"نيويورك تايمز": بعد رحيل ترامب، هل لا يزال بإمكان الديمقراطيين الاعتماد على قاعدتهم الشعبية؟
تماماً كما أصبح المانحون من القاعدة الشعبية للقضايا الليبرالية أكثر حزبية، فقد أصبحوا كذلك أكثر إيجابية بشأن الحزب الديمقراطي وقيادته.
كتب جيوفاني روسونيلو مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" قال فيها إنه بالنسبة إلى الديمقراطيين الأميركيين الذين يهتمون بشدة بالأسباب التقدمية، كانت رئاسة دونالد ترامب تجربة مخيفة. لكنها كانت أيضاً دعوة للعمل. فقد شهدت الحملات والقضايا التقدمية ارتفاعاً كبيراً في التبرعات على مدى السنوات الأربع الماضية، وفي عام 2020، تجاوز المرشحون سجلات جمع الأموال من الدورات السابقة.
إذن ماذا يحدث الآن بعد أن خرج ترامب في السلطة؟ في المشهد السياسي المحدد من خلال الإعلان على شبكة الإنترنت، وحملات وسائل التواصل الاجتماعي، وجمع الأموال عبر الإنترنت، يتساءل العديد من المحللين والاستراتيجيين الديمقراطيين عما إذا كانوا قادرين على إثارة نفس النوع من الدعم المالي.
قال مارك ميلمان، خبير استطلاعات الرأي والاستراتيجي الديمقراطي منذ فترة طويلة، في مقابلة مع الصحيفة عبر الهاتف: "دونالد ترامب وسياساته حفزت الكثير من العطاء للمنظمات التقدمية. ما إذا كان ذلك سيستمر هو سؤال مفتوح".
سعيًا للحصول على إجابات، أجرى ميلمان وتشاك برويت، مستشار ديمقراطي مخضرم آخر، الشهر الماضي مسحاً خاصاً للمتبرعين لمجموعة واسعة من المنظمات اليسارية والحملات الديمقراطية. هذا الأسبوع، عرضوا النتائج في مكالمة على تطبيق زوم Zoom مع ممثلين من مختلف المنظمات والجماعات الديمقراطية. ووجدوا أن هؤلاء المانحين كانوا أكثر إيجابية تجاه الديمقراطيين في واشنطن مقارنة بالسنوات الماضية، وأنهم ظلوا نشيطين، لكن جزءاً كبيراً منهم كانوا في الواقع يخططون للتبرع بقدر أقل، الآن بعد أن خرج ترامب من منصبه.
ووجدت الدراسة أن تغيّر المناخ والقضايا البيئية كانت من بين اهتماماتهم الرئيسية، حتى بين المانحين الذين قدموا أسباباً لا علاقة لها بالبيئة.
وقال ميلمان: "يتفق كل هؤلاء المانحين التقدميين تقريباً على أن تغيّر المناخ قضية بارزة. من الواضح أنها قضية تحظى باهتمام أقل من الصحافة والسياسيين، لكن المانحين يرون أنها قضية بارزة".
واكتشفت الدراسة أيضاً أن المتبرعين لهذه المجموعات ذات الميول اليسارية أصبحوا أكثر حزبية، حيث تم تحديد ما يقرب من ثلثي المشاركين في استطلاع ميلمان وبرويت على أنهم ديمقراطيون.
وارتفع هذا الرقم بشكل مطرد على مر السنين: بالعودة إلى عام 2007، بعد أن فاز الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس النواب حيث فقد العديد من الناخبين الثقة في الرئيس جورج دبليو بوش، وجد ميلمان وبرويت أن حوالى نصف هؤلاء المانحين فقط هم من الديمقراطيين.
وأجرى ميلمان وبرويت دراسات مثل هذه في لحظات مختلفة منذ تسعينيات القرن الماضي، عادةً في ما يسميه ميلمان "نقاط انعطاف خطيرة" في السياسة الوطنية، "عندما تتغير إمكانات العطاء والنشاط".
ومن الجدير بالذكر أن هذه الدراسات لا تستخدم ما هو معروف في صناعة الاستطلاعات كنموذج قائم على الاحتمالات، لذا فإن نتائجها تخضع لأشكال من الخطأ لن تكون عليها المزيد من الاستطلاعات العلمية. ومع ذلك، يمكن أن تكون نتائجها كاشفة.
بعد هزيمة ترامب، كانت هناك بعض المؤشرات على إرهاق المانحين. قال ما يقرب من تسعة من كل 10 من المشاركين في الاستطلاع إن ترامب كان أحد العوامل الرئيسية التي دفعتهم للتبرع في السنوات الأخيرة. وقال أكثر من واحد من كل خمسة مانحين على مستوى القواعد الشعبية إنهم من المرجح الآن أن يقلّصوا من عطاءاتم المقدمة إلى المرشحين والأحزاب السياسية.
كما تناقصت نسبة الذين قالوا إنهم يعتزمون زيادة تبرعاتهم إلى الصفر تقريباً.
لكن ميلمان ليس قلقاً للغاية. فقد وجدت دراسة هذا العام تغييراً واحداً منذ أربع سنوات قال إنه كان مشجعاً لعملائه بشكل خاص: تماماً كما أصبح المانحون من القاعدة الشعبية للقضايا الليبرالية أكثر حزبية، فقد أصبحوا كذلك أكثر إيجابية بشأن الحزب الديمقراطي وقيادته.
وأعرب ما يقرب من نصف جميع المانحين عن وجهة نظر إيجابية عن الحزب الديمقراطي، وحصلت مجموعة واسعة من كبار المسؤولين الديمقراطيين على تقييمات إيجابية على نطاق واسع من المشاركين الديمقراطيين في الاستطلاع. ومن بين هؤلاء سياسيون مثل الرئيس جو بايدن والسيناتور تشاك شومر زعيم الأغلبية، بالإضافة إلى شخصيات يسارية مثل النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز والسيناتور بيرني ساندرز.
قال ميلمان: "كان هناك وقت كان الناس فيه غير راضين حقاً عن الحزب (الديمقراطي) أو هذا الزعيم أو ذاك القائد. ليس هذا هو الحال. هناك إعجاب بالحزب وتقريباً إعجاب عالمي لمجموعة كاملة من القادة". وأضاف: "ليس الأمر أن أي فصيل لديه سيطرة على هؤلاء المانحين".
وكشفت الدراسة كذلك أن القلق بشأن استمرار تأثير ترامب على السياسة الجمهورية ظل مصدر قلق للعديد من المانحين ذوي الميول اليسارية. وكانت النائبة مارغوري تايلور غرين - من مؤيدي حركة "كيو آنون" QAnon اليمينية والمدافعة القوية عن ترامب، والتي جرّدها الديمقراطيون من مناصبها في لجنتها هذا العام - معروفة تقريباً ومكروهة بشدة مثل الرئيس السابق.
لقد حفز ترامب وسياسات ترامب الكثير من التقديمات ويدرك الناس أنه رحل. وقال ميلمان "لكن لا تزال هناك كراهية شديدة تجاه مؤيديه".
ومع سيطرة الديمقراطيين على أغلبية ضئيلة في مجلسي الكونغرس، قال ميلمان إن العديد من المانحين لا يزالون يرون في حزب المعارضة، الحزب الجمهوري، تهديداَ للتشريعات المتعلقة بالقضايا الشعبية مثل تغيّر المناخ وحقوق التصويت. وقال: "هناك أيضًا خوف كبير من أن الجمهوريين سيحاولون منع تفعيل هذه المقترحات".
نقله إلى العربية: الميادين نت