فورين بوليسي: الجيش الاميركي لا يملك المال الكافي للقيام بعمله

مجلة فورين بوليسي تقول إن الميزانية الدفاعية الأميركية هي القضية الأهم في واشنطن اليوم، وتشير إلى وجود العديد من الإشارات المقلقة إلى أن الميزانية الدفاعية صغيرة لدرجة لا تستطيع الإيفاء بالتزامات الولايات المتحدة عالمياً.

تصنيف الجيش الأميركي وفق مؤشر مؤسسة "هاريتج" هو "هامشي" ويتجه نحو "الضعيف"

قالت مجلة فورين بوليسي إن الميزانية الدفاعية هي القضية الأهم في واشنطن اليوم والتي لا يتحدث عنها أحد خارج المؤسسة الدفاعية مشيرة إلى وجود العديد من الإشارات المقلقة إلى أن الميزانية الدفاعية صغيرة لدرجة لا تستطيع الإيفاء بالتزامات الولايات المتحدة عالمياً وأن ذلك أثّر على الجهوزية العسكرية.

وذكّرت المجلة بما قاله وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في حزيران/ يونيو الماضي للجنة الدفاع بأنه صدم بجهوزية الجيش الاميركي القتالية حين عاد إلى المؤسسة العسكرية بعد أربع سنوات من التقاعد. وسألت المجلة "ما الذي يمكن أن يصدم مقاتلاً صلباً مثل ماتيس؟" لتجيب نقلاً عن المحلل العسكري دان غور بأنه ليس لدى الجيش الأميركي سوى ثلاث فرق قتالية من بين أكثر من 50 فرقة مجهزة ومدربة لخوض صراع كبير، وأن نصف المقاتلين فقط من قوات المارينز والبحرية متوفرون للقتال نتيجة عدم كفاية الأموال اللازمة للصيانة. يضاف إلى ذلك أن سلاح الجو يقتصر على 1000 طيار علماً أن عديد هؤلاء تقلص على نحو لافت خلال العقد الماضي.
لكن بالرغم من ذلك لا تزال وتيرة العمليات العسكرية خصوصاً للبحرية وسلاح الجو وقوات العمليات الخاصة مرتفعة كما في أي وقت مضى. فقد تراجع عدد السفن التابعة لسلاح البحر من 594 عام 1987 الى 278 اليوم لكنه لا يزال يحافظ على العدد نفسه من السفن المنتشرة خارج المياه الاميركية مما يعني أن على الفرق أن تعمل بوتيرة مكثفة وفق ما يقول سيث كروسبي المتخصص في البحرية من معهد هادسون والذي أكد أنه بات من المألوف بالنسبة للبحارة أن يعملوا 100 ساعة في الاسبوع.
وفق المجلة فإن ذلك أدى إلى حادثين رهيبين خلال هذا الصيف حين اصطدمت كل من السفينة الحربية "يو اس اس جون ماكين" و"يو اس اس فيتزجيرالد" بسفن تجارية ما تسبب بمقتل 17 بحاراً. كذلك تدفع قوات المارينز ثمناً باهظاً نتيجة نقص الميزانية حيث تشير بيانات حصلت عليها "بريكينغ ديفنس" أن حوادث الطائرات قتلت 62 من عناصر المارينز خلال السنوات الست الماضية.
"فورين بوليسي" قالت إن تصنيف الجيش الأميركي وفق مؤشر مؤسسة "هاريتج" هو "هامشي" ويتجه نحو "الضعيف". وصنّف المحللون التابعون للمؤسسة الجيش والمارينز على انهما "ضعيفان" وسلاحي البحرية والجو على أنهما "هامشيان".  ورأت المجلة أن هذه الحقائق تثير القلق أكثر حين نرى كيف يبني خصوم الولايات المتحدة بمن فيهم روسيا والصين وايران وكوريا الشمالية ترساناتهم على نحو سريع. واضافت أن هذه التطورات خطيرة لدرجة تهدد بكسر مفهوم باكس أمريكانا الذي تكرس ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 ويترك الولايات المتحدة وحلفاءها عرضة للعدوان مشيرة إلى أن هذه المشكلة معترف بها على نطاق واسع في الكونغرس والادارة الاميركية لكنه من غير المرجح أن القيام بأي شيء حيال ذلك.    
ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن ميزانية الدفاع التي أعلنها ترامب في آذار/ مارس الماضي بعيدة جداً عن الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية مضيفة أن موافقة الكونغرس على ال700 مليار دولار لميزانية الدفاع في زيادة عن 97 مليار دولار عن طلب ترامب لا تحل المشكلة. اذا ان تمرير مشروع القانون هذا ليس سوى خطوة رمزية لا أكثر وأن المال الذي يحصل عليه البنتاغون مصدره الاعتمادات الاضافية التي لا تكون عادة سخية نظراً لتعدد الأولويات. الجمهوريون على سبيل المثال يريدون تخفيض الضرائب حيث إن مشروع القانون الذي تم تمريره الاسبوع الماضي سيدخل الى الخزينة 1.7 تريليون دولار مما يزيد في الانفاق العسكري.

أما الديمقراطيون فيفضلون الإنفاق على المسائل المحلية أكثر منها الدفاعية. بالرغم من وجود صقور في كلا المعسكرين ينظرون إلى الانفاق الدفاعي على أن له الاولوية على الالتزامات الايديولوجية الاخرى.  وخلصت المجلة إلى أن البنتاغون يعتمد اليوم على قرار مدته ثلاثة اشهر ينتهي مطلع كانون الاول/ ديسمبر المقبل مشيرة إلى وجود خطر حقيقي بأن يفشل اعضاء الكونغرس في الموافقة على ميزانية بحلول ذلك الموعد وأن يصادقوا على قرار مؤقت مماثل مضيفة أن المغامرة بأرواح الأفضل بيننا ستستمر وأن الخاسرين سيكونون هؤلاء النساء والرجال بالزي الموحد الذين أقسموا على حماية الولايات المتحدة.