وثائق اجتماع إسرائيلي مع بايدن عام 1986: "إسرائيل" أفضل استثمار أميركي
قال بايدن خلال اجتماع مع مسؤولين إسرائيليين عام 1986: "حان الوقت لنتوقف عن الاعتذار عن دعمنا لإسرائيل. إنه أفضل استثمار بقيمة 3 مليارات دولار نقوم به".
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية وثائق تعود إلى العام 1986 وهي محضر اجتماع بين السناتور الأميركي الشاب أنذاك جو بايدن ومسؤولين من السفارة الإسرائيلية في واشنطن، أظهرت أن بايدن كان حليفاً لـ"إسرائيل" لكنه متردد في الانخراط في الحملة الديمقراطية المؤيدة لها.
وقالت الصحيفة إن الوثائق التي رفعت عنها السرية، والتي استعادتها "هآرتس" من سجلات أرشيف الدولة الإسرائيلية، تكشف لمحة عن اجتماع في شباط / فبراير 1986 بين السناتور آنذاك بايدن والسفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مئير روزين، وموظف السفارة آنذاك يوسف لمدان.
في ذلك الوقت، كان بايدن على بعد أكثر من عام بقليل من الإعلان عن ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة عام 1988.
وذكرت "هآرتس" بعد اطلاعها على وثائق السفارة، التي تم تصنيفها على أنها سرية وإرسالها إلى "إسرائيل"، أن روزين ولمدان كانا على علم بأن بايدن مرشح رئاسي محتمل، لكنهما اعتبرا فرصه في الفوز ضئيلة. ومع ذلك، وثّق لامدان، الذي كان مسؤولاً عن علاقات السفارة مع الكونغرس، أن بايدن ليس لديه علاقات كافية مع "إسرائيل"، لأنه لم يكن منخرطًا في السياسة اليهودية الديموقراطية في واشنطن ولم يكن له علاقة كبيرة بأي منظمات مؤيدة لـ"إسرائيل".
في ذلك الوقت، كان رونالد ريغان رئيساً، وكان يُنظر إلى الجمهوريين على أنهم الحزب الأقل صداقة لـ"إسرائيل" مقارنة بالديمقراطيين.
تغيرت هذه الديناميكية اليوم، كما تغيرت سمعة بايدن، حيث اشتهر الرئيس المنتخب بتردده على اجتماعات اللوبي المؤيدة لـ"إسرائيل" مع مجموعات مثل "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" (AIPAC) و"جي ستريت" J Street.
وبينما كان بايدن قد دعم الحملات الرئيسية المؤيدة لـ"إسرائيل" في الكونغرس في ثمانينيات القرن العشرين، فإن القوائم التي أنشأتها السفارة في ذلك الوقت لم تضع بايدن في فئة مع أو ضد "إسرائيل"، مما يشير إلى أنه كان يُنظر إليه على أنه محايد.
لكن عندما تعلق الأمر بالحملات المهمة التي شنتها "إسرائيل" في الثمانينيات في الكونغرس، فقد دعم بايدن دائماً مواقف "إسرائيل". وشمل ذلك قضايا مثل بيع طائرات أواكس إلى السعودية، واستمرار المساعدة العسكرية لـ"إسرائيل"، ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ومع ذلك، يبدو أن اجتماعه مع لامدان وروزين وقد شكل تغييراً محورياً في تصور "إسرائيل" لبايدن، حيث وصف مسؤولا السفارة بايدن آنذاك بأنه مؤيد متحمس لها، وخلال الاجتماع عبّر عن موقف أن الولايات المتحدة كانت في بعض الأحيان تنتقد حليفها.
ووفقاً لثلاث صفحات من ملاحظات السفارة حول اللقاء الذي استمر ساعة واحدة، كتب لامدان أن بايدن قال إنه يعتقد أن المسؤولين الأميركيين ينتقدون "إسرائيل" علانية - على الرغم من تقديم الدعم للبلاد كحليف مهم – وأن ذلك كان "متناقضاً وخطأ"، وفقاً لصحيفة هآرتس.
وكتب لامدان: "أراد [بايدن] أن يقول إنه على الرغم من أن مواقف الولايات المتحدة كانت جيدة، مع استثناءات قليلة، إلا أن الولايات المتحدة تواصل الادعاء علانية أنها ترغب في أن تكون ودية على قدم المساواة مع جميع الأطراف"، مشيرًا إلى جهود الولايات المتحدة باعتبارها وسيطاً بين "إسرائيل" والفلسطينيين والدول العربية المجاورة.
وتابع لامدان: "يعتقد بايدن أن على الولايات المتحدة أن تخبر العرب أن إسرائيل هي في مقدمة أصدقائها، وأنه إذا كان العرب لديهم مشكلة في ذلك، فعليهم أن يدركوا أنه ستكون لديهم مشكلة مع الولايات المتحدة أيضاً".
وبحسب ما ورد قال بايدن لمسؤولي السفارة إن "الولايات المتحدة يجب أن تغيّر نقاشها العام مع إسرائيل" وأنه لو كان رئيساً، فإن الولايات المتحدة ستعاملها "كما تعامل أصدقاءها الآخرين".
وأشار لامدان إلى أن بايدان قال إنه "لن يكون من المتصور أن نتجادل علانية مع مارغريت تاتشر بشأن الموضوعات المتنازع عليها، ولكن في حالة إسرائيل، لا تتردد الولايات المتحدة في الاختلاف معها علناً". وأشار إلى أن هذا النهج غير مقبول بالنسبة إليه". وأضاف لامدان "لو انتخب بايدن كان سيجري حواراً صريحاً معنا من دون دعاية وعبر القنوات الدبلوماسية".
وبعد أربعة أشهر، أدلى بايدن بتصريحات مماثلة أثناء مخاطبته الكونغرس الأميركي. وقال للمشرعين في حزيران / يونيو: "حان الوقت لنتوقف عن الاعتذار عن دعمنا لإسرائيل. إنه أفضل استثمار بقيمة 3 مليارات دولار نقوم به. إذا لم تكن هناك إسرائيل، كان على الولايات المتحدة الأميركية أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحها في المنطقة".
ومن المتوقع أن يقوم بايدن بعكس أو تخفيف بعض الخطوات التي تم اتخاذها خلال رئاسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يتعلق بـ"إسرائيل" وفلسطين.
وبينما عارض بايدن في البداية نقل إدارة ترامب السفارة الأميركية إلى القدس، صرح بايدن أنه لا ينوي إعادتها إلى تل أبيب. وبدلاً من ذلك، تخطط إدارته لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة لخدمة الفلسطينيين. كما سيعيد فتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، التي أغلقتها إدارة ترامب.
في الماضي، كان بايدن متشدداً ضد منظمة التحرير الفلسطينية، التي أصبحت الآن عضواً مراقباً معترفاً به في الأمم المتحدة، وكانت تعتبر منظمة "إرهابية" حتى أوائل تسعينيات القرن الماضي.
فخلال اجتماعه عام 1986 مع روزين ولامدان، قارن بايدن منظمة التحرير الفلسطينية بـ"الجيش الجمهوري الأيرلندي"، وهي مجموعة شبه عسكرية قاتلت الحكم الاستعماري البريطاني خلال حرب الاستقلال (1919-1921).
وكتب لامدان: "بصفته شخصاً من أصل أيرلندي، اعتبر [بايدن] أن الجيش الجمهوري الأيرلندي مثل أي منظمة إرهابية أخرى لن تتنازل أبداً مع المعتدلين، مع وجود قاسم مشترك متدن يسيطر دائماً".
وبخصوص السعوديين، قال بايدن إن "السعودية ليست أكثر من 500 أمير وعائلاتهم. وقد وقع الخطأ الفادح في سياسة الولايات المتحدة في عام 1982، عندما قررت السعي لتحقيق إجماع استراتيجي في الخليج. وكانت النتيجة تحول مركز الثقل من صديقة أميركا الحقيقية، إسرائيل، إلى آخرين" في إشارة إلى بيع طائرات حربية أميركية للسعودية.
وقال لامدان في نهاية الاجتماع إن "بايدن كرر التزامه تجاه إسرائيل"، مضيفًا أنه "يعتقد أن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي لليهود خلال الحرب العالمية الثانية". واختم بايدن بالقول "إن الإسرائيليين لن يأسفوا اذا انتخب رئيساً للبيت الابيض".
وفي حديثه أخيراً إلى صحيفة "هآرتس"، قال لامدان إنه لا يتذكر اجتماعه عام 1986 مع بايدن، وتوفي روزين في عام 2015، لذلك لم يتمكن أي من الرجلين من تقديم مزيد من الأفكار.
وقال بايدن إنه سيعيد العديد من برامج المساعدات الفلسطينية التي قطعتها إدارة ترامب، مثل تمويل التعاون الأمني والتنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية. لكنه كرر وجهة نظر إدارة ترامب بشأن اشتراط تقديم المساعدة للسلطة الفلسطينية بقطع مدفوعات الرعاية الحكومية التي تذهب إلى عائلات الأسرى الفلسطينيين والشهداء الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل - وهي سياسة رفضت السلطة الفلسطينية التفاوض بشأنها.
في الوقت نفسه، تعهد بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وهو موقف تجادل "إسرائيل" بشدة ضده لأنها تعتبر طهران خصماً شرساً لها.
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم