القاعدة تبتلع المعارضة السورية

تدرك جماعات المعارضة المسلحة تماماً حاجتها للحفاظ على مصداقيتها الشعبية على الأرض ومن أجل القيام بذلك سوف تحتاج قريباً إلى إعادة ترتيب أولويات المعركة العسكرية على المفاوضات السياسية. وحين سيحصل ذلك فإن هيئة تحرير الشام هي ستتخذ زمام المبادرة وسيتبين أن التعاون العسكري ضرورة وليس خياراً.

تسعى "هيئة تحرير الشام" لدمج كل فصائل المعارضة المسلحة تحتها
كتب تشارلز ليستر في فورين بوليسي
بعد ست سنوات من الصراع، تحوّلت سوريا وشعبها بالكامل. الآثار المترتبة على الأزمة التي قتلت ما يقارب نصف مليون شخص وأجبرت قرابة 11.5 ملايين على مغادرة منازلهم تبدو واضحة من خلال التصاق السوريين بهوياتهم المختلفة. فيما تقاوم الغالبية العظمى تفكك البلاد بشكل رسمي يبدو من المستحيل تجاهل كيف أن الحرب الوحشية التي طال أمدها عمّقت الانقسامات في المجتمع الذي كان متماسكاً يوماً ما. في مناطق كثيرة من البلاد، لا تزال خطوط التماس مرسومة على المستوى الإنساني بين القرى التي كانت تعيش في حالة من الوئام. أما الدينامية المذهبية التي كان يدعمها في البداية المتطرفون فقط فبدأت تحدد على نحو حاسم شكل المعارضة الرئيسية.أصل هذه الدينامية يعود إلى الرئيس السوري بشار الأسد الذي سارع إلى وسم التحرك السلمي في بداية 2011 بـ"المؤامرة الخارجية". هذه المؤامرة التي تحدث عنها الأسد في أواسط 2011 كان يقودها "الإرهابيون" السنة الذين أطلق سراح العشرات إن لم يكن المئات منهم في آذار/ مارس وأيار/ مايو وحزيران/ يونيو 2011.  

هذا التأطير المذهبي للأزمة من قبل الأسد وتموضعه كحامي للأقليات السورية لم يسمح له فقط بتدعيم قاعدته بل ضمن تطور السرد الطائفي للمتطرفين داخل المعارضة. وهذا ما حصل فعلاً بطريقة أو بأخرى. المعارضة السورية في أضعف حالاتها منذ 2012 والاتجاهات الدولية تتحرك ضدها. الولايات المتحدة ابتعدت عن مقولة "على الأسد الرحيل" ويبدو أن انتخاباتها حوّلت اهتماماتها في اتجاه آخر، أوروبا مشتتة بين أزمة المهاجرين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أما تركيا فغيّرت على نحو مفاجئ سياستها، وباعت في الواقع حلب إلى روسيا. في غضون ذلك عززت موسكو وطهران وحزب الله التزاماتهم العسكرية تجاه نظام الأسد وضمنوا بقاءه على الأقل. وسط هذه التحديات دخلت المعارضة السورية في فترة من المراجعة والتوتر الداخلي الكبير.

وأظهرت المعارضة المسلّحة غير التابعة للقاعدة، التي تعرضت لضغط شديد سواء من الأردن والسعودية في الجنوب أو تركيا وقطر في الشمال وبدت أمام خيارات ضئيلة، براغماتية من خلال الموافقة على المشاركة في المحادثات السياسية في كازاخستان أو سويسرا، بالرغم من أن قاعدتها الشعبية لا تزال ترفض بشدة مثل هذه الإشارات حول "التسوية" فيما قلّة من المشاركين تتوقع نجاح المحادثات. لكن المعارضة السورية المسلّحة هي الأخرى تتغير نتيجة الضغوط الداخلية. إذ إن ممثلي القاعدة في سوريا المنضوين تحت جبهة فتح الشام التي باتت تسمى منذ تموز/ يوليو 2016 هيئة تحرير الشام بعد انضمام مجموعات أخرى عديدة إليها في كانون الثاني/ يناير، بدوا متصلبين ومصممين على تحقيق هدفهم الطويل الأمد وهو دمج كل جماعات المعارضة المسلحة تحت مظلتها الإسلامية العابرة للوطن. وسمّت القاعدة هذا الهدف بـ"توحيد الصفوف". 
  
متحررة من أي تعليمات خارجية ومستفيدة من التراجع التدريجي لقاعدة المعارضة الأكثر اعتدالاً، أمضت القاعدة وقتاً طويلاً بين 2012 و2015 في بناء الثقة مع المعارضة السورية تحت ستار "جبهة النصرة". كانت تلك محاولة القاعدة الأولى لإقحام نفسها ضمن المعارضة. وتموضع التنظيم بصفته مجرد عنصر من الحركة الثورية السورية الواسعة مستخدماً براغماتية متوازنة، واستراتيجية عسكرية محددة وواضحة، ومركزاً على العناصر المحلية من أجل جعل السوريين يقبلون ويدعمون وجوده. من خلال تغيير التسمية إلى "جبهة فتح الشام" في أواسط 2016 والقول بأنه قطع علاقاته الخارجية مع القاعدة، أراد التنظيم تجاوز العقبة الرئيسية المتبقية في توحيد الصفوف من خلال إقناع العدد الأكبر من المعارضة السورية أنه حركة سورية جذرية بأهداف محلية ولا تملك أي مشروع جهادي عابر للوطن.  هذه المناورة سمحت للقاعدة بتحقيق بعض التقدم لكن بقي أن تحقق الهدف المنشود. 
ثلاث مبادرات لتوحيد الصفوف بين أواخر 2016 ومطلع 2017 فشلت في تحقيق اندماج ذي تأثير. حركة "احرار الشام" السلفية القوية التي يمكن أن تكون الحليف العسكري الأكثر اتساقاً والذي لا يقدر بثمن، رفضت مراراً الاندماج مع "جبهة فتح الشام" معلّلة ذلك بأن الأخيرة لم تنفصل بما يكفي عن القاعدة بما يبرر قيامها بهذه الخطوة. الأمر الذي أدى إلى حرب كلامية شرسة واشتباكات متكررة وأخيراً موجة من الهجمات التي نفذتها "جبهة فتح الشام" على جماعات المعارضة في شمال سوريا.  مع تهديد "أحرار الشام" بحرب انتقامية ضدّ "جبهة فتح الشام" اندمج الكثير من الفصائل السورية الكبيرة في صفوف الأولى من أجل ضمان الحماية الذاتية، فيما أجبرت الثانية تنظيمات أخرى على الانضواء تحت مظلتها الجديدة "هيئة تحرير الشام". 

هذا الفرز الكبير قسّم المعارضة السورية في الشمال إلى ثلاثة فصائل متنافسة. "هيئة تحرير الشام" و"أحرار الشام" هما الفصيلان الأكثر قوة عسكرياً، مع 12 الى 14 ألف مقاتل في الأولى و18 إلى 20 الف آخرين منضوين ضمن الثانية. أما الجيش السوري الحر فبات يمثل مظلة فضفاضة اجتمعت تحتها جماعات مسلحة تقدّم نفسها على أنها النموذج الأصلي للثورة السورية القومية. في ظل القتال مع "جبهة فتح الشام" و"هيئة تحرير الشام" ومن باب التمايز عنهما أقدم سلفيو "أحرار الشام" على تبني الصورة والخطاب القومي للجيش السوري الحر.  بالرغم من أنها تضم جماعات أقل تطرفاً من القاعدة إلا أن "هيئة تحرير الشام" لا تزال متمسكة بأهداف التنظيم الجهادية في سوريا، تحديداً إعلان دولة الخلافة الإسلامية التي يمكن أن تشكل أحد عناصر دولة الخلافة العالمية للقاعدة في نهاية المطاف.  في غضون ذلك بقيت "أحرار الشام" محافظة بشدّة على هويتها الإسلامية لكن من دون وجود أهداف لها خارج حدود سوريا. 

في مقابلة أجريت أخيراً أكد التنظيم أنه "يؤمن بالحلّ السياسي" ولم يعارض  فكرة تبني "الديمقراطية" واعلن استعداده للمشاركة في "استفتاء شعبي" وعدم معارضة أي "قرارات سياسية يتخذها الشعب السوري في المستقبل".    بالرغم من هذه الاختلافات السياسية والإيديولوجية، تصرّ فصائل "جبهة تحرير الشام" و"احرار الشام" و"الجيش السوري الحر" على استمرار صراعها المسلّح ضدّ نظام الأسد. مع ذلك فإنه مع الضغط الذي تمارسه الدول الإقليمية والعالمية على "الجيش السوري الحر" و"أحرار الشام" من أجل الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الهش، تمكنت "هيئة تحرير الشام" من خلال سياستها الثابتة والمصرّة على مواصلة القتال من اكتساب مصداقية وولاء على الأرض. سياسة القتال من دون قيود وضوابط تجعلها تكتسب المزيد من القوة يوماً بعد يوم.   

روايات مختلفة

مع إصرار المجتمع الدولي أكثر من أي وقت مضى على حل الأزمة السورية، ومع سيطرة قتال داعش وغيرها من اللاعبين الإرهابيين على صنّاع السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا، يبدو أن مشروع القاعدة الجهادي الطويل الأمد في سوريا يواجه تحدياً غير مسبوق. لكن إصرارها على تحقيق أجندتها ومهاجمة وتدمير التنظيمات المنافسة في الوقت عينه جعلا القاعدة تستعد على نحو فعال للدفاع عن نفسها.   

هذا الأمر في جزء كبير منه يعود لموقف القاعدة الذي لا تساوم عليه في ما يتعلق بقتال نظام الأسد وهو ما يلبي مطالب القاعدة الشعبية للمعارضة المسلحة والمدنية داخل سوريا. وينظر إلى الجماعات التي لديها ارتباطات مع دول خارجية على أنها قدمّت تنازلات بناء على أجندات أسيادها، الذين يشجعون حتى الآن على الأقل على التوصل إلى سلام محتمل من خلال التفاوض مع النظام. 
"جبهة فتح الشام" التي أصبحت اليوم "هيئة تحرير الشام" في المقابل بقيت على موقفها متعهدة بمواصلة القتال بفعالية ضد النظام بما أكسبها مصداقية على حساب هؤلاء الذين هم أكثر براغماتية.
الهجمات التي نفذتها "جبهة فتح الشام" ومن ثم "هيئة تحرير الشام" ضدّ فصائل المعارضة المنافسة بدا أنها لا تحظى بشعبية وسط السوريين المؤيدين للمعارضة لكن حماسة الإسلاميين للصراع المسلح ضد الأسد وروسيا وإيران تبدو ورقة رابحة أمام هذه المخاوف. 
بالرغم من ادعاء المجتمع الدولي أن وقف إطلاق النار لا يزال سارياً استمرت الغارات الجوية والمدفعية في قصف المناطق المأهولة التي تسيطر عليها المعارضة يومياً، مغذية الكراهية للنظام. وبدا أن استمرار المعارضة في المشاركة في مفاوضات الخارج يضعها في موقف لا تحسد عليه بمعزل عن حاجتها للدعم الدولي والشرعية.
يخبرني أحد قادة هذه المجموعات الناشطة في أستانة وجنيف الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "لا نتائج تتمخض عن أي اجتماع باستثناء إذلال ثورتنا"، مضيفاً "لا يمكننا المشاركة في هذه الاجتماعات للأبد كما أننا لن نتخلى عن قتالنا للنظام". بالتالي فإنه نتيجة لمثل هذه الضغوط رفضت مجمل المعارضة المسلحة المشاركة في الجولة الأخيرة من محادثات أستانة التي بدأت في 14 آذار/ مارس واستمرت حتى 15 آذار/ مارس تاريخ الذكرى السادسة للثورة السورية. 

خلال هذه العملية، ظلت "هيئة تحرير الشام" متمسكة بموقفها الرافض للمحادثات أو أي اقتراح لتقديم تنازلات أو تسويات. كما أنها قادت تفجيراً انتحارياً مزدوجاً في عقر دار النظام ضد مقرات عسكرية وأمنية في حمص في 25 شباط/ فبراير وضدّ حافلات زوار عراقيين شيعة في دمشق في 11 آذار. الاعتداءان قتلا 116 شخصاً، فيما دفع الأخير المجتمع الشيعي العراقي إلى مطالبة سلاح الجو العراق لبدء غارات ضد "هيئة فتح الشام" في شمال غرب سوريا. اعتداء ثالث استهدف قصر العدل في الذكرى السادسة للثورة السورية وبحسب ثلاثة مصادر متفرقة فإن هذا الهجوم من عمل "هيئة تحرير الشام".

الأفعال أقوى من الأقوال

تواصل "هيئة تحرير الشام" تأطير الصراع في سوريا على أنه سني شيعي. هذا الخطاب المتطرف الذي يعود قروناً إلى الوراء حيث صراع الخير والشر، يجد وسط حالة الغضب والمعارضة أصداء واسعة بين الجمهور.
عبادة القادري، ناشط سياسي سميّ من بين مئة شخصية اعتبرت الأكثر تأثيراً عام 2014، وهو يملك إذاعة معتدلة أخبرني أن خطاب هيئة تحرير الشام سيجذب السوريين: 

يقول "هيئة تحرير الشام تعتمد خطاباً مختلفاً ومنطقياً أكثر من خطاب جبهة فتح الشام، معتمدة على أسباب منطقية يمكن لجميع السوريين الموافقة عليها خصوصاً في ما يتعلق بالموقف السيء للأميركيين تجاه الثورة. هذا الخطاب الجديد جذاب. كما أنهم منطقيون في استهدافهم للشيعة، إذ إن هذا هو الشعور السائد لدى الكثير من السوريين السنة، وهم اليوم يتموضعون بصفتهم الفصيل الأقوى الذي سيدافع عن كل السوريين".  

حتى الشخصيات والناشطين في قيادة "الجيش السوري الحر" مثل أسامة أبو زيد الذي يصرّ على أن "الثورة لم يرد لها أن تكون مذهبية" يعترف بأن تأثير "هيئة تحرير الشام" في الميدان وخلف خطوط الأعداء هو من دون شك محط تقدير وإعجاب السوريين.
يقول أبو زيد "إن أي عملية مرحب بها اذا اسفرت عن سقوط قتلى في صفوف قوات النظام والميليشيات التي تدعمها، لأن تلك القوات ينظر إليها السوريون على أنها قوات استعمارية تريد فرض تغييرات ديمغرافية في مناطقنا، لكن أي عملية تسفر عن ضحايا في صفوف المدنيين لا يمكن تأييدها خصوصاً إذا كانت من تنفيذ النصرة".  

في ظلّ توقف المعارضة المسلحة عن محاولات التقدم في الميدان نتيجة محاولات التوصل لتسوية سياسية، استطاعت "هيئة تحرير الشام" من خلال إصرارها على العمل العسكري والضرب في معقل النظام أن تحصد شعبية.  
نظراً لكون الدعم الدولي للعمليات ضد الأسد قد يصبح قريباً من الماضي تقدّم "هيئة تحرير الشام" نفسها على أنها النموذج الوحيد لمواصلة القتال الذي بدأه السوريون في آذار/ مارس 2011. 

يخبرني رامي الدالاتي رجل الدين السني المؤثر "السوريون يثقون بهيئة تحرير الشام أكثر من السابق خصوصاً بعد الهجمات على الاستخبارات في حمص وسوريا. الهجمات ضد فصائل المعارضة كانت مشكلة كبيرة لكنها توقفت الآن. الناس تعبوا من أن يكون لديهم تنظيمان أو ثلاثة. تعبوا من التفكك". 

أميركا تتورط

بالرغم من جهودها المتواصلة فشلت القاعدة في توحيد المعارضة السورية المسلحة تحت قيادتها. بعد أن انضم جناحها الأكثر تطرفاً لـ"هيئة تحرير الشام" في كانون الثاني/ يناير، باتت "أحرار الشام" أكثر حدّة في قتال "هيئة تحرير الشام".    
أخبرني قائد كبير في "أحرار الشام" أن الاندماج مع الهيئة أمر "مستحيل" لا يمكن حصوله على الإطلاق، فيما اتهم القائد العسكري حسام سلامة التنظيم مؤخراً بأنه يخدم أعداء الثورة. دالاتي الذي كان جزءاً من اللوبي الذي ضغط نحو تأمين الأجواء من أجل القبول بقرار جبهة النصرة التحول إلى "جبهة فتح الشام" لا يزال على اتصال مع قيادة "هيئة تحرير الشام".

وفق دالاتي فإن تحقيق "هيئة تحرير الشام" الدمج الكامل هدف غير واقعي بيد أن دمجاً سياسياً سيحصل في المستقبل.
أقدمت الولايات المتحدة مؤخراً على خطوة من أجل رفع منسوب التوتر بين "هيئة تحرير الشام" ومكونات المعارضة السورية الأخرى. في بيان بتاريخ 11 آذار/ مارس قال المبعوث الأميركي الخاص مايكل راتني معللاً أسباب التصنيف الأميركي للهيئة وكل المجموعات المنضوية تحتها على أنها "قاعدة". يقول قائد في "أحرار الشام" "إن الأمر كان رائعاً بالفعل". بدا الأمر وكأن أحد الثوار كتب البيان. كل كلمة بدت وكأننا نحن من كتبها.
أحد المقاطع في البيان أثار انتباه السوريين وفيه يقول راتني "في كل أوجهها باتت القاعدة أقل اعتماداً على الثورة التي تسعى إلى تدميرها فيما توجه هجماتها الآن ضد رموزها". 

مسؤول في مكتب المبعوث الخاص أكد بعد وقت قصير من البيان أن هدف البيان الاصطياد في المياه الراكدة، قائلاً "أردنا أن نثير انتباه المسلحين على الأرض، بأننا نطبق ما نكتبه ونفهم وجهات نظرها لكننا نعرف أيضاً ما إذا كانوا صادقين".  
"هيئة تحرير الشام" التي تفاجأت بهذه الدينامية الجديدة ردّت بتعقيب فعال مثير للقلق. بعد أسابيع عدة من الخلاف الداخلي أنشأت الهيئة مكتباً سياسياً (إدارة الشؤون السياسية) وأصدرت أول بيان لها موضحة نقاط عدة لراتني. 

وجاء في البيان أن الهيئة عرّفت عن نفسها بوضوح منذ اليوم الأول لتأسيسها. لقد جددنا التزامنا بأهداف ثورتنا التي تتمثل بإسقاط نظام الأسد المجرم. لقد أكدنا أننا مستقلون بالكامل ولا نمثل أي كيان أو منظمة أجنبية. وبالتالي لقد أوضحنا أن قيام هيئة تحرير الشام بمثابة مرحلة جديدة في الثورة السورية. وأعضاء الهيئة هم عناصر هذه الثورة".  

ماذا يحمل المستقبل؟

في حال عدم حصول أي تحول جيوسياسي رئيسي من الصعب رؤية مستقبل لا يمنح "هيئة تحرير الشام" المزيد من الفرص من أجل الاستفادة منها. من الواضح أن الهجمات التي نفذتها "جبهة فتح الشام" ولاحقاً "هيئة تحرير الشام" على فصائل المعارضة أثارت شكوكاً ومخاوف من نوايا التنظيم في سوريا بيد أن الصراع المسلح ضدّ نظام الأسد سيبقى الأولوية بالنسبة لقواعد المعارضة السورية.
  
المحدد الرئيسي للمستقبل سيكون العلاقة بين هيئة تحرير الشام وأحرار الشام ومدى التأثير التركي عليها. تدرك جماعات المعارضة المسلحة تماماً حاجتها للحفاظ على مصداقيتها الشعبية على الأرض ومن أجل القيام بذلك سوف تحتاج قريباً إلى إعادة ترتيب أولويات المعركة العسكرية على المفاوضات السياسية. وحين سيحصل ذلك فإن هيئة تحرير الشام هي ستتخذ زمام المبادرة وسيتبين أن التعاون العسكري ضرورة وليس خياراً. ربما هيئة تحرير الشام لن تتمكن من توحيد صفوف المعارضة لكنها ستضمن مكانتها باعتبارها المحرك من دون منازع للثورة في سوريا.