"هآرتس": في ذروة ضعفنا
أحيانا تكون لقطة شاشة واحدة تساوي ألف كلمة. في صباح يوم الأربعاء الماضي، بعد يوم من إطلاق 200 صاروخ على إسرائيل ومواطنيها، تم إجراء مقابلة مع عضو الكابينت الوزير زئيف الكين، في إحدى برامج الصباح.
"بصورة قاطعة، دولة اسرائيل أعادت الردع"، أعلن (عضو الكابينت الوزير زئيف) الكين في الميكروفون وهو يحرّك عينيه. في نفس الوقت رافقت صورته كتابة حديثة باللون الأحمر: "لقد تجدد إطلاق النار على الجنود".
الكين معروف بحبه للعبة الشطرنج، لكنه ليس محترفاً بها. في نهاية عقد من حكم نتنياهو فإن كل إسرائيل تحولت إلى نكتة.
إسرائيل لم تظهر أكثر ضعفاً في أي وقت مضى أكثر من هذا الأسبوع. ليس في حربها الوجودية البطولية في 1948 ولا في فترة الانتظار المخيفة قبل حرب الأيام الستة ولا بعد الضربة المفاجئة في "يوم الغفران".
لا في حروب لبنان الخادعة ولا في الانتفاضة الأولى للحجارة ولا في انتفاضة الانتحاريين الثانية. وأيضاً ليس في حرب الخليج المهينة. في حينه تم إجبار إسرائيل على وضع مواطنيها للكمامات وإرسالهم لشرب المياه الكثيرة في الغرف المغلقة بالنايلون والورق اللاصق. وما ظهر قبل 28 سنة كرمز للسلبية والعجز، يبدو الآن كمثال للقوة وقدرة على الصمود إزاء ما حدث في هذا الأسبوع.
ما الذي حدث بالفعل هذا الأسبوع؟ رئيس الحكومة أمر بتنفيذ تصفية مستهدفة لقنبلة موقوتة. وهكذا، كل "النجوم تدبرت"، كما قال بيت الشعر لرئيس الشباك.
بهاء أبو العطا، المجهول جداً إلى ما قبل ثلاثة أيام، تحول في الأسبوع الأخير إلى عسكري كبير، نوع من الخليط الحديث بين هنيبعل ونابليون. "شخصية كبيرة في الجهاد الاسلامي"، "قائد اللواء الشمالي" وبالطبع "يستحق الموت" و"لأنه كان يخطط لتنفيذ عملية في المدى القريب".
ولكن على الفور بعد قتل الذي يستحق الموت، وتم منع العمليات المستقبلية التي كان ينوي تنفيذها، دخلت "إسرائيل" في حالة ذعر.
وابل من الصواريخ وصافرات الانذار والتحذيرات، ستوديوهات متتالية، حركة قطارات تم وقفها، إلغاء التعليم من "غوش دان" وحتى الجنوب، آباء تم أمرهم بالبقاء مع أولادهم قريباً من المناطق الآمنة. كبار في المستوى السياسي والمستوى العسكري سارعوا إلى توضيح أن الأمر يتعلق بتصفية جراحية لمرة واحدة، وانه ليس لإسرائيل أي رغبة في التصعيد، يعتذرون ويتوسلون لحماس (التي كانت حتى أمس "منظمة ارهابية" و"مسؤولة عما يحدث في القطاع") بأن لا تنضم إلى القتال. كان ينقص فقط أن يتوسلوا للواء الجنوبي للجهاد الاسلامي كي يضبط نفسه لأنه توجد لنا تصفية حساب فقط مع قائد لواء الشمال.
الملايين من الإسرائيليين في البيوت والملاجيء. مليارات "الشواكل" ذهبت هباء. مئات الصواريخ يتم إطلاقها منذ يومين على "إسرائيل" من قبل منظمة معارضة صغيرة في غزة المحاصرة والجائعة. هل هذا كان يستحق ذلك؟ هل الوضع الأمني للإسرائيليين تحسن أم ساء بعد التصفية؟ أين الجراحي هنا بالضبط؟ من هنا حقاً تم ردعه؟ هذا حقاً إهانة بأبعاد استراتيجية. ليس فقط لبني غانتس ومناوراته المتحققة نفذت هنا تصفية مستهدفة، بل أيضاً للاقتصاد وجهاز التعليم، وإلى جانبها السلامة النفسية والروح المعنوية الوطنية.
نتنياهو يحرص على إلتقاط الصور مع كتب السيرة الذاتية لتشرتشل ويثرثر في أي مناسبة عن العظمة. ولكن بريطانيي تشرتشل صمدوا تحت وابل آلاف الهجمات الجوية القاتلة والمدمرة، وواصلوا الذهاب إلى العمل وإلى المدارس وهم يحاربون الألمان. إسرائيل تصفي قائد منظمة صغيرة، وعندها تعتمد على القبة الحديدية أو على عروس شجاعة وجدت لها مخبأ في الصباح وصممت على الزواج في الليل. العظمة التي يتفاخر بها نتنياهو تحولت إلى قشرة ثوم. تحت حكمه تحولت إسرائيل من قوة عظمى إقليمية رادعة إلى فأر مذعور يزأر لحظة في الظلام وبعد ذلك يذهب للاختباء ويطلب الصفح حتى يمر الغضب.
السلام ليس حلم يجب إحضاره. لا يوجد أمن للمواطنين، الفخر وسلامة الطريق فقدت منذ زمن. يحيى السنوار وحسن نصر الله وعلي خامنئي بالتأكيد يضحكون بينهم وبين أنفسهم بمتعة. بضع سنوات أخرى مع هذا الرجل، وإسرائيل ستنهار حقاً على نفسها.
المصدر: هآرتس