"هآرتس": حان الوقت كي تُلقي الدول العربية قنبلة أخرى على "إسرائيل"
خلفية اتفاقيات التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات والبحرين، التي تم توقيعها في واشنطن في الأسبوع الماضي، تعود لزمن أبعد، أي لفترة إطلاق مبادرة السلام العربية.
كتب وزير العدل الإسرائيلي الأسبق وأحد المبادرين لعملية أوسلو يوسي بيلين، مقالاً في صحيفة "هآرتس" الإنكليزية، يوضح فيه كيف مهدت مبادرة السلام العربية للتطبيع الخليجي الراهن.
كانت مبادرة السلام العربية لعام 2002 نوعاً من قنبلة: أُطلقت في خضم الانتفاضة الثانية، على خلفية العنف المستمر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الذي اندلع بعد يوم من "الزيارة" الاستفزازية إلى جبل الهيكل/ مجمع الأقصى، التي قام بها زعيم المعارضة آنذاك أرييل شارون، وألف من أنصاره.
كانت مبادرة السلام العربية مفاجئة للغاية، وأعطت إجابة ساحقة على الادعاء الرئيسي لليمين في "إسرائيل": أن جوهر الصراع في الشرق الأوسط هو الرفض المطلق للدول العربية للاعتراف بـ"إسرائيل". فجأة، جاء العالم العربي وأعلن جماعياً، استعداداً مشروطاً للاعتراف بـ"إسرائيل".
لكن المبادرة العربية لم تكن وعداً أبدياً. على مر السنين، طورت المزيد والمزيد من الدول العربية علاقات سرية مع "إسرائيل" للاستفادة من قربها الاستراتيجي من الولايات المتحدة، ومن إنجازاتها التكنولوجية، ومن قوتها العسكرية، كجزء من تحالف ضد أعداء مشتركين في المنطقة. مبادرة السلام العربية أصبحت عقبة في طريقهم للتعاون الكامل والصريح مع "إسرائيل"، التي لم تكن أبداً عدوهم الحقيقي.
كانت إمكانية تقديم التطبيع كحل وسط، من أجل إقناع "إسرائيل" بعدم ضم جزء من الضفة الغربية من جانب واحد، طريقة لطيفة لتبرير شيء أرادوا القيام به مع أو من دون عذر.
هذه هي خلفية اتفاقيات التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات والبحرين، التي تم توقيعها في واشنطن في الأسبوع الماضي.
المملكة العربية السعودية تدعم هذه القرارات بطريقتها الصامتة (يبدو أنه من غير المرجح أن تتخذ الإمارات العربية المتحدة والبحرين، مثل هذه القرارات الجريئة دون موافقتها)، وتواصل إعلان أنها ملتزمة تماماً بالمبادرة العربية. لكن السعوديين يفهمون تماماً أن المبادرة تقوم على كل من العمل الجماعي ومشروطة، ولم تعد موجودة، سواء أحبوا ذلك أم لا.
إن قرارات تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، وإنهاء مقاطعتها، وإعلان سياسة الأجواء المفتوحة للرحلات الجوية الإسرائيلية، هي قرارات تاريخية ومهمة للغاية بالنسبة لـ"إسرائيل". لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أنهم لا يستطيعون ولا ينبغي لهم الالتفاف على الحاجة إلى حل سلمي مع الفلسطينيين، على أساس دولتين، تحت مظلة كونفدرالية أو بدونها.
هذه هي الطريقة الوحيدة بالنسبة لنا للتأكد من أن أقلية يهودية، لن تهيمن على أغلبية عربية في المستقبل. لا سلام مع أي دولة عربية أخرى، ولا مع أي عدد من الدول العربية، يمكن أن يؤكد لنا ذلك.
لم تعد مبادرة السلام العربية ذات صلة في الوقت الحاضر بصيغتها الأصلية، باعتبارها وعداً بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، بشرط أن تصنع السلام مع الفلسطينيين. لكنها لعبت دوراً مهماً في إظهار كلا الجانبين إمكانية الوصول المحتملة إلى أفق سلمي.
الآن، يجب ترقية مبادرة السلام العربية إلى مجموعة ضغط سلام مكثفة، مدعومة بعلاقات جيدة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وقادرة على التنقل بينهما والتحدث معهما بجدية، ومساعدة كل منهما على بذل الجهود للتقدم نحو سلام.