الخيانة التالية!
في هذه الأيام تُرسم الخطوط للخيانة القادمة للرئيس – ليس للأكراد، بل لإسرائيل، قرة عين كل إدارة قبله.
كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن الحديث الذي يشغل بال الصحافة الإسرائيلية عموماً منذ يومين، وهو الرعب من "الخيانة" التي أقدم عليها الرئيس الأميركي بحق كرد سوريا، وأن تمتد هذه الخيانة إلى إسرائيل، وتتخلى واشنطن عن حليفها الأساسي في الشرق الأوسط وتتركها وحيدة في مواجهة إيران.
وفيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:
فقط بالأمس وقف ترامب أمام الكاميرات وحاول تبرير خيانته للأكراد بزعم أنهم لم يساعدوا الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية ولم يشاركوا في اجتياح النورماندي.
من الجيد أنه لم يزعم أيضاً أن الأكراد، الذين ليس لهم دولة، لم يقاتلوا إلى جانب الأميركيين ضد الفيتكونغ في فيتنام، ولم يساعدوا في أزمة الصواريخ في كوبا.
لكن من ضمن هذه الخيانة من الرئيس يظهر تحليل يمكن أن يدل على خيانته القادمة – عندما ختم كلامه وقال إن الأكراد وتركيا هم مثل "إسرائيل" والفلسطينيين. بعبارة أخرى، مجموعة من المشاكسين المزعجين من الشرق الأوسط، أنانيين ناكرين للجميل يخوضون حروباً قبلية ويمتصّون أموال دافع الضرائب الأميركي.
بان الأمر على حقيقته: ترامب ليس الرئيس الأفضل لإسرائيل في البيت الأبيض، إنه سيء لإسرائيل. وهذه ليست مفاجأة: العنوان كان على الجدار، وكل يومٍ يمر تصبح الإشارات أكثر حُمرة وأكثر تهديداً.
صحيح أنه نقل السفارة (الأميركية) إلى القدس، واعترف بالسيادة (الإسرائيلية) في هضبة الجولان (المحتلة) – وهما خطوتان رمزيتان خاليتان من أي قيمة استراتيجية أو دبلوماسية – ودثّر نتنياهو بكلمات حارّة، لكن في اختبار النتيجة أضرّ بإسرائيل.
لقد بدأ هذا بترك الاتفاق النووي مع إيران، دون تقديم بديل، ما أدّى إلى أن الإيرانيين أيضاً حطّموا الأدوات، والآن أجهزة الطرد المركزي تدور بقوة متزايدة، وصواريخ حديثة تُطلق على منشآت نفط السعودية. ترامب لا يستطيع أو لا يريد الاعتراف بحجم برميل البارود الموضوع في الخليج الفارسي، وأي عود ثقاب يُشعل البرميل سيؤدي إلى أن تدفع إسرائيل الثمن.
وهكذا، في هذه الأيام تُرسم الخطوط للخيانة القادمة للرئيس – ليس للأكراد، بل لإسرائيل، قرة عين كل إدارة قبله.
عندما يزيل الرئيس الأميركي إسرائيل من تحت جناحه، ويوضح – على سبيل المثال – أنها إذا شنت هجوماً في إيران فإنه لن يساعدها، القوى العظمى في الشرق الأوسط تشتم فوراً رائحة التخلّي. من الواضح للجميع أن إسرائيل لم تعد مفضّلة، غير محمية.
نتنياهو وترامب متشابهان بمعانٍ كثيرة. كلاهما يحبّان لعب دور الضحية، مدمنان على جنون العظمة، وعلى قناعة بأن الليبراليين والإعلام في بلديهما ارتبطوا معاً لإسقاطهما. إلا أن نتنياهو أذكى بعدة مرات من ترامب، وأثقف منه. ليس هناك احتمال بأنه لا يفهم ان الأمر يتعلق برئيس صاحب شخصية تجمع بين الغباء والتقلّب.
الآن، بعد أن ربط إسرائيل بالحبل السري لترامب وأحرق الجسور مع الديمقراطيين، رئيس الحكومة سيضطر لإعادة حساب المسار. ربما اعتقد أنه يسيطر على الرئيس، لكنه بقي لوحده في المعركة مع إيران.