يجب على الكونغرس مراجعة التفويض بالحرب

إذا كانت هناك حالة جيدة للحرب فيجب أن يكون ذلك القرار متخذاً في الكونغرس. يجب مناقشته والتصويت عليه من قبل الناس الذين يفترض أنهم يمثلون الجمهور.

يجب أن يكون قرار الحرب متخذاً في الكونغرس، فالحروب التي لا يوجد توافق سياسي وراءها تصبح كارثية.

كتبت إيمي ديفيدسون سوركين مقالة في مجلة ذا نيويوركر الأميركية عن تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتهديداتهم بإطلاق صواريخ على سوريا وتحدي روسيا في هذا الأمر.

وقالت الكاتبة إنه حان الوقت للكونغرس لمراجعة جدية حول قرار الكونغرس "تخويل استخدام القوة العسكرية" وذلك لإضفاء بعض الوضوح على مسألة من يعلن الحرب.

وأضافـت: "هل يمكن للرئيس ترامب أن يغرد إعلان الحرب؟ تشير الكلمات التي نشرها صباح الأربعاء إلى أنه قد يعتقد ذلك، أي تغريداته التالية: "روسيا تتعهد بإسقاط أي صاروخ يطلق على سوريا، استعدي لروسيا، لأن الصواريخ قادمة لطيفة وجديدة وذكية".

ورأت الكاتبة أنه "من وجهة نظر أخرى، لا يمكن للرئيس أن يعلن الحرب من على تويتر، لأن الرئيس لا يستطيع، بموجب نظامنا الدستوري، أن يعلن الحرب. هذه مهمة الكونغرس – أو يجب أن تكون كذلك. لا تزال هناك العديد من الطرق التي يمكن للرئيس أن يبدأ بها حربًا، أو توسيع إحداها. (يستطيع ترامب، حتى من دون الكثير من العوائق، إطلاق حريق نووي). في العقود الأخيرة، تضمنت العديد من الأسباب المنطقية لهذه القوة الفعالة قراءة واسعة لدور الرئيس كقائد أعلى، بموجب المادة الثانية من الدستور. . ولكن حتى في ذلك الحين، بموجب قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، من المفترض أن يشارك الرئيس الكونغرس بالقرار، وذلك من خلال إبلاغه بالأمر، وبمجرد أن يتم تنفيذ الأعمال العدائية المباشرة، يبدأ العد التنازلي لمدة ستين يومًا، وفي نهايتها يجب على الكونغرس العمل. إذا لم يحدث ذلك، يجب على الرئيس سحب القوات الأميركية".

وعلى الرغم من ذلك، وعلى مدى السنوات الستة عشر الماضية، فإن التبريرات الخاصة بامتياز الرئيس بنشر الجيش الأميركي من جانب واحد في أماكن متنوعة مثل أفغانستان والنيجر – وسوريا، كانت تستند إلى قراءة واسعة للغاية لقرار الكونغرس، "تخويل استخدام القوة العسكرية”، الذي تم تمريره بعد أسبوع من هجمات 11 أيلول – سبتمبر 2001، من أجل “تفويض استخدام القوات المسلحة الأميركية ضد المسؤولين عن الهجمات الأخيرة التي شنت ضد الولايات المتحدة.”

ستة عشر عامًا هي فترة طويلة – وهي بالتأكيد أطول من ستين يومًا من تقاعس الكونغرس عن التفكير في قانون صلاحيات الحرب. ولكن ما هو أكثر لفتا للانتباه من الفترة الزمنية لقرار "تصريح استخدام القوة العسكرية" هو النطاق الجغرافي. يشير القرار إلى منظمات أو أشخاص أو دول خططت لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أو تلك التي "تؤوي مثل هذه المنظمات أو الأشخاص" – بمعنى آخر ، القاعدة ومضيفها الأفغاني، طالبان. (كانت هناك وحدة منفصلة في عام 2002 ، سمحت بإجراء ضد حكومة صدام حسين). في ظل إدارتَي الرئيسين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، تم توسيع شرط “المحيط” وتوطيده إلى فرضية مفادها أن قرار "تصريح استخدام القوة العسكرية"، غطى "القوات المرتبطة". نظرت إدارة أوباما إلى "داعش" على أنها قوة مرتبطة بتنظيم القاعدة، على الرغم من أنها كانت، في الغالب، واحدة من خصومها. والأسد، على الرغم من كل جرائمه، في صراع على السلطة مع “داعش”. (إنه ليس حتى ملتزمًا بفرع الإسلام نفسه مع تنظيم القاعدة). لا يسمح القرار بملاحقة كل "حيوان يقتل بالغاز" – فقط أولئك المرتبطين بهجمات 11 أيلول – سبتمبر.

ورأت الكاتبة أنه إذا كانت هناك حالة جيدة للحرب – وخاصة بالنسبة للصراع الذي ينطوي على قيام الرئيس بإخبار قوة نووية أخرى "بالاستعداد" – فيجب أن يكون ذلك القرار متخذاً في الكونغرس. يجب مناقشته والتصويت عليه من قبل الناس الذين يفترض أنهم يمثلون الجمهور. فالحروب التي لا يوجد توافق سياسي وراءها تميل إلى إثبات أنها كارثية. لكن الكونغرس أدمن عملية استبعاده. غالباً ما يقال، كما فعل ترامب في تغريدة أخيرة، أنه في عام 2013 تراجع أوباما عن هجوم عسكري على سوريا في أعقاب هجوم كيميائي سابق. ما فعله أوباما فعلاً هو الإعلان أنه سيطلب من الكونغرس أولاً أن يأذن بمثل هذه الضربة، بدلاً من إطلاقها من جانب واحد. الكونغرس لن يفعل. ربما كان أوباما يعلم أن ذلك لن يحدث. لكن الفكرة القائلة بأن الخيال السياسي في بلدنا، أم مطالبة الكونغرس بالقيام بمهامه ينظر إليها على أنها تعادل عدم القيام بشيء ما، هو أمر مدمّر، في المقام الأول، للكونغرس.

وخلصت الكاتبة إلى أنه يمكن أن تكون الحروب كارثية في كثير من الظروف، عندما يتم عرضها للجمهور على أنها سهلة – "نزهة"، والقتال بأسلحة "ذكية". وقالت إنه بهذا المعنى، أكثر كلمة مزعجة في تغريدة ترامب صباح يوم الأربعاء أن الصواريخ ستكون "جميلة"، والذي استخدمه لوصف القنابل المصممة والمبنية لقتل الناس. وهو ما يعني أنه، في لحظة حاسمة، قد يكون غير مبالٍ بالطبيعة غير اللطيفة للحرب. في تغريدة ثانية، كان ترامب يفكر في تحسين العلاقات مع روسيا ("أوقفوا سباق التسلح؟")؛ في التغريدة الثالثة، بدا وكأنه يتخلى عن محاولة فهم كل شيء، متهمًا أعداءه السياسيين: "إن الكثير من الدم السيئ مع روسيا ناتج عن تحقيقات روسيا المزيّفة والمزعجة، التي يرأسها جميع الموالين للديمقراطيين، أو الأشخاص الذين عملوا مع أوباما".

وأضافت أن سوريا عرضة بشكل خاص للارتباك، بالنظر إلى عدد اللاعبين. تركيا حليفتنا ولكنها غير راضية عن دور القوات الكردية في القتال ضد "داعش". وكما تلاحظ زميلتي روبن رايت، فإن إسرائيل منخرطة أيضاً. وقالت إنه إذا كانت القراءة الحالية لقرار التصريح باستخدام القوة العسكرية يعني أن ترامب مخول قانونًا للذهاب إلى الحرب مع روسيا (التي لديها قوات على الأرض في سوريا) أو لغزو إيران (التي دعمت الأسد)، فهناك شيء خاطئ في القراءة الحالية لهذا التصريح أو بشكل أكثر جوهرية مع التصريح بحد ذاته.

وختمت الكاتبة أنه مضى وقت كافٍ كي يقوم الكونغرس بإجراء مراجعة جدية لقرار التصريح باستخدام القوة العسكرية لإضفاء بعض الوضوح على السؤال حول من سيعلن الحرب. ففي الخريف الماضي، عضو مجلس الشيوخ راند بول، الجمهوري من كنتاكي، وتيم كين، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا، جنبا إلى جنب مع الممثلين باربرا لي، وهي ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا (العضو الوحيدة في الكونغرس للتصويت التي صوتت ضد قرار التصريح باستخدام القوة العسكرية في عام 2001)، وسكوت تايلور، جمهوري من ولاية فرجينيا، حاولوا الحصول على مشروع قانون من خلال الكونغرس للقيام بذلك. وفشلوا، وفقاً لتقارير في ذلك الوقت ، جزئياً بسبب جهود زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ورئيس مجلس النواب بول ريان.

 

ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت