"الغارديان": هل ذاب الجليد بين موسكو وواشنطن قبل قمة جنيف؟
يقول المحللون إن الحدث سيكون "مملًا" حيث يحاول الجانبان إعادة تشغيل العلاقات بعد الاجتماع الكارثي بين ترامب وبوتين في عام 2017.
تناولت صحيفة "الغارديان" البريطانية القمة المرتقبة غداً بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقالت إن فريق بايدن لم يخفِ سوى القليل عن استعداداته الصارمة. فقد أعلنت زوجته جيل أنه "مفرط في الاستعداد". ويصر البيت الأبيض على أن الرئيس ليس لديه أوهام بشأن "إعادة ضبط الوضع الروسي"، لكن بايدن يجادل بأن هناك بعض القضايا - مثل الحد من التسلح وربما حالة الطوارئ المناخية - التي يتعين على الزعيمين مناقشتها، ويضغط لإعادة تأسيس روتين الحوار الاستراتيجي بين المسؤولين الأميركيين والروس.
وقال الرئيس بايدن يوم الأحد "لا نبحث عن صراع. نحن نتطلع إلى حل تلك الإجراءات التي نعتقد أنها غير متوافقة مع المعايير الدولية، أولاً. ثانياً، حيث يمكننا العمل معاً، ونكون قادرين على القيام بذلك.. نحن على استعداد للقيام بذلك".
وفي مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الإخبارية أذيعت أمس الاثنين، قال بوتين إنه سيفكر في إقامة مثل هذا الحوار، اعتماداً على كيفية سير قمة الأربعاء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في العالم الواقعي، لم يقدم الأسبوع الماضي سوى القليل من الدلائل على انفراج قادم. فقرار محكمة روسية صدر مساء الخميس الماضي بحظر منظمة أليكسي نافالني بصفتها "متطرفة" سيعيد التأكيد على قضية حقوق الإنسان في روسيا على أجندة القمة. كما أن دعم روسيا للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو سيؤدي كذلك إلى معركة حول ما تدعي موسكو أنه مجال نفوذ لها في بيلاروسيا وأوكرانيا، على الرغم من تفكك الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من 30 عاماً.
وقالت ميليندا هارينغ من "المجلس الأطلسي" خلال الطاولة المستديرة الأخيرة التي استضافها مركز "ذا ناشونال انترست"، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "لا أعرف كيف تتغلب على ذلك. أوكرانيا، بيلاروسيا، السياسة الداخلية لروسيا، توسيع حلف الناتو، كلها مسائل تدور حول من يملك ماذا. هل يقرر البيلاروسيون مستقبلهم، وهل يقرر الأوكرانيون مستقبلهم، أم هل يقرر بوتين مستقبلهم؟ أعتقد أنها مشكلة لا يمكن التغلب عليها".
ورأى المحللون أن القمة المقبلة ستكون "مملة" و"حدثاً" يتم التحكم فيه بعناية حيث حاول الجانبان إعادة التشغيل بعد اجتماع كارثي بين بوتين والرئيس السابق دونالد ترامب في هلسنكي في عام 2017، والذي أصر ترامب على عقده من دون أي مساعدين. كان كبار مساعدي الولايات المتحدة مصابون بالصدمة لأن ترامب خرج من محادثات ثنائية مع بوتين ورفض تقييم مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاص بأن روسيا قد تدخلت في انتخابات عام 2016، مصدقاً نفي بوتين للاتهامات.
وفي بيان له يوم الخميس، كرر ترامب بأنه يثق ببوتين أكثر من ثقته بالاستخبارات الأميركية، وطلب من بايدن إرسال "أحر تحياته" إلى الرئيس الروسي. وفي مقابلته مع شبكة "إن بي سي"، رد بوتين المجاملة ، ووصف ترامب بأنه "فرد غير عادي وموهوب".
البيت الأبيض لا يريد مؤتمراً صحافياً مشتركاً هذه المرة. وقال بايدن للصحافيين: "هذه ليست مسابقة حول من يمكنه القيام بعمل أفضل أمام مؤتمر صحافي لمحاولة إحراج بعضنا البعض".
وقالت الصحيفة إنه يبدو أن هناك القليل الذي يمكن أن تتفق عليه موسكو وواشنطن، فالعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في أسوأ حالاتها في الذاكرة الحديثة، وهي مليئة بالصراعات حول التدخل الروسي في أوكرانيا، والتدخل المزعوم في الانتخابات في الولايات المتحدة، والهجمات الإلكترونية. واتهمت روسيا الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالتدخل في الدول المجاورة في أوروبا الشرقية، بينما سعى بوتين إلى مساواة مؤيدي ترامب الذين اقتحموا الكونغرس الأميركي في كانون الثاني / يناير الماضي بقمع المعارضة في الشارع الروسي.
أما إذا كان هناك مجال للاتفاق، فمن المحتمل أن يكون مرتبطاً بإنقاذ بنية التحكم في الأسلحة النووية المتبقية، والتي شهدت مزيداً من التفكك خلال إدارة ترامب حيث رفضت الولايات المتحدة مناقشة تجديد معاهدة "ستارت" الجديدة وانسحابها من معاهدة الأجواء المفتوحة، وهي خطوة تم إضفاء الطابع الرسمي عليها من قبل روسيا هذا الشهر.
لكن بخلاف ذلك، من الصعب معرفة الطريق إلى الأمام.
وقال أندري سوشينتسوف من نادي "فالداي للحوار الروسي": "أعتقد أنهم يجتمعون لمحاولة معرفة سبب حاجتهم إلى علاقات ثنائية بين روسيا والولايات المتحدة". وأوضح أن تغيير الإدارة في البيت الأبيض يمكن أن ينتج ديناميكية إيجابية، كما يمكن أن يؤدي إلى تبني إدارة بايدن لهدف إقامة علاقات "مستقرة ويمكن التنبؤ بها" مع موسكو، وهي أجندة قال إنها تعكس السياسة الخارجية لروسيا. وأضاف أن الاجتماع قد يسمح للجانبين بإجراء "تدبير منزلي" لمنع المنافسة من التحول إلى مرحلة أكثر خطورة.
وقال سوشينتسوف إنه يمكن الحكم على النجاح من منظور موسكو على نطاق متواضع. وأضاف: "يجب أن نبحث عن علامات على أن كلا الفريقين يحترم بعضهما البعض كمحترفين. "وهل يمكن لهذا الفريق أن يحقق ذلك؟ هل يستطيع بايدن التسليم؟ لأنه خلال إدارة ترامب، لم يكن هذا هو الحال".
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت