"نيويورك تايمز": اليمين الإسرائيلي يرى ضوءاً أخضر أميركياً لضم الضفة الغربية
إذا بقي نتنياهو في السلطة مع شركاء الائتلاف اليميني، سيكون تأثيرهم عليه هائلاً، وسيكون توسيع السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية أول مطالبهم.
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مقالة للكاتب مايل كوبلو حول تأثير اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل على الضفة الغربية حيث سيجد فيها قادة اليمين الإسرائيلي ضوءاً أخضر لضم الضفة. والآتي ترجمة نص المقالة:
في 9 نيسان – أبريل المقبل، سوف يذهب الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع لاختيار حكومتهم المقبلة. سيكون ذلك اقتراعاً واسعاً عما إذا كان يجب أن يظل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قائداً لإسرائيل في ضوء اتهامه في ثلاث حالات فساد بالرشوة وانتهاك الثقة. مع هذه الفضائح، تم تجاهل الخلافات السياسية إلى حد كبير ، تاركين الناخبين الإسرائيليين في خطر إحداث كارثة لهم يمكن تجنبها عن غير قصد من خلال ضم الضفة الغربية.
لقد أثار الرئيس ترامب هذا الخطر. كيف ذلك؟ فقد غرّد على تويتر يوم الخميس قائلاً إن "الوقت قد حان للولايات المتحدة للاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، والتي لها أهمية استراتيجية حاسمة لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي!". وهي الإشارة الأخيرة والأهم من واشنطن بأن السيد ترامب مستعد لقبول السيطرة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية.
After 52 years it is time for the United States to fully recognize Israel’s Sovereignty over the Golan Heights, which is of critical strategic and security importance to the State of Israel and Regional Stability!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) March 21, 2019
ولكن اليمين الإسرائيلي يقرأ أيضاً هذه الإشارات من قبل اليمين الإسرائيلي كتشجيع لمواصلة ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية - وهي خطوة أكثر خطورة من شأنها أن تعرض "إسرائيل" لتهديد وجودي لا مثيل له لطابعها اليهودي والديمقراطي.
وقالت "نيويورك تايمز" إنه لا شك أن هناك فرقاً كبيراً بين المنطقتين، وكلاهما خاضع للسيطرة الإسرائيلية منذ حرب عام 1967. فمرتفعات الجولان ذات الكثافة السكانية المنخفضة، التي استولت عليها من سوريا وضمتها "إسرائيل" في عام 1981 في تحدٍ للنقد الدولي، كانت تستخدم من قبل سوريا لقصف منطقة الجليل الإسرائيلية الأدنى منها.
أما الضفة الغربية، فهي مكتظة بالسكان وكان مستقبلها القضية الأكثر تعقيداً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ عام 1967. إن ضمها سيحول دون استقلال دولة فلسطينية، ويخاطر بإشعال الشرق الأوسط بأكمله.
هذا التهديد لم يعد بعيدًا عن الأفق. يقود زعيما حزب "اليمين الجديد" اللذان يتمتعان بشخصية جذابة، نفتالي بينيت وأيليت شاكيد، وكلاهما وزيران في حكومة نتنياهو الائتلافية، حركة الضم، وقد وصل حماسهما إلى حزب ليكود الذي يرأسه نتنياهو أيضًا. من بين المشرّعين من حزب ليكود الـ29 الذين يتنافسون على إعادة انتخابهم، هناك 28 مسجلاً على أنهم يدعمون ضم جزء على الأقل من الضفة الغربية، كما تفعل لجنة الليكود المركزية.
الأهم من ذلك، فإن رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، الذي يحتل المرتبة الثانية في قائمة ليكود الانتخابية خلف نتنياهو، قال يوم الأحد أن وصفًا لمرتفعات الجولان بأنه "تحت سيطرة إسرائيل" في التقرير السنوي الأخير لوزارة الخارجية الأميركية – وهو هو تحوّل عن التقارير السابقة التي أطلقت عليها تسمية "الاحتلال الإسرائيلي" - هي خطوة أولى مهمة نحو الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية.
لكن الوصول إلى هذا الهدف سيخلق تحديات مروعة لم تواجهها "إسرائيل" منذ إنشائها عام 1948. كما صنفته مجموعة قادة "إسرائيل" من أجل الأمن الإسرائيلي ، فإن الضم سيكلف مليارات الدولارات سنويًا، وسيخلق حدودًا لا يمكن الدفاع عنها تقريبًا بسبب شبكة العنكبوت الخاصة بالأراضي التي تحكمها "إسرائيل" داخل الضفة الغربية الكبرى والتي يريد معظم مؤيدي هذه الخطة ضمها. وهو ما يقدم ذخيرة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد "إسرائيل"، وسيدمر العلاقات الخارجية لإسرائيل مع مجموعة من البلدان
كما سيضمن أن يصبح الانقسام الحزبي الناشئ في الولايات المتحدة حول سياسات "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين هوة، قد تفتح الخلاف بين نتنياهو وحليفه القوي الرئيس ترامب، الذي يعتقد أنه قادر على ابتكار صفقة نهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وذك بجعل أي صفقة من هذا القبيل مستحيلة.
الأهم من ذلك، أن ضم الضفة الغربية - ما إذا كانت لنسبة 60 في المائة من الضفة فقط التي تسيطر عليها "إسرائيل" الآن ، أو ضمّها كلها - من شأنه أن يؤدي إلى انهيار التنسيق الأمني بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية ، ومن المحتمل أن يتسبب في زوال هذه السلطة، مما يجبر "إسرائيل" على السيطرة على كل الضفة الغربية، أحبت ذلك أو لم تحبه. سيتعين على "إسرائيل" حينها منح الجنسية لـ2.5 مليون فلسطيني يعيشون هناك، مع إعطاء خيار عدم كونها "دولة يهودية"، أو تدمير ديمقراطيتها من خلال حرمان الفلسطينيين من المساواة السياسية. إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يهدد "إسرائيل"، القوة العسكرية والاقتصادية البارزة في المنطقة، فهذا هو.
وبينما كان نتنياهو نفسه هو زعيم الليكود الوحيد الذي لا يدعم صراحة ضم الضفة الغربية، فإن مأزقه السياسي قد يدفعه إلى معسكر الضم. تخلق مشاكله القانونية حافزًا قويًا لتشكيل حكومة ستصدر قانونًا يحظر اتهام رئيس الوزراء الحالي.
تشير استطلاعات الناخبين إلى أن الانتخابات التي ستجري الشهر المقبل ستؤدي إلى انقسام شبه كامل بين كتلة الليكود بقيادة نتنياهو والأحزاب المتحالفة معها، وكتلة معارضة يقودها بيني غانتس. وهذا يعني أن نتنياهو سيبقى في السلطة مع شركاء الائتلاف اليميني، الذين سيكون تأثيرهم على رئيس الوزراء هائلاً. وسيكون الموضوع في قائمة أمنياتهم هو توسيع السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الإسرائيليين كانوا بالكاد ينتبهون. كما يشير الصحفي الإسرائيلي ألوف بن، هذه حملة لن تدور حول أي قضايا، لكن على نتنياهو نفسه. وبقدر ما يهتمون بالسياسة، فإنهم قلقون بشأن الإرهاب وتكلفة المعيشة، مع ذكر 9 في المائة منهم فقط أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو شاغلهم الرئيسي وأن 2 في المائة فقط يدرجون مستقبل الضفة الغربية.
رغم أن 15 في المائة فقط من اليهود الإسرائيليين يؤيدون ضم الضفة الغربية، فإن مجموعة من الناشطين اليمينيين يستعدون لتجاوز تفضيلات أغلبية أكبر بكثير ولكن أقل عقائدية. وإذا خرج نتنياهو منتصراً مرة أخرى، فإن احتمالات أن تسلك "إسرائيل" هذا المسار مرتفعة للغاية.
لم يطرح المؤيدون للضم مطلقًا اقتراحًا تفصيليًا بما سوف يستتبعه الضم. وقد يكون الناخبون الإسرائيليون على وشك الاندفاع نحو الرمال المتحركة حتى أنهم لا يدركون وجودها.
ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت