الصحف الأميركية تسأل: ماذا بعد الضربة العسكرية لسوريا؟
أمّا وأن الضربة الأميركية لسوريا قد حصلت فالسؤال الآن هو عمّا بعدها. هذا السؤال هو ما شغل الصحف الأميركية التي تصدرت صفحاتها الغارات التي استهدفت قاعدة الشعيرات الجوية وسط سوريا.
وتحدثت الصحيفة عن انقسام بشأن الضربة. وفي هذا الإطار نقلت عن مسؤولين أميركيين رفضوا الكشف عن اسمهم أن من بين المسؤولين من طالب بالقيام بعمل فوري ضد الأسد بيد أن آخرين أعربوا عن مخاوفهم من تأثيرات مثل هذا الأمر تحديداً ما هو مرتبط برد روسيا في ظل منظومات الدفاع الجوي التي سبق أن نشرتها في سوريا.
من جهتها نقلت "وول
ستريت جورنال" عن مسؤول أميركي أن ترامب ومسؤولين آخرين
كانوا على علم في وقت مبكر من يوم الخميس بأن المهمة ستنفذ بعد أن ابلغ وزير الدفاع
جيمس ماتيس ترامب بذلك، لكن الخطة لم تأخذ شكلها النهائي حتى منتصف النهار.
أما وأنّ الضربة قد حصلت فإن المشكلة الكبيرة اليوم وفق "واشنطن بوست" هو ما سيليها وتحديداً ما هو مرتبط برد روسيا. إذ إن الاختلاف الكبير بين 2013 حين هدد الرئيس الأميركي باراك أوباما
بتوجيه ضربات ضد الأسد واليوم هو أن مخاطر اتساع الصراع أكبر بكثير.
الفارق الكبير هو أن ترامب وقيادته العسكرية يواجهان اليوم حضور القوات الروسية في
الميدان ومنظومات الدفاع الجوي الروسية القادرة على إسقاط الطائرات الأميركية. اليوم القوات الروسية متشابكة مع القوات السورية وأي ضربة على هدف عسكري سوري يمكن
أن يتسبب بخسائر عسكرية روسية.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال المتقاعد جون آلن المنسق السابق للتحالف ضد داعش في العراق وسوريا
في عهد إدارة أوباما "إن الغارات العسكرية كانت ستكون حاسمة لجهة تأثيرها على
الحرب لو شنت في 2013 لكنها اليوم تبدو أكثر صعوبة". وقال إن على الإدارة الأميركية أن تطرح على نفسها السؤال التالي: ما هي حدود غضبنا
تجاه هذه المسألة؟ هل نحن مستعدون للقيام بعمل حتى مع إمكانية التسبب بمقتل روس؟
في ما يتعلق بمنظومات الدفاع الجوي الروسية والسورية فإنها لم تستهدف حتى الآن
الطائرات الأميركية لكون الأخيرة تركز بشكل كبير على قتال داعش العدو المشترك
للولايات المتحدة والنظام السوري.
وفق اندرو أكزوم المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية في عهد أوباما فإن "الطائرات
الأميركية وطائرات التحالف لطالما حلّقت فوق هذه المنظومات على مدى السنتين
الماضيتين وبالتالي في حال شنّ غارة سيكون لدى النظام كل المبررات لبدء ضرب طائرات
التحالف بواسطة هذه المنظومات". وأضاف أكزوم إن أي خطوة مماثلة من قبل السوريين والروس يمكن على الأقل أن تخيف
شركاء التحالف وتدفعهم نحو الانسحاب من المعركة.
أمام هذه المخاوف خلصت "واشنطن بوست" إلى أن "بوسع ترامب تخفيف
بعضها من خلال طمأنة الروس بأ الغارات هدفها فقط معاقبة الأسد على استخدام الأسلحة
الكيميائية وليس اخلال التوازن في الحرب الاهلية على نطاق واسع" مضيفة أنه من
المحتمل أن تمنح هذه الغارات الولايات المتحدة نفوذاً إضافياً من أجل التوصل إلى
تسوية مع الروس تنهي الحرب الأهلية في سوريا وفق ما يقول بعض المحللين.
الدبلوماسية "الذكية"
هذه الدبلوماسية وفق الصحيفة الأميركية تبدأ مع روسيا. الإدارة الأميركية أبلغت موسكو مسبقاً بالغارة، بحيث إن الساخرين قد يخرجون بمقولة إن الولايات المتحدة حذرت مسبقاً سراً الروس وحذروا الأسد من عدم الإقدام على أي رد فعل، ورجحت الصحيفة أن الإدارة الأميركية أرادت أن تتأكد من معرفة موسكو بما ننوي القيام به بحيث تبقي قواتها بمنأى عن الأذى ولا تبالغ في ردّة الفعل.
وقالت "نيويورك تايمز" إن على الإدارة أن توضح لموسكو أنها ستحمّل الأسد مسؤولية تصرفاته وأنها ستحشد الآخرين من أجل القيام بالمثل وشنّ ضربات في حال كانت هناك ضرورة لذلك. على الولايات المتحدة أيضاً ربط التعاون مع روسيا في مجال مكافحة الإرهاب ببذل روسيا جهوداً "لكبح جماح نظام الأسد" ودفعه نحو مفاوضات حقيقية مع المتمردين. ورأت الصحيفة أن زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون إلى موسكو الأسبوع المقبل ستكون محورية في إيصال هذه الرسالة وضبط مخاطر أي تصعيد مع روسيا.
وتابعت الصحيفة أن على ترامب أيضاً
التنبه إلى النتائج السلبية لأفعاله خصوصاً على حملته ضد داعش، كما أن على إدارته
إقناع موسكو بعدم تعقيد عمل الطيارين الأميركيين في الأجواء السورية، فضلاً عن
ضرورة تحذيرها إيران من عدم الانتقام من خلال إطلاق "ميليشياتها" ضدّ
الجنود الأميركيين في العراق.
Antony J. Blinken, OpEd at NYTimes, on Syria: After the Missiles, We Need Smart Diplomacy https://t.co/MLkEY4Bjnv
— Jorge Leuschner (@JorgeLeuschner) April 7, 2017
فرصة تعزيز المصالح الأميركية
وأضافت إن على ترامب أن يجعل روسيا وإيران تبدآن بدفع ثمن دعمهما للأسد مشيرة إلى أن لا حافز لديهما للتفاوض حول إنهاء الحرب الأهلية لأنهما تريان نفسيهما على طريق الانتصار الخالي من أي تكلفة تقريباً، وبالتالي فإن هذه الحسابات قد تتغير حين تريان ارتفاع تكلفة تدخلهما.
"وول ستريت جورنال" قالت إن على إدارة ترامب أن تفكر في شكل الحلّ طويل الأمد الذي تريده في سوريا والذي يمكن أن يكون التقسيم على إلى جيوب عرقية، لكن فرص الوصول إلى هذا الحل ستكون أكبر في حال امتلاك المعارضة مناطق آمنة وعدم قدرة الأسد على الإفلات من العقاب.
الأمر الأهم الذي يتوجب على ترامب الاعتراف به وفق الصحيفة هو أنه "خضع للاختبار"، إذ إن الصديق والعدو يراقبان ردّه. الضربة العسكرية السريعة التي حصلت في الوقت الذي كان يتناول فيه العشاء مع الرئيس الصيني توضح أن حقبة أوباما قد انتهت. وخلصت "وول ستريت جورنال" إلى أنه "في حال واصل ترامب العمل من أجل حماية المدنيين السوريين وبناء تحالف ضد الأسد، قد يجد أن الإمكانيات الاستراتيجية الجديدة مفتوحة لتعزيز المصالح الأميركية وجعل الشرق الأوسط أكثر استقراراً" على حد تعبير الصحيفة.
Strikes represent first time a U.S. military operation deliberately targeted the regime of President Bashar al-Assad https://t.co/oKsvC1r4vO
— Wall Street Journal (@WSJ) April 7, 2017