عسيري بحث مع فريق ترامب خطة لإسقاط النظام الإيراني
فحص فريق التحقيق بقيادة روبرت مولر سلسلة من الاجتماعات بين خبير إستراتيجي إسرائيلي في وسائل الإعلام الاجتماعية والجنرال السعودي أحمد عسيري، ومستشار ترامب، مايكل فلين.
ذكرت صحيفة "ذا دايلي بيست" الأميركية أن الجنرال أحمد عسيري، نائب رئيس الاستخبارات السعودية، الذي حمّل مسؤولية جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، كان قد التقى في نيويورك مع مايكل فلين وغيره من أعضاء الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل تنصيبه، حيث بحثوا مسألة تغيير النظام في إيران. والآتي ترجمة نص التقرير:
أرسل محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي القوي، عسيري من الرياض للمشاركة في الاجتماعات التي جرت على مدى يومين في أوائل كانون الثاني - يناير 2017، وفقاً لرسائل استعرضتها "ذا دايلي بيست". وقد خضع اجتماع كانون الثاني / يناير للتمحيص من قبل مكتب المحامي الخاص روبرت مولر كجزء من تحقيقه في محاولات الحكومات الأجنبية لكسب نفوذ في حملة ترامب وفي البيت الأبيض، بحسب ما قال شخص مطلع على التحقيق لصحيفة ديلي بيست. ورفض متحدث باسم مولر التعليق.
وحضر اجتماعات نيويورك وتوسط فيها جورج نادر، وهو أميركي لبناني ذو علاقات وثيقة مع قادة في دولة الإمارات العربية المتحدة ويتعاون حالياً مع فريق مولر. وحضر اللقاء أيضاً جويل زامل، محلل استراتيجي إسرائيلي مختص في وسائل الإعلام الاجتماعية، الذي استجوبه مولر لدوره في توجيه كبار مسؤولي الحملة الانتخابية بشأن عملية التأثير لمساعدة ترامب في الفوز في الانتخابات، وهي مبادرات قد تكون قد خرقت قوانين الانتخابات الفيدرالية.
وشارك ستيف بانون كذلك في المحادثات حول تغيير النظام الإيراني خلال هذين اليومين في كانون الثاني - يناير، وفقاً للرسائل التي اطلعت عليها الصحيفة.
وتُظهر الرسائل أن المشاركين في الاجتماعات ناقشوا استراتيجية متعددة الجوانب لتآكل النظام الإيراني الحالي وإنهائه، بما في ذلك التكتيكات الاقتصادية والإعلامية والعسكرية لإضعاف حكومة طهران. وفي وقت سابق من هذا العام ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن نادر كان يروّج لخطة للقيام بعمليات تخريب اقتصادية ضد إيران وقام بنشر الخطة في ربيع عام 2017 للمسؤولين السعوديين والإماراتيين والأميركيين. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطة قد نفذت أم أنها كانت جزءًا من المشروع الأكبر لتغيير النظام الذي تمت مناقشته في اجتماعات كانون الثاني - يناير 2017.
وفي كلتا الحالتين، أخبر جون ماكلوغلين، القائم بأعمال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق، صحيفة "ذي ديلي بيست"، أن اللقاءات كما وصفت كانت غير عادية للغاية. وقال: "الأمر يتعلق بي كمسؤول استخباراتي سابق بسبب حقيقة أنه ينطوي على تخطيط عمل سري، وهو أكثر الأمور حساسية بالنسبة للحكومة الأميركية، وهو فريد من نوعه في نطاق رئيس خلال ولايته".
وقال متحدث باسم زامل إن موكله تحدث إلى مكتب المحقق الخاص بشأن عمله لكنه رفض التعليق على اجتماع يناير / كانون الثاني 2017. لم يعلق بانون على سجل هذه القصة. وامتنع محامي فلين عن التعليق.
وتظهر الاجتماعات التي عُقدت في نيويورك، والتي لم يتم الإبلاغ عنها بعد، عمق جهود المسؤولون الأجانب وسماسرة السلطة للتأثير على إدارة ترامب الوليدة بشأن أكثر قرارات السياسة الخارجية حساسية. وجاءت المناقشات في نيويورك في وقت كان فيه فريق ترامب يطور إستراتيجيته لإيران ويبحث عن أفكار من الأفراد الذين كانوا يعملون على خطط لمواجهة نفوذ طهران. كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان فتح زعماؤهما صلات بالحملة الانتخابية لترامب طوال فترة انتخابات 2016، في وقت تطوّر فيه حملات لإفشال خصومها الإقليميين، بمن في ذلك إيران.
وقال أحد المسؤولين السابقين في البنتاغون والذي كان على علاقة وثيقة مع مجتمع الاستخبارات لصحيفة "ذا دايلي بيست": "من المنطقي أن يلتقي عسيري مع فريق ترامب خلال هذا الوقت. كان الفريق يجتمع مع الكثير من المؤثرين الأجانب وكانت السعودية دولة أرادت الدخول في جميع المشاريع المعادية لإيران".
اجتماعات نيويورك تكشف ليس فقط تفاصيل واحدة من اللقاءات الأولى لفريق ترامب مع مسؤولين من السعودية - وهو البلد يخوض واحدة من أكثر الحوادث الفاضحة والجيوسياسية المترابطة لهذا العام ولكن أيضاً يلقي مزيداً من الضوء على علاقة عالم ترامب بزامل، على غرار مارك زوكربيرغ على صلة بعالم الأمن القومي مع علاقات عميقة مع الاستخبارات الإسرائيلية.
تعامل فريق ترامب مع زامل، وهو استراتيجي شاب ورجل أعمال، خلال الحملة. وكان زامل قد قدم خطة في آب - أغسطس 2016 إلى دونالد ترامب جونيور لمساعدة والده دونالد ترامب في الفوز في الانتخابات الرئاسية، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطة قد تم وضعها موضع التنفيذ. وكان محامي ترامب قد ذكر في السابق أن الرئيس سمع بخطة زامل لكنه لم ينفذها.
كما أن محامي زامل نفى في السابق تورط موكله في جهود الانتخابات الأميركية أو حملة الانتخابات، وقال لصحيفة ديلي بيست إنه "ليس هدفاً" لتحقيق مولر.
لكن يبدو أن زامل بقي على مقربة من فريق ترامب طوال فترة الإنتخابات وفي فترة الإنتقال إلى البيت الأبيض. جزء من السبب؟ كان سهلاً في ذلك. كان قد تعرّف على جورج نادر، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحملة ترامب، وذلك قبل سنوات من خلال جون هانا، المساعد السابق لديك تشيني الذي يعمل الآن كمستشار أول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو مركز أبحاث يميني معروف بأعماله المناهضة لإيران. وتم إدراج هانا كعضو في المجلس الاستشاري لـ "ويكيسترات"Wikistrat ، إحدى شركات زامل، على موقع الشركة على الانترنت. (يقول أعضاء آخرون في ذلك المجلس، بما في ذلك رئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق مايكل هايدن، إن انخراطهم في ويكيسترات هو أمر غير رسمي وبشكل منفصل عن عمله الرسمي)
قال حسين إيبيش، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، لصحيفة دايلي بيست إن "ويكيسترات" لا تقدم نفسها كشركة استشارية نموذجية. وقال إيبيش: "تقدم ويكيسترات نفسها كنوع من خدمات الاستخبارات الخاصة. إذا نظرت إلى العمل الذي قاموا به في اليمن، فقد كانوا يعملون بشكل مأجور. إنه نوع من أنواع الاستخبارات المأجور". وأضاف: "إذا كانت لديك محادثة بدائية جدًا تناقش إمكانية إثارة مسألة تغيير النظام، فلا غرابة في ضم مجموعة من أصحاب المصلحة، بمن في ذلك ويكيسترات".
توضح تفاصيل اجتماع كانون الثاني - يناير 2017 الذي استعرضته صحيفة دايلي بيست كيف أن زامل - وهو وجه مألوف بالفعل في عالم ترامب قد أعد خطة جريئة لاستخدام حملات التأثير على وسائل الإعلام الاجتماعية للمساعدة في التغلب على هيلاري كلينتون - كانت لديه طموحات تتعدى انتخاب ترامب. ووفقاً لرسائل استعرضتها صحيفة دايلي بيست، سافر زامل إلى نيويورك للمساعدة في عرض فكرة إيران على فريق عسيري وترامب، حيث قدم عرضًا مليئًا بالتكتيكات لتقويض حكومة البلاد.
"وتظهر الرسائل أن المشاركين ناقشوا استراتيجية متعددة الجوانب من أجل تآكل النظام الإيراني الحالي وإنهائه في النهاية، بما في ذلك التكتيكات الاقتصادية والإعلامية والعسكرية لإضعاف حكومة طهران".
وعرض فريق ترامب طريقاً جديداً للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، التي شعرت جميعها بالإحباط من إدارة الرئيس باراك أوباما بسبب موقفها من إيران وتوسطها في الصفقة النووية معها. وقام ترامب بشن حملة تضمنت وعده بإعادة التفاوض على هذه الصفقة وباتخاذ خطوات كبيرة ضد النظام الإيراني خلال أيامه الأولى في السلطة. وفي أول خطاب علني له بعد توليه منصبه، قال فلين إن الولايات المتحدة قد حذرت رسمياً إيران بعد أن أجرت اختباراً لصاروخ وبعد هجوم على سفينة حربية سعودية من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. منذ ذلك الحين، انسحبت إدارة ترامب من الصفقة النووية وفرضت عقوبات على البلاد.
كانت الاجتماعات في نيويورك جزءًا من موجة من الزيارات من الأجانب المؤثرين إلى برج ترامب. أسابيع قبلها، ورد أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ناقش السياسة تجاه إيران في برج ترامب مع بانون وفلين وجاريد كوشنير. هذه الاجتماعات ظهرت كجزء من الجهود السعودية والإماراتية للضغط على إدارة ترامب القادمة ضد قطر وإيران، أكبر منافسيهما الإقليميين. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد ذكرت في وقت مبكر من هذا العام أن جورج نادر قد عمل مع جامع الأموال الجمهوري إليوت برودي لحض البيت الأبيض على اتخاذ موقف عدواني ضد البلدين (قطر وإيران). (ساهم نادر أيضًا في تنظيم اللقاء بين مؤسس شركة بلاكووتر وحليف ترامب، إريك برنس وثري موسكو، كيريل ديميترييف).
محمد بن سلمان اتكأ على الجنرال عسيري للمساعدة في إجراء محادثات مع المسؤولين الغربيين حول إيران والحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وفقاً لمسؤولَين بارزَين في مجتمع الاستخبارات. كان عسيري في السابق المتحدث الرسمي للهجوم العسكري السعودي في اليمن. وقد أثار هذا الجهد، بالتنسيق مع الإمارات العربية المتحدة وبدعم من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، غضباً هائلاً من نشطاء حقوق الإنسان وأعضاء الكونغرس. وقد وصفت الأمم المتحدة هذه الحرب بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وقال رئيس الهيئة الجوية في الأمم المتحدة مارك لاوكوك في وقت سابق من هذا الأسبوع إن الحرب تعرّض 14 مليون يمني لخطر المجاعة.
وقد وصفت مصادر على دراية بالواقع السعودي في واشنطن، عسيري بأنه أحد أقرب حلفاء محمد بن سلمان وأكثر المقربين منه ثقة. وقبل انضمامه إلى جهاز الاستخبارات، كان عسيري ضابطًا كبيرًا في القوات الجوية السعودية - وهو فرع خدمة رفيع المستوى مهمته إسقاط الصواريخ التي تستهدف البلاد. وقال مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية لصحيفة "ذي دايلي بيست إن العسيري "كان يحظى بتقدير كبير في أيامه في سلاح الجو".
لقد وضع مقتل جمال خاشقجي عسيري، وزعماءه السعوديين تحت الأضواء. في حين أن العديد من شركات الضغط التي تتخذ من واشنطن مقراً لها تخلت عن المملكة كعميل، فإن إدارة ترامب تقول إنها لا تزال تفكر في خياراتها لمعاقبة (المملكة).
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن الإدارة ستحظر تأشيرات السفر للأفراد المشاركين في العملية (تصفية خاشقجي) في اسطنبول. لكن من غير الواضح ما إذا كان البيت الأبيض سيوافق على إجراءات عقابية مالية تُفرض على المملكة. وإذا حدث ذلك، فمن المرجح أن تقع هذه الإجراءات بعد الانتخابات النصفية للكونغرس.
ترجمة: الميادين نت