"نيزافيسيمايا": بكين تتحدى تحالف بايدن
موسكو وبكين تسعيان لتوسيع التعاون بينهما في تحالف يضم بعض الدول لمواجهة التحالف الأميركي في المنطقة، حيث أصبحت معالم المعسكرين المتخاصمين واضحة بشكل متزايد، على الرغم من أن بكين تسعى لأن تبقى صديقة للعالم بأسره.
تناولت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية التحالفات التي تشكلها دول الغرب بين محور روسيا والصين وبعض الدول من جهة، لمواجهة محور الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها، وفيما يلي نص التقرير المترجم إلى العربية.
تقول الصحيفة إن رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أعلن مؤخراً أن الصين وروسيا تقتربان لمواجهة الغرب. وكان ذلك تكراراً للفكرة التي أعرب عنها الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه في المؤتمر الصحفي الأول الذي عقده. وترى واشنطن أن الحديث يدور عن تشكيل تحالف تحت رعاية بكين، والذي سيشمل ليس فقط روسيا والصين، ولكن أيضاً البلدان الأخرى التي ترفض الديمقراطية. ويزعم أن جمهورية الصين الشعبية تريد توحيد الدول الاستبدادية، ما يثبت أن النموذج الصيني للتنمية هو مستقبل البشرية.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن بايدن يريد تشكيل ائتلاف من "الدول الديمقراطية". أما الصين فتظهر أن لديها ائتلافها الخاص بها. ولم يكن من قبيل الصدفة، أن يجتمع مباشرة بعد الخلاف بين الصينيين والأميركيين في لقاء آلاسكا، وزيرا خارجية كل من الصين وروسيا، اللتين ترفضان التدخل الغربي في شؤون الدول ذات السيادة.
وعقب ذلك غادر وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الشرق الأوسط، حيث التقى مع حليفي الولايات المتحدة التقليديين، السعودية وتركيا، وكذلك مع إيران، والتي تمّ إبرام اتفاق معها بشأن كل من إمدادات النفط والتعاون السياسي.
وفي الوقت نفسه، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في رسالة إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، أن شريكه الأصغر لن يكون وحده في مقاومة الإملاءات الأميركية. كما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن ذلك كان تحذيراً لبايدن بعدم مواصلة مسار الرئيس السابق دونالد ترامب، وتذكيراً له بأن الصين لها تأثير كبير على كوريا الشمالية.
وتعتبر الصين نفسها أنها الخصم الرئيس للنظام الدولي الذي تسعى واشنطن إلى اقامته. ويقول وانغ يي إن مثل هذا الأمر لا يمثل إرادة المجتمع الدولي.
التهديد الأميركي بتشكيل تحالف لمواجهة الصين لم يؤدِ إلا إلى تغذية طموحات بكين لتصبح رائدة عالمية لتلك الدول المعارضة لواشنطن. وعلاوة على ذلك، لا ترفض الصين النقد الأميركي لسياستها الداخلية فحسب، بل تحاول أيضاً إدخال قيمها الخاصة في وعي الرأي العام العالمي.
ويجادل جون ديلوري، الأستاذ في جامعة يونسي في سيول، بأن الحجج الصينية هي كما يلي: "نحن بلد أكثر مسؤولية. نحن لسنا مفسدين ولا محور شر". ونتيجة لذلك، ينقسم العالم بشكل متزايد إلى معسكرين واضحي المعالم، وإن لم يكونا أيديولوجيين تماماً. وفي الوقت نفسه، تريد كل من الصين والولايات المتحدة جذب المزيد من المؤيدين.
الصين، من جانبها، تحاول أن تثبت أن أميركا تقسم العالم إلى كتل. وقد أوضح شي جين بينغ هذه النقطة في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وقال إن النظام العالمي ينبغي أن يبنى على توافق آراء العديد من البلدان، وليس على وجهة النظر التي يدافع عنها بلد واحد أو عدد محدود من البلدان.
وبينما ترفض بكين انتقاد سياستها الخارجية، فإنها تدعو إلى إعطاء الأولوية للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة على المسرح الدولي. وفي الواقع، فإن نفوذ بكين ينمو أممياً.
وقد ظهر ذلك من خلال المناقشة حول الوضع في شينجيانغ في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة اتهمت الصين بقمع الأويغور بصورة وحشية، إلا أن أكثر من 80 دولة أعربت عن دعمها لإجراءات الصين.
وقال وانغ إن سياسة الصين في شينجيانغ، وكذلك حملة القمع ضد المعارضين في هونغ كونغ، حصلت على دعم من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. لكن، ومع ذلك، فإنه من وجهة نظر عدد من المحللين الأميركيين، كان التقارب الصيني الروسي واحداً ومن أوضح رموز التحالف الدولي الناشئ تحت تأثير بكين.
آفاق التحالف العسكري مشكوك فيه، لكن سلوك بايدن العدائي وحتى المهين للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ، يدفع موسكو وبكين لتوسيع التعاون بينهما. وبشكل عام، أصبحت معالم المعسكرين المتخاصمين واضحة بشكل متزايد.
وقال ألكسندر لومانوف، نائب مدير معهد بريماكوف للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية لدى أكاديمية العلوم الروسية، في مقابلة مع صحيفة "نيزافيسيمايا"، إن "بيانات الدول الغربية مفاجئة.
ويبدو أنهم يفترضون أن اتهاماتهم لن تقابل بممانعة. وعندما يتم الرد عليهم بحدة، يبدأون في إضفاء الطابع اللاأخلاقي على خصومهم أو الادعاء بأن الصين تبني كتلتها المعادية للغرب. الصين حقاً تفعل ذلك. ولكنه ليس تحالفاً ضد الغرب، بل إجراء دفاعي وقائي يهدف إلى ضمان أمن الصين، في الحد الأدنى بالقرب من حدودها، حتى لا ينضم جيران الصين إلى الكتل العسكرية الموجهة ضدها".
واضاف لومانوف "حقيقة الصين تبحث عن حلفاء يلتقون معها في التفكير ويمكنهم التأقلم مع اجندتها، يرجع إلى حد كبير إلى ترامب وبايدن. وإن لم تكن هناك حرب تجارية ومحاولات لوقف نموها الاقتصادي، فلن تميل الصين إلى تشكيل تحالفات".
كما أشار إلى أن "الصين ستواصل القول إنها صديقة للعالم بأسره. ومع ذلك، فإنها لن تذهب أبداً إلى إنشاء تحالف رسمي، وخاصة عسكري".
وختم قائلاً: "الصين الآن، وبسبب عداء الغرب لها، تستثمر المزيد من الموارد في الحفاظ على علاقات جيدة مع تلك البلدان التي يمكنها الحفاظ على مثل هذه العلاقات معها".