افتتاحية ذا غارديان: بريطانيا أمام تحديات خطرة
القضية العاجلة هي حماية السفن. القضية الأكثر أهمية هي الموقع الذي تتخذه بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. الناقلة البريطانية ستينا إمبيرو راسية في بندر عباس في جنوب إيران. فرانس برس
تناولت افتتاحية صحيفة "ذا غارديان" البريطانية مسألة احتجاز إيران للناقلة البريطانية "ستينا إمبيرو" كرد على احتجاز الناقلة الإيرانية في جبل طارق، محذرة من التحديات السياسية المقبلة أمام المملكة المتحدة في حال تولي بوريس جونسون لمنصب رئيس الوزراء. والآتي نص المقالة:
إن ناقلة "ستينا إمبيرو" التي ترفع العلم البريطاني، والتي تم الاستيلاء عليها يوم الجمعة الماضي في مضيق هرمز، هي بحسب آخر إخطار محتجزة في ميناء بندر عباس الإيراني. لكن سفينة الدولة المعروفة باسم "إتش إم إس بريطانيا" تتجه نحو المياه المجهولة بأيدي نقيب غير موثوق به.
من شبه المؤكد أن رئيس الوزراء الجديد، الذي سيسير إلى "داونينغ ستريت" يوم الأربعاء، هو الرجل الذي يعتبره الكثيرون أسوأ وزير خارجية في الآونة الأخيرة، والذي أظهر بالفعل حرصه على إبقاء إدارة ترامب سعيدة. ربما كانت أسوأ الأخطاء التي سببها الإهمال المطلق لبوريس جونسون تتعلق بإيران: ادعاؤه أن نازانين زاغاري-راتكليف كانت تدرب الصحافيين عندما يتم احتجازهم هناك – وليس كما اعتادت أسرتها القول دائماً إنها في عطلة. لقد أوقفها النظام وهي لا تزال في السجن. إنه بالكاد معروف عنه أنه يتعلم من هذه الدروس. قد يأتي الاطمئنان على المدى القصير من حقيقة أنه ما لم يتم التوصل إلى حل سريع للغاية بالفعل، فإن هذه الأزمة ستجعل من الصعب استبدال جيريمي هانت كوزير للخارجية، ومن المحتمل أن يضمن الاتساق على الأقل.
حالة "ستينا إمبيرو" هي، بالطبع، أحدث عنصر في المواجهة الأميركية-الإيرانية الأوسع التي تجذب الآخرين. حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إيران من أن مصادرة السفينة قد ساهمت في "دوامة التصعيد" التي يمكن أن تؤدي إلى الحرب. لكن هذه الدوامة بدأت من قبل الولايات المتحدة، التي اختارت الابتعاد عن الاتفاق النووي الذي كانت طهران ملتزمة به، وقد فعلت واشنطن كل ما في وسعها لتدمير الاقتصاد الإيراني. ويبدو إلى حد كبير بسبب رغبة دونالد ترامب في محو إرث باراك أوباما.
تعتبر طهران احتجاز الناقلة البريطانية رداً مباشراً على الاستيلاء على ناقلة نفط إيرانية من قبل قوات البحرية الملكية قبل أسبوعين؛ جاء ذلك بعد يوم من تمديد محكمة في جبل طارق احتجاز تلك السفينة لمدة شهر آخر.
وتقول بريطانيا إنها تصرفت بناء على طلب جبل طارق بشأن انتهاك مزعوم لعقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا. لكن - بعبارة ملطفة - القضية القانونية أبعد ما تكون عن الوضوح، ومن المفهوم أن الضغط الأمييكي لعب دوراً رئيسياً. مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الذي سعى منذ فترة طويلة إلى تغيير النظام في طهران، كان مبتهجاً من احتجاز السفينة بتغريده على تويتر. أضف إلى الأسباب التاريخية الوفيرة لإيران لعدم ثقتها في المملكة المتحدة، وغضبها من أن أوروبا لم تخفف من آثار حملة "أقصى ضغط" للولايات المتحدة، وكان المشهد مهيئاً للاستيلاء على "ستينا امبيرو".
إيران تقوم بميزان تصرفاتها. ولكن هل تم ميزانها بعناية كافية؟ يبدو الأمر مؤكداً بشكل خطير من أن الرئيس الأميركي سيرفض أن ينجرف بولتون إلى حرب مكلفة مطولة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فقد اقترب السيد ترامب من الأمر بضربات ضد إيران، حتى لو قام بإلغائها في اللحظة الأخيرة، وقد عزز الوجود الأميركي في المنطقة.
وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة ستشعر على الأرجح بأنها مضطرة للوفاء بتحذيرها من "عواقب وخيمة" من خلال نوع من التدابير، وربما عقوبات رمزية، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً بالنسبة إلى "ستينا امبيرو" قد تكون التسوية التفاوضية التي تؤدي إلى إطلاق السفينتين. وفي الوقت نفسه، تفكر بريطانيا في كيفية حماية سفنها في واحدة من نقاط العبور الرئيسية في العالم، والتي يمر عبرها ثلث النفط المنقول بحراً. لكن الخوف الأساسي هو من أن رئيس الوزراء الجديد سيجعل المملكة المتحدة أقرب إلى الولايات المتحدة، وبعيداً عن الحلفاء الأوروبيين الذين يكافحون لإبقاء الاتفاق النووي على قيد الحياة.
إن ما يحدث في مضيق هرمز لا يقدم سوى عينة من التحديات القادمة لحكومة ضعيفة ووحيدة تصدمها إدارة أميركية غير منتظمة وكذلك قرارها بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت