الصحف الغربية تحتفل بتحرير منبج من داعش.. وتحذر

تحرير منبج من داعش على يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يحظى بترحيب الصحف الأجنبية التي حذرت في الوقت نفسه من التحديات السياسية التي يفرضها وتأثيراته المحتملة على العلاقات الأميركية التركية المتوترة أصلاً.

هكذا احتفلوا بتحريرهم من داعش (رويترز)
اعتبرت صحيفة "ديلي تيليغراف" البريطانية أن تحرير مدينة منبج من احتلال داعش الجمعة له من الأهمية بما لا يتناسب مع حجم المدينة الصغيرة. وأشارت إلى أن النتيجة الأكثر أهمية هي خسارة داعش لأحد أهم طرق تهريب السلاح والمقاتلين عبر الحدود التركية. 

لكن الصحيفة رأت في المقابل أن "لانتصار الثوار في منبج، بعد أربعة أشهر من القتال، تشعبات جيوسياسية واسعة". تقول "المقاتلون الذين هزموا داعش هناك ليسوا المتمردين أنفسهم الذين كسروا حصار نظام الأسد لحلب قبل أسبوع. متمردو حلب هم بغالبيتهم إسلاميون متشددون مدعومون من تركيا والسعودية".
وتابعت أن "قوات سوريا الديمقراطية، مثال واضح، خلافاً للسائد، على وجود قوات غير جهادية فاعلة على الأرض في سوريا" معتبرة أن "النجاح في منبج هو نجاح للإدارة الأميركية التي بدت مقاربتها الحذرة والمتريثة تجاه داعش غير فعالة أحياناً".

بيد "أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من العيوب"، على حد قول "تيليغراف" التي رأت أن "الحرب السورية خلقت صداقات وخصومات غريبة، كأن يقصف أحد حلفاء الناتو وحدات حماية الشعب الكردية فيما يقاتل آخر إلى جانبها" مضيفة أن "تقدم الكرد في منبج سيفاقم المخاوف التركية وربما تزداد سوءاً العلاقات الأميركية التركية المتوترة أصلاً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي".  

انتصار كبير.. ولكن

بما يشبه السياق نفسه أتت قراءة صحيفة "لوموند" للتطور الميداني الأخير في سوريا. فالصحيفة الفرنسية عدت تحرير منبج انتصاراً يطبع مرحلة مهمة في الصراع ضد داعش في شمال سوريا، مشيرة إلى أهمية المدينة لا سيما بعد تحرير مدينة تل أبيض في حزيران/ يونيو 2015، حيث "باتت منبج الطريق الوحيد المتبقي الذي يصل بين الأراضي التركية وقلب "دولة خلافة" أبو بكر البغدادي على حد قولها.

ولفتت إلى أنه بطرد "الجهاديين" فإن قوات سوريا الديمقراطية الحليف الوحيد على الأرض للتحالف الدولي، بدأت تقترب من هدف استراتيجي هام وهو: قطع الأراضي التي يسيطر عليها داعش عن الحدود التركية.

وتوقفت "لوموند" عند الدور الذي لعبته منبج كمحطة للمقاتلين الأجانب باتجاه ساحات القتال في سوريا. وفي هذا السياق قالت إن المدينة عرفت بأنها نقطة عبور ومكان هام للجهاديين الأوروبيين المقبلين على القتال في سوريا بعد مرورهم بتركيا والمنطقة الحدودية لا سيما جرابلس. كما أن منبج كانت عقدة عبور بالاتجاه المعاكس من دولة الخلافة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا. فسامي أميمور أحد الإرهابيين الذين نفذوا اعتداء الباتاكلان في باريس أقام في منبج في عام 2014، حتى إن التقرير لجنة التحقيق الفرنسية حول مكافحة الإرهاب أتى على ذكر أهمية منبج في تحركات الجهاديين الفرانكوفونيين على ضفتي الحدود التركية السورية.     


وتابعت الصحيفة أن معركة منبج تتوج نظراً لأهميتها سلسلة من النجاحات الميدانية للقوات الكردية وحلفائهم العرب في مواجهة داعش شمال البلاد مدعومين من التحالف الدولي، بيد أن هذه الانتصارات العسكرية تحمل تحديات سياسية ضاغطة أكثر فأكثر، تعد بمثابة عقبات محتملة أمام الانتصار النهائي على الجهاديين في سوريا، وفق "لوموند". ومن بين هذه التحديات انعدام التوازن السياسي والعسكري في صفوف القوات التي حررت منبج بما يمكن أن يؤدي احتكاكات كبيرة لا يقدر على احتوائها سوى وجود عدو مشترك هو داعش.

وخلصت "لوموند" إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، المتهمة بالعمل لصالح الكرد وطموحاتهم الانفصالية، عليها أن تثبت نفسها في منبج، أهم المدن غير الكردية التي حررتها، مشيرة إلى أن حجم الخسائر التي سجلت خلال المعركة يمكن أن يلعب ضد مصلحتها. لكن في المقابل فإن المواجهة بين حزب العمال الكردستاني والأمن التركي والتدهور السريع في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بعد إجهاض الانقلاب العسكري تعقد الوضع أكثر. فأنقرة لطالما كانت معادية للنفوذ المتزايد للكرد عند حدودها الجنوبية وتحديداً في منبج. وبالتالي، فإن داعش يتراجع، بفعل الهزيمة تلو الأخرى، لكن التوتر الذي يخلفه وراءه يبدو أنه يؤخر في كل مرة سقوطه.