليورانيوم

مع استئناف الإيرانيين تخصيب اليورانيوم، تل أبيب تحضّر نفسها لعودة المفاوضات مع إيران في عهد بايدن، ومصادر إسرائيلية تتوقع أن يروج نتنياهو لعملٍ عسكري ضد إيران بدعمٍ من حلفائه الخليجيين، وذلك للتأثير على بايدن ومسار المفاوضات.

  • "المونيتور": نتنياهو سيقود حملة ضد إيران مع حلفاءه في الخليج

نشر المحلل الإسرائيلي المعروف بن كسبيت مقالاً على موقع "المونيتور" الأميركي قال فيه إن "إسرائيل في مأزق مع استئناف إيران التخصيب بنسبة 20%، وقد سلّمت باستئناف بايدن للمفاوضات مع إيران لكنها تريد شروطاً صارمة، وتؤكد أن نتنياهو سيقود حملة ضد إيران مع حلفائه في الخليج". أدناه الترجمة الكاملة للمقال:

"في توقيت مثالي، جدير بكاتب سيناريو مُبدع، أعلنت إيران في 4 كانون الثاني/يناير أنها استأنفت تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع القنابل إلى مستوى نقاء بنسبة 20% في انتهاك صارخ آخر لاتفاقها النووي لعام 2015 مع القوى العالمية"، بحسب تعبيرها.

تم تنفيذ هذه الخطوة بأمر مباشر من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، بعد أن أعلنت إيران عزمها على القيام بذلك في 1 كانون الثاني/يناير.

لم يفاجأ أحد في الاستخبارات الغربية، ولا في "إسرائيل" بذلك، مصدر أمني إسرائيلي قال لموقع "المونيتور"، إن "الإيرانيين يحللون الجدول الزمني بدقة كبيرة. ربما استنتجوا أنه قبل أسبوعين من مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه، اكتسبوا حصانةً ضد هجومٍ أميركي مفاجئ".

مصدر دبلوماسي إسرائيلي آخر، قال إن "انتهاك إيران للاتفاق النووي هو ذو شقين: تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وهم يفعلون بذلك في منشأة تحت الأرض، وهما أمران يحظرهما الاتفاق النووي".

هل هذا التقدير الإيراني سابق لآوانه؟ هذا الأسبوع، تراجع القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي كريستوفر ميلر عن قرار سحب حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" من الخليج الفارسي وأمرها بالبقاء في مكانها. هذه الخطوة، بالإضافة إلى إرسال الغواصة النووية الأميركية "جورجيا" إلى مضيق هرمز الشهر الماضي، ونشر غواصة إسرائيلية في المنطقة، ومناورات القاذفات الأميركية الثقيلة فوق الشرق الأوسط، رفعت في الأسابيع الأخيرة التوترات إلى مستوياتٍ قياسيةٍ جديدة قبل انتهاء ولاية ترامب في العشرين من كانون الثاني/يناير.

يبدو أن القرار الأميركي بشأن حاملة الطائرات "نيميتز" كان مدفوعاً بالتهديدات التي صدرت على تويتر من قبل اللواء حسين دهقان، المستشار الأمني الأعلى لخامنئي، الذي حذر من أن التحركات الأميركية في الخليج قد "تحوّل العام الجديد إلى حداد على الأميركيين".

مسؤول أمني إسرائيلي سابق طلب عدم الكشف عن هويته قال لـ "المونيتور": "ترامب رئيسٌ متقلب، غيرُ مستقر، وهو في نهاية ولايته وقادرٌ على فعل أي شيء، ولا يزال. الإيرانيون ليسوا مغفلين ويعتقدون بأن فرص هجومٍ أميركي غير موجودة، على الأرجح يعرفون ما يفعلونه".

وأشار المصدر إلى أن "أي شخصٍ يعتقد أن الإيرانيين يتصرفون على نحو متسرعٍ ومتقلبٍ فهو مخطئ، إنهم يتقدّمون بحذرٍ شديد؛ إنهم براغماتيون يفكرون بجدية في كل خطوة، حقيقة عدم قيام إيران حتى الآن بردٍ انتقامي في ذكرى اغتيال سليماني توضح أنهم يسعون إلى العودة للاتفاق النووي وليس التوجه نحو التصعيد".

عضو الكنيست رام بن باراك، والنائب الأسبق لرئيس الموساد والمخضرم في العديد من العمليات الإسرائيلية التي تستهدف البنية التحتية النووية الإيرانية، قال للمونيتور إن "استئناف التخصيب كان أفظع انتهاكٍ للاتفاق النووي حتى الآن. هذا حدث كبير، يمكن تحقيق الانتقال من 20% إلى 90%، المطلوب لصنع قنبلة نووية بسرعة نسبيًا، وبالتالي فإن هذه الخطوة تعني أن إيران أقرب بشكلٍ كبيرٍ إلى امتلاك قنبلة".

وأضاف بن باراك أنه كان من الأفضل لإيران أن تحافظ على مستوى التخصيب 3.5% الذي التزمت به حتى الآن، وما فعلوه هذا الأسبوع يختبر بالتأكيد الحدود".

من ناحية أخرى، من المهم أن نتذكر أن الأميركيين لا يحترمون الاتفاق النووي، السؤال هو كيف سيكون رد فعل العالم؟ هل سينضم الأوروبيون والصينيون، على سبيل المثال، إلى الأميركيين في قولهم لإيران: "لا مزيد، لن ندعك تنتهكين الاتفاق بهذه الطريقة؟" لسوء الحظ، هذا لن يحدث،وسيضع الإدارة الأميركية الجديدة أمام معضلةٍ كبيرة للغاية، هذا هو في الواقع هدف إيران، تقديم تحدٍ كبير للرئيس المنتخب جو بايدن خلال الأسابيع الأولى من ولايته".

عندما سئل عما إذا كان بإمكان ترامب شن ضربةٍ عسكريةٍ ضد المنشآت النووية الإيرانية، أجاب بن باراك: "في عالمنا المجنون، يمكن أن يحدث أي شيء، لكن لا أعتقد أن هذا هو الحال، لا أعتقد أن هناك أي شخصٍ يسعى إلى اشتباكٍ عسكري مع إيران في الشرق الأوسط، مشكلة المشروع النووي الإيراني أنه منتشرٌ في عدة مواقع بعضها محصن، إنه ليس مفاعلاً نووياً يمكنك تدميره والانتهاء منه".

إسرائيل في مأزق، الأجهزة العسكرية والدفاعية وضعت عدة سيناريوهات للأشهر الستة المقبلة، وتناقش أيها الأرجح والأفضل لإسرائيل، التقدير الحالي هو أن إيران لا تخطط لاختراق إلى قنبلةٍ نوويةٍ خلال الفترة الانتقالية بين ترامب وبايدن، ولكنها بدلاً من ذلك تراكم أصولًاً قبل المفاوضات التي تتوقع استئنافها مع الأميركيين وربما مع القوى الأخرى.

مسؤول عسكري إسرائيلي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، قال للمونيتور إن "الإيرانيين يلعبون لعبة حافة الهاوية، لقد قاموا بالفعل بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في الماضي، وهذا ليس بجديدٍ بالنسبة لهم، سوف يتخلون عنه بكل سرور إذا تم استئناف الاتفاق النووي وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، السؤال ليس ما سيفعله الإيرانيون، بل ما الذي سيفعله الرئيس بايدن؟.

من المتوقع أن يلعب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كما هو الحال دائماً، للاستفادة من هذا الوضع إلى أقصى حد، هذه المرة، يمكنه الاعتماد على دعم حلفاء إسرائيل الجدد/القدامى في الخليج والإمارات والبحرين، وربما حتى قطر، التي انضمت إلى المعسكر المناهض لإيران هذا الأسبوع بموجب اتفاق مع السعودية والمحور السني الآخر، بوساطة مبعوث ترامب الخاص وصهره جاريد كوشنر. مع وضع بايدن في الاعتبار، سيطلق نتنياهو حملة يزعم فيها أن الإيرانيين ينتهكون الاتفاق بشكلٍ صارخ، وأنهم يقتربون بسرعةٍ من العتبة النووية ويفعلون ما يريدون.

وستصاحب الحملة تلميحات تفيد بأنه لا يزال لدى إسرائيل خياراً عملياً يتمثل في عملٍ عسكري مستقلٍ ضد إيران، مسلحاً بهذه العصي، سيحاول نتنياهو التأثير على بايدن وإبقائه إلى "جانبه" على الأقل حتى منتصف الطريق، إسرائيل سلّمت بأنها لا تستطيع منع استئناف المفاوضات الأميركية مع إيران، لكنها تريد ضمان شروطٍ مسبقةٍ صارمة، يتضمن ذلك الإبقاء على العقوبات الاقتصادية على إيران، وسد الثغرات العديدة التي جعلت الاتفاق الأصلي "لعنة". فهل سينجح نتنياهو مع هذا الرئيس الديمقراطي حيث فشل مع رئيسه السابق باراك أوباما؟ يبقى أن نرى ذلك في الأشهر المقبلة، والتي سنعرف خلالها أيضاً ما إذا كان نتنياهو سيبقى ذا صلة بالنظر إلى انتخابات 23 مارس/آذار المقررة، وكذلك هوية الرئيس الإيراني المقبل بعد انتخابات 18 حزيران/يونيو.