شكوك بأهلية روني جاكسون لوزارة شؤون المحاربين الأميركيين القدامى

واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالاته وتعييناته داخل إدارته، فأقال أمس وزير شؤون المحاربين القدامى ديفيد شولكن ورشّح طبيب البيت الأبيض روني جاكسون خلفاً له.

ترامب يرشّح طبيب البيت الأبيض روني جاكسون لمنصب وزير شؤون المحاربين القدامى

وكعادته، جاء الإعلان عن هذا التغيير في تغريدة نشرها ترامب على حسابه الشخصي في موقع "تويتر" قائلاً: "يسرني أن أعلن اعتزامي ترشيح الأميرال روني جاكسون الذي يحظى باحترام كبير، وزيراً جديداً لشؤون قدامى المحاربين". وأضاف "أنا ممتن للخدمات" التي قدّمها شولكن "لبلادنا ولمحاربينا الكبار".

وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها اليوم أن طرد شولكن كان متوقعاً على نطاق واسع، وهو كان قد تورط في فضيحة نفقات سفره الفاخرة على حساب دافعي الضرائب، والنزاع الداخلي بين كبار مساعديه.

روني جاكسون (50 عاماً)، الطبيب الشخصي للرئيس الذي اكتسب شهرة كبيرة بفضل ثنائه على الصحة الجسدية والعقلية لترامب البالغ من العمر 71 عاماً، هو أميرال في الخدمة الفعلية في البحرية، لكنه خدم في الإدارات الثلاث السابقة كطبيب في البيت الأبيض.

وتظهر سيرة ذاتية لجاكسون نشرها البيت الأبيض أنه معتمد وذو خبرة في الطب، لكن ليست لديه أية خلفية في الإدارة. ومع ذلك، سيتم تكليفه بتنفيذ أحد وعود ترامب الانتخابية ألا وهو إصلاح وزارة شؤون المحاربين القدامى، ثاني أكبر بيروقراطية في الحكومة الفيدرالية.

فالوزارة التي توظف 360 ألف شخص ولديها موازنة سنوية تبلغ 186 مليار دولار، تخدم أعداداً متزايدة من المحاربين القدامى، تعاني من نقص في الأطباء والممرضين وخبراء الصحة العقلية.

وباعتباره ضابطاً عسكرياً، فإن جاكسون ليس سياسياً، كما أن وجهات نظره بشأن مجموعة من القضايا الساخنة التي تؤثر على مساعدة الضحايا - بما في ذلك مقترحات خصخصة الرعاية - ليست معروفة علناً.

وقد أثنى ترامب على الأدميرال جاكسون في تصريح له أمس الأربعاء أنه: "مدرب ومؤهل بدرجة عالية، وباعتباره عضواً في الخدمة العسكرية، فقد شهد بشكل مباشر على التضحية الهائلة التي يقدمها المحاربون القدامى لدينا، وله تقدير عميق للديون التي يدين بها بلدنا العظيم لهم".

يقيّم ترامب العلاقات مع مساعديه وولاءهم بناء على المؤهلات التقليدية، وهو سرعان ما طور العلاقة الشخصية مع جاكسون. يعبّر الرئيس عن إعجابه بطبيبه، وقد رحب بأداء جاكسون أمام الصحافيين في كانون الثاني يناير الماضي، حين أعلن جاكسون عن النتائج الصحية السنوية لترامب بأنها "جيدة جدًا جدًا" و"ممتازة".

قال جاكسون حينها: "بعض الناس لديهم جينات رائعة. لقد أخبرت الرئيس أنه لو كان لديه نظام غذائي أكثر صحة خلال العشرين سنة الماضية، لتمكن من العيش إلى عمر الـ200 سنة. . . . لديه جينات جيدة بشكل لا يصدق، هكذا خلقه بها الله".

في الوقت الذي شكك منتقدو ترامب بلياقته العقلية، حيث استندوا جزئياً إلى روايات في كتاب "النار والغضب" للكاتب مايكل وولف، ساند جاكسون بشكل فعال مزاعم ترامب بأنه "عبقري مستقر جداً"، وقال للصحافيين إنه حصل على درجة مثالية في الامتحان الإدراكي.  قال جاكسون: "إنه حاد الذكاء، وهو يتكلم بوضوح شديد عندما يتحدث إليّ.. لم أجد أي سبب على الإطلاق في الاعتقاد بأن الرئيس لديه أي مشاكل من أي نوع في عملية تفكيره".

مع ذلك، هناك مخاوف داخل الكونغرس بشأن مؤهلات جاكسون. وكما كتب كريس لو، الذي أشرف على شؤون الحكومة في البيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما، إن وزارة المحاربين القدامى "مهمة صعبة للغاية حتى للمديرين المتمرسين".

وهناك تكهنات بأن جاكسون يفتقر إلى حسن الإدارة للإشراف على الوزارة، بحسب مساعد لسناتور جمهوري في مجلس الشيوخ الذي تحدث إلى صحيفة واشنطن بوست بشرط عدم الكشف عن هويته. وقال المساعد عن جاكسون: "إنه كارثة على الوزارة. فما الذي قام به هذا الشخص؟ هل يمكنه حقاً أن يأخذ واحدة من أصعب الوظائف في الحكومة؟".

وأصدر بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بيانات قالوا فيها إنهم يتطلعون إلى معرفة المزيد عن جاكسون. وقال كارل بليك، المدير التنفيذي للمحاربين القدامى المشلولين في الولايات المتحدة، "نحن جميعًا نتجه الآن إلى المجهول العميق".

وجاء طرد شولكين، الوزير الوحيد في حكومة ترامب الباقي من عهد أوباما، ليحدث هزة في عملية تغيير واسعة في إدارة ترامب. ففي هذا الشهر وحده، استبدل الرئيس وزير خارجيته ومستشاره للأمن القومي وكبير مستشاريه الاقتصاديين وهو يخطط قريباً لتسمية مدير اتصالات جديد في البيت الأبيض. فقد أقال ترامب في 13 مارس/آذار الجاري وزير خارجيته ريكس تيلرسون وعيّن مكانه رئيس وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو. وفي 22 من الشهر ذاته، أقال ترمب، مستشار الأمن القومي هربرت رايموند مكماستر.

وبينما ينتظر جاكسون مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه، سيكون روبرت ويلكي، نائب وزير الدفاع لشؤون الموظفين والتأهب، وزيراً بالوكالة.

ولد جاكسون في تكساس، وتخرج من كلية الطب وانضم إلى البحرية في عام 1995. وقضى وقتًا في قيادة وحدة طبية طارئة في العراق. بدأ جاكسون عمله كطبيب في البيت الأبيض في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، وتم تعيينه كأفضل طبيب رئاسي في عام 2013، حيث كان يعمل كطبيب للرئيس باراك أوباما ثم لترامب، لكنه ظل ضابطًا في القوات البحرية.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن جاكسون يعتزم البقاء في البحرية حتى تتم المصادقة على تعيينه كوزير لقدامى المحاربين ثم يخطط للاستقالة من البحرية قبل أداء اليمين.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن ترامب سأل جاكسون عن قضايا التعاقد في وزارة المحاربين القدامى وكيف يمكنه حل المشاكل فيها، وفقاً لمسؤول كبير في البيت الأبيض. حتى أن ترامب سأل جاكسون عن رأيه في شولكن، كما قال أحد المسؤولين ولم يتضح ماذا أجاب جاكسون. فالطبيبان صديقان حميمان التقيا خلال إدارة أوباما، عندما كان شولكن يدير إدارة الصحة في وزارة المحاربين القدامى، فيما عمل جاكسون كطبيب لأوباما.

في وقت ما من العام الماضي، أوصى شولكن بدور كبير لجاكسون في وزارة "المحاربين القدامى"، وتم إجراء الفحص الأولي، لكن جاكسون لم يكن مهتماً بمغادرة البيت الأبيض في تلك المرحلة، وفقاً لمسؤول كبير. وفي الأشهر الأولى من إدارة ترامب، كان شولكن أحد الوزراء المفضلين لدى الرئيس، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه كان يُنظر إليه على أنه يشغل وزارة كانت واحدة من وعود حملة ترامب الرئيسية، وهي تحسين رعاية المحاربين القدامى.

لكن أشهراً من النزاعات الداخلية في الوزارة والإسراف في الإنفاق من قبل الوزير شولكن أحبطت ترامب. وقد أخبر مسؤولون كبار، بمن فيهم رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض جون كيلي، ترامب بأن شولكن لم يكن صادقاً في تعاملاته مع مسؤولي البيت الأبيض. إذ أثبت تقرير المفتش العام الأخير الذي انتقد رحلة شولكن إلى أوروبا الصيف الماضي أنه مضر للغاية.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن كيلي اتصل بشولكن مساء الأربعاء وقال له إنه فقد وظيفته وشكره على خدمته.

ومن بين إخفاقات شولكن، في تقدير البيت الأبيض، كان موقفه المعتدل بالسماح للمحاربين القدامى بالمزيد من زيارة الأطباء الخاصين خارج نظام الوزارة. ويزور نحو 30% من المحاربين القدامى الأطباء الخاصين خارج الوزارة، لكن الرئيس ومؤيديه، وخاصة مجموعة من المحاربين القدامى المؤثرين مدعومين من المليارديرين الصناعيين تشارلز وديفيد كوخ، يضغطون من أجل الحصول على المزيد من الرعاية الخاصة.

هذه القضية مثيرة للجدل وتضع البيت الأبيض في مواجهة جماعات المحاربين القدامى التقليديين الذين يخشون من نظام خصخصة من شأنه أن يستنزف الموارد من الحكومة. ومن المؤكد أن ذلك سيكون أكبر سؤال سيواجهه جاكسون خلال عملية تأكيد تعيينه في مجلس الشيوخ.

وقد حذر السناتور بيرني ساندرز، الذي يعمل في لجنة شؤون قدامى المحاربين في مجلس الشيوخ، من أن اللجنة لن تصادق على أي مرشح يؤيد الكثير من الرعاية الخاصة. وأضاف ساندرز: "إذا كان ترامب يعتقد أنه سيحضر وزيراً جديدًا سيقوم بالخصخصة، فسيكون مخطئأ".

 

ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت