زلماي خليل زاد: هكذا يجب أن تتصرف واشنطن بعد استفتاء الكرد
السفير الأميركي السابق لدى العراق زلماي خليل زاد يدعو الإدارة الأميركية إلى احتواء الآثار السلبية لاستفتاء إقليم كردستان من خلال دعم حصول مفاوضات بين بغداد وأربيل وتجنب أي تصعيد محتمل معتبراً أن تاريخ العلاقة الأميركية مع الكرد يجب ألا يتأثر بفعل الاختلاف حول قضية الاستفتاء.
أمّا وقد جرى استفتاء إقليم كردستان فإن على الولايات المتحدة أن تضع معارضتها له جانباً وتفكر في كيفية احتواء آثاره السلبية. هذا ما يخلص إليه السفير الأميركي السابق لدى العراق زلماي خليل زاد في مقالة له في صحيفة "واشنطن بوست" عدد فيها مجموعة من الأسباب التي تملي على إدارة دونالد ترامب اعتماد استراتيجية تحفظ المصالح الأميركية وتسمح لها برسم الخطوات المقبلة.
يستهل الدبلوماسي الأميركي السابق الذي خدم في عهد الرئيس جورج بوش الإبن مقالته بأن "الولايات المتحدة عارضت استفتاء الكرد مستشهدة بآثاره المحتملة المزعزعة للاستقرار وتأثيره على الانتخابات العراقية المزمعة في نيسان/ أبريل وقتال داعش المستمر. أما وقد حصل الاستفتاء تحتاج إدارة ترامب لتغيير سياستها. على الولايات المتحدة أن تبدأ على الفور بتطوير استراتيجية لاحتواء الآثار السلبية المحتملة للاستفتاء".
ينشر خليل زاد في سياق المقالة فحوى محادثات أجراها أخيراً مع رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني شرح فيها الأخير أسباب تمسكه بإجراء الاستفتاء وعدم الاستجابة للضغوط الأميركية وغيرها من أجل التأجيل. "في الوقت الذي يكنّ برزاني الإعجاب لرئيس الوزراء حيدر العبادي على المستوى الشخصي إلا أنه يعتقد أن نظاماً طائفياً واستبدادياً يتعزز في بغداد وأنه يعتزم إعادة تأكيد سيطرته على البلاد بأكملها بما في ذلك المنطقة الكردية" ينقل خليل زاد عن رئيس الإقليم الكردي.
وفق برزاني فإن "النظام العراقي يحصل على أسلحة متطورة تمنحه تفوقاً عسكرياً على الكرد. لكن في الوقت نفسه بمعزل عن الوعود لم تتعامل بغداد والعالم بما في ذلك الولايات المتحدة على نحو جدي مع القلق الكردي وتمّ تجاهل الاتفاقيات لا سيّما تلك المتعلقة بكركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها".
تبني سياسة عقابية لا يخدم المصالح الأميركية بل يجب العمل على الحدّ من الآثار السلبية للاستفتاء
قال برزاني للسفير الأميركي السابق "إن عرض الولايات المتحدة دعم إجراء استفتاء مؤجل في حال فشل المفاوضات مع بغداد جاء متأخراً بعد فترة طويلة من التعبئة الشعبية فضلاً عن استحالة التراجع عن الخطوة سياسياً". هنا يعرب خليل زاد عن اعتقاده بوجود بعد شخصي في إصرار برزاني. "نظراً للسنوات التي أمضاها في حياته مدافعاً عن هذه القضية ونظراً لسنّه الذي بلغ 71 عاماً يمكن للمرء أن يفترض أنه يشعر بالمسؤولية الشخصية حيال ذلك".
يرى خليل زاد أنه حتى في حال عدم استجابة القيادة الكردية لمطالب الولايات المتحدة فإن تبني مسار عقابي أو استراتيجية الانتظار والترقب لا يخدم مصالح واشنطن، مضيفاً أن "استمرار الضغط الأميركي من شأنه أن يساهم فقط في زعزعة استقرار كردستان وتقوية الميليشيات التي تسيطر عليها بغداد وإيران. وسيكون لذلك تأثير مماثل على السياسات التركية والإيرانية مما يزيد من احتمال حدوث المزيد من الاضطرابات على نطاق أوسع في المنطقة. بدلاً من ذلك علينا اختيار استراتيجية استباقية للحدّ من الأضرار بما يحمي مصالحنا ويسمح لنا برسم الخطوات المقبلة".
ويتابع "يجب أن نساعد في بدء المفاوضات بين بغداد وأربيل في أقرب فرصة ممكنة وإبقاء القنوات الأمنية مفتوحة بينهما. ويجب علينا أيضاً أن نقنع أصدقاءنا وحلفاءنا الإقليميين وليس فقط بغداد بعدم اتخاذ أي إجراءات عقابية، وأن نتوقع الحوادث الأمنية ونستعد لتقييمها بسرعة والعمل على تجنب التصعيد".
يخلص الكاتب إلى أن ما يجمع الأميركيين بالكرد تاريخ طويل من العلاقات المثمرة. هم أيضاً "يلعبون دوراً حيوياً في قتال داعش. تربطنا بهم علاقة استخباراتية هامة فضلاً عن إمكانية وصولنا إلى المواقع العسكرية في منطقتهم. لكل هذه الأسباب القطيعة معهم لا تخدم مصلحتنا بغض النظر عن مدى انزعاجنا منهم في الوقت الراهن. فعلى عكس بعض المناطق الأخرى في الشرق الأوسط، لا تزال الولايات المتحدة تحظى بالحب والإعجاب هنا. وينبغي ألا نعرّض كل ذلك للخطر لمجرد اختلافنا على الاستفتاء".