"واشنطن بوست": كيف مكّن ترامب بن سلمان من إسكات خاشقجي
إذا كان صحيحاً الادعاء التركي بأن جمال خاشقجي قد قُتل، فيجب أن يمثّل ذلك تغييراً جوهرياً في علاقتنا مع المملكة العربية السعودية.
نشرت صحيفة واشنطن بوست افتتاحية لهيئتها التحريرية اعتبرت فيها أن دعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للنظام السعودي بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان هي التي شجّعته على مزيد من الانتهاكات وبخاصة الاعتداء على الصحافي السعودي جمال خاشقجي. والآتي ترجمة كاملة لنص الافتتاحية:
قبل عامين لم يكن من الممكن تصوّر أن حكام المملكة العربية السعودية، وهي حليف وثيق للولايات المتحدة، سيشتبه في اختطاف أو قتل أحد الناقدين الذي يعش في واشنطن ويكتب بصورة منتظمة لصحيفة "ذا واشنطن بوست"، أو أنهم سوف يجرؤون على إجراء مثل هذه العملية في تركيا، حليف آخر للولايات المتحدة وعضو في حلف الناتو. حال هذا النظام الذي تتهمه الآن مصادر الحكومة التركية بقتل جمال خاشقجي، أحد أبرز الصحافيين السعوديين، في قنصلية المملكة في اسطنبول، يمكن أن تعزى جزئياً إلى صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو الحاكم الفعلي للمملكة البالغ من العمر 33 عامًا، الذي أثبت تهوره بقدر طموحه.
لكن ذلك قد يعكس أيضاً تأثير الرئيس ترامب، الذي شجّع ولي العهد على الاعتقاد - خطأ، كما نعتقد - أنه حتى أكثر مشاريعه غير الخاضعة للقانون سوف تحظى بدعم الولايات المتحدة.
نأت إدارة أوباما بنفسها عن القيادة السعودية بسبب معارضتها للاتفاق النووي مع إيران، وبسبب التدخل السعودي غير الشرعي في اليمن، والذي أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين في القصف العشوائي. ولكن بعد توليه منصبه مباشرة، تحرك السيد ترامب بشكل درامي لاستعادة هذه العلاقات. فقد جعل الرياض - بدلاً من أوتاوا أو مكسيكو سيتي (عاصمة المكسيك) - الوجهة الأولى لأول زيارة خارجية له؛ وسرعان ما استسلم لعروض الولاء ووعود شراء الأسلحة الضخمة من قبل مضيفيه.
على عكس الرؤساء السابقين، لم يُثِر السيد ترامب قضايا حقوق الإنسان مع القادة السعوديين، على الرغم من أن ولي العهد قد سجن مئات من الناشطين الليبراليين، بمن في ذلك النساء اللواتي دافعن عن حق المرأة في قيادة السيارة. عندما اعتُقل عشرات من رجال الأعمال وأفراد العائلة المالكة في أواخر عام 2017 في ما يشبه الابتزاز الجماعي - تم الإفراج عن معظمهم بعد تسليم أصولهم المالية إلى النظام - وكان السيد ترامب يوافق على ذلك. وقد غرّد قائلاً" "لدي ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي العهد السعودي. إنهم يعرفون بالضبط ما يفعلونه."
عندما زار ولي العهد واشنطن في آذار - مارس من العام الماضي (2017)، استقبله السيد ترامب في البيت الأبيض ولم يشر مرة أخرى إلى حقوق الإنسان. وقال ترامب: "ربما تكون العلاقة أقوى من أي وقت مضى. نحن نتفهم بعضنا بعضاً". كان الرئيس يتفاخر بمئات المليارات من مشتريات الأسلحة التي قال إن السعوديين وعدوا بها، قائلاً: "إن المملكة العربية السعودية دولة غنية جداً، وستمنح الولايات المتحدة بعض هذه الثروة. "
بعض هذه الصفقات لم يتحقق بعد، لكن الإدارة الأميركية تواصل دعم القصف السعودي في اليمن، بعكس اتجاه إدارة أوباما في سحب الدعم بتحديد الأهداف والتزود بالوقود (للمقاتلات السعودية). بعد أن قتلت غارة جوية (سعودية) العشرات من الأطفال في آب – أغسطس الماضي، اشترط الكونغرس منح المساعدات الأميركية بشهادة من الإدارة بأن النظام (السعودي) كان يتخذ خطوات لتجنب الخسائر المدنية. وعلى الرغم من الأدلة على عكس ذلك، فقد صدر التصديق.
هل يمكن أن يكون هذا السجل قد شجّع ولي العهد على الاعتقاد بأنه يستطيع اتخاذ إجراءات جذرية لإسكات أحد أبرز منتقديه من دون الإضرار بعلاقاته مع واشنطن؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن رد الإدارة حتى الآن لم يكن ليغيّر استنتاجه. وإلى يوم الاثنين، أي بعد ستة أيام من اختفاء السيد خاشقجي، حتى تحدث السيد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو. حتى في ذلك الوقت لم يوجها أي نقد، وإنما فقط تعبيرات عن القلق ومناشدة بالتحقيق.
كان لدى البعض في الكونغرس المزيد ليقولوه: أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مثل بوب كوركر (عن ولاية تينيسي)، ماركو روبيو (فلوريدا) وليندسي غراهام (كارولاينا الجنوبية)، والأعضاء الديمقراطيون بمن في ذلك تيم كين (ولاية فرجينيا)، وديان فاينشتاين (كاليفورنيا). وكريس ميرفي (كونيتيكت) الذين حذروا من عواقب الهجوم على صحافي. قال السيد مورفي إنه إذا كان الادعاء التركي بالقتل صحيحًا، "فيجب أن يمثل ذلك تغييراً جوهرياً في علاقتنا مع المملكة العربية السعودية". هذا هو الرد الصحيح.
ترجمة: الميادين نت