هل حانت لحظة المواجهة الكبرى في سوريا؟
ما يشبه قرع طبول المواجهة الكبرى في سوريا بدأ يسمع بين سطور الصحف الغربية، تطورات الميدان خلال الأيام الماضية شكّلت مادة دسمة للبناء عليها وقراءتها مرفقة بمعطيات ومعلومات إذا ما صحّت فإن المنطقة مقبلة على تصعيد تتفاوت التقديرات بشأن حدته ونطاقه مع شبه إجماع على أنه واقع لا محالة. حتميته تتأتى وفق الصحف الغربية ليس فقط من اعتبارات مرتبطة بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، فللرئيس الأميركي حسابات داخلية على خلفية التحقيقات المتواصلة مع مستشاريه وأعضاء في فريقه، مما قد يجعله يهرب نحو الانخراط في عمل عسكري بمعزل عن مخاطره متجاهلاً أي أصوات معارضة سواء من داخل إدارته أو في أوساط النخبة والرأي العام.
ونقلت الصحيفة عن محللين أن مثل هذا التصعيد لا مفرّ منه. ورأى الخبير العسكري في مؤسسة "هاريتاج" جون فينابل أن ما يحصل اليوم هو قرار أميركي بأخذ زمام المبادرة مجدداً في سوريا متوقعاً حصول تصعيد "لن يصل إلى حد المواجهة المفتوحة" كما قال بل سيكون أشبه بـ"لعبة القط والفأرة" بين الروس والأميركيين.
صحيفة "ديلي تيليغراف" اعتبرت أن واشنطن قضت على أي تعاون محتمل مع موسكو في سوريا
حين أقدمت على إسقاط المقاتلة السورية. وقالت إن على ترامب نسيان خططه لقيام علاقة
بناءة مع روسيا. وأضافت أن الحادثة لا تشكل انتكاسة
جديدة لخطط ترامب لتحسين العلاقات مع موسكو فقط بل هي تسلط الضوء على ازدياد عمق الهوّة بين روسيا والغرب
على خلفية طموحاتهما في سوريا كما في بقية دول الشرق الأوسط.
ولفتت إلى أنه بالرغم من أن الأولوية القصوى لدى المسؤولين الغربيين لا
تزال تدمير داعش إلا أن الوضع على الأرض يزداد تعقيداً حيث لا تصور واضحاً للغرب
بشأن مرحلة ما بعد داعش في سوريا والعراق.
هروب من المأزق الداخلي نحو عمل عسكري محفوف بالمخاطر
المجلة لفتت إلى أن السياسة الخارجية الأميركية ذات طابع نخبوي في الولايات المتحدة، مضيفة أن غالبية الأميركيين لا تلقي بالاً للسياسة الخارجية ولا للقضايا المرتبطة بها باستثناء مسألة الإرهاب. رغم ذلك تشير دراسة لمركز "بيو" إلى أن غالبية الأميركيين تفضّل أن تتفرغ الولايات المتحدة للتعامل مع مشاكلها الداخلية وترك الدول الأخرى تحلّ مشاكلها بنفسها، معربة عن مخاوفها من حصول اشتباك عالمي، مع تفضيلها بأن تلعب واشنطن دوراً قيادياً أكثر تواضعاً.
وفي هذا الإطار أشارت "فورين بوليسي" إلى أن عدداً كبيراً من الأميركيين بمن فيهم الرئيس السابق باراك أوباما ورؤساء ووزراء دفاع سابقين متفقون على أنه على حلفاء الولايات المتحدة أن يدفعوا أكثر من أجل الدفاع عن أنفسهم، رافضين لعب الولايات المتحدة دور شرطي العالم.
من يردع ترامب؟
وفي مقالة مشتركة مع بريان كاتوليس في صحيفة "واشنطن
بوست" تحدث بوديستا عما يشبه الحرب الصامتة التي بدأها ترامب في سوريا من
خلال العمليات العسكرية وصفقات الأسلحة في الشرق الأوسط من دون حصول أي نقاش علني
حول مخاطرها أو أدوات الأمن القومي التي من شأنها حماية الولايات المتحدة من بينها
الأداة الدبلوماسية.
ورأى بوديستا أن إسقاط الطائرة السورية هو آخر فصول التصعيد العسكري في المنطقة الذي
يفتقر للاستراتيجية المحددة والأهداف الواضحة لدى الرأي العام الأميركي، مضيفاً
أنه في غضون خمسة أشهر فقط منذ وصوله إلى البيت الأبيض "حرك ترامب القوات
الأميركية نحو الخطوط الأمامية في العراق وسوريا واليمن والصومال" مشيراً إلى
"نشر منظومة الصواريخ البعيدة المدى في جنوب شرق سوريا الذي لم يثر أي نقاش
داخلي".
"لكل فعل رد فعل" وفق بوديستا ولكن "من غير الواضح ما إذا كانت إدارة
ترامب فكرت باحتمال الانزلاق نحو حرب مباشرة مع إيران أو تعرض القوات الأميركية
لأسلحة كيميائية من قبل داعش".
أمام هذا الواقع يستنفر بوديستا الكونغرس الذي تقع على عاتقه كما يقول مسؤولية الرقابة والتحرك
في ثلاثة مواضع. الأول توفير الحماية لتجنب الانزلاق نحو الحرب من خلال تجديد
النقاش حول قرار السماح باستخدام القوة العسكرية واستبدال القرار القديم المرتبط بالقاعدة
ومثيلاتها والذي مضى عليه 15 عاماً. الموضع الثاني يقوم على منع إعطاء شيكات على
بياض للشركاء الإقليميين من خلال دراسة أي اقتراحات لصفقات أسلحة أو تزويد
السعودية بأسلحة جديدة أو تقديم مساعدات عسكرية لدول أخرى مثل مصر. وأشار بوديستا
إلى أن أهمية التعاون العسكري مع الحلفاء تنبع من تحقيق المزيد من الاستقرار
وتخفيف التصعيد لا التشرذم المستمر في منظومة الشرق الأوسط. ثالثاً استخدام أدوات
الأمن القومي من بينها الاستفادة من وزارة الخارجية ودعم جهود المنظمات الدولية
مثل الأمم المتحدة.