"نيويورك تايمز": طبيبة سوداء توفيت بمرض كورونا تكشف التمييز العنصري في المستشفيات
تشير الأبحاث الكثيرة إلى أن المرضى السود غالباً ما يتلقون علاجاً أدنى من نظرائهم البيض، خاصة عندما يتعلق الأمر بتخفيف الألم.
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تحقيقاً عن طبيبة سوداء، تدعى سوزان مور، كانت مريضة بفيروس كورونا، وكانت تعالج في مستشفى في ضاحية إنديانابوليس، لكنها قالت إن الطبيب الأبيض قلل من شأن شكاويها من الألم. وقال لها إنه يشعر بعدم الارتياح لإعطائها المزيد من الأدوية المخدرة، واقترح خروجها من المستشفى.
وقالت مور في مقطع فيديو نُشر على فيسبوك: "لقد سحقت. لقد جعلني أشعر أنني مدمنة مخدرات". وفي منشورها، الذي تم تداوله على نطاق واسع منذ ذلك الحين على وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت إتقانًا للمصطلحات الطبية المعقدة ومعرفة معقدة ببروتوكولات العلاج حيث قامت بتفصيل الطرق التي دافعت بها عن نفسها مع الطاقم الطبي. كانت تعرف ما الذي يجب أن تطلبه لأنها هي كذلك طبيبة.
لكن هذا لم يكن كافياً لتلقي العلاج والاحترام الذي قالت إنها تستحقه. وقالت في الفيديو: "لقد أصريت على لو كنت بيضاء، فلن أضطر إلى المرور بهذا الأمر".
وبعد أن اشتكت الدكتورة مور، 52 سنة، من علاجها، تلقت الرعاية التي "عالجت بشكل كاف" آلامها. ثم تمت إعادتها في النهاية إلى المنزل، وبعد أكثر من أسبوعين فقط من نشر الفيديو، توفيت الدكتورة مور متأثرة بمضاعفات "كوفيد-19"، كما قال ابنها هنري محمد.
وأثارت حالة مور الغضب وجددت الدعوات للتعامل مع الانحياز الطبي في علاج المرضى السود. وتشير الأبحاث الكثيرة إلى أن المرضى السود غالباً ما يتلقون علاجاً أدنى من نظرائهم البيض، خاصة عندما يتعلق الأمر بتخفيف الألم.
وقالت الدكتورة كريستينا كونسل، وهي طبيبة رعاية أولية في ميريلاند وهي سوداء، عن تجربة الدكتورة مور: "لقد كان لها تأثير كبير. أحياناً عندما نفكر في التحيّز الطبي، يبدو الأمر عميقاً جداً. يمكننا أن نقول: حسناً، يمكن أن يحدث ذلك لشخص قد يكون أكثر فقراً. ولكن عندما ترى ذلك يحدث بالفعل لزميلة وتركها في سرير المستشفى تتوسل حرفياً من أجل حياتها، فإن الأمر يضرب بطريقة مختلفة.. نحن بحاجة إلى القيام بشيء ما".
وقال المتحدث باسم مستشفى جامعة إنديانا الصحية حيث شكت مور من سوء المعاملة، في بيان إنه لا يستطيع التعليق على القضية بسبب قوانين الخصوصية. وأضاف: "بصفتنا منظمة ملتزمة بالإنصاف وتقليل الفوارق العرقية في الرعاية الصحية، فإننا نتعامل مع اتهامات التمييز على محمل الجد ونحقق في كل ادعاء. إننا نلتزم بالتزام وخبرة مقدمي الرعاية لدينا، وبجودة الرعاية المقدمة لمرضانا كل يوم".
وأدى مزيج معقد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والصحية مرض كورونا مدمراً على وجه الخصوص للمجتمعات السوداء واللاتينية. ووفقًا لتحليل أجراه معهد بروكينغز، فقد توفي السود بمعدل 3.6 أضعاف معدل وفاة الأشخاص البيض، ومات اللاتينيون بمعدل 2.5 ضعف معدل الأشخاص البيض.
وجاءت نتيجة اختبار الدكتورة مور إيجابية لفيروس كورونا في 29 تشرين الثاني / نوفمبر وتم إدخالها إلى المستشفى، وفقًا لما نشرته على فيسبوك، والذي كتبته في 4 كانون الأول / ديسمبر.
وقالت إنها تلقت فحصا لرقبتها ورئتيها بعد أن نفى طبيبها شعورها بضيق في التنفس، رغم إخبارها له أنها تعاني منه. وبعد أن أخبرها أنه لا يستطيع إعطاءها المزيد من المسكنات المخدرة، كشف الفحص عن مشاكل - ارتشاح رئوي واعتلال العقد اللمفية الجديد، وهكذا بدأت تتلقى المزيد من دواء المخدر للألم. لكنها قالت إنها شعرت بالألم لساعات قبل أن تعطيها الممرضة الجرعة.
وقالت الدكتورو مور: "هذه هي الطريقة التي يُقتل بها السود، عندما تعيدهم إلى المنزل ولا يعرفون كيف يقاتلون من أجل أنفسهم".
وأبرزت تجربة مور ما قاله العديد من المهنيين السود بانتظام فالتعليم لا يمكن أن يحميهم من سوء المعاملة، كما يقولون، سواء في مستشفى أو أماكن أخرى.
وُلدت مور في جامايكا، ونشأت في ميشيغان. وحصلت على شهادتها الطبية من كلية الطب بجامعة ميشيغان.
وقال محمد، ابنها البالغ من العمر 19 عاماً، لم تكن غريبة عن تحديات الحصول على الرعاية الطبية المناسبة. فقد كانت مصابة بمرض الساركويد، وهو مرض التهابي يهاجم الرئتين، وكثيراً ما كانت تعالج في المستشفيات. وتقريباً في كل مرة تذهب فيها إلى المستشفى كان عليها أن تدافع عن نفسها وتكافح من أجل الحصول على الرعاية المناسبة.
وفي صراعها مع فيروس كورونا في مستشفى هيلث نورث في كارميل، إنديانا، كتبت الدكتورة مور في "فيسبوك" أنها تحدثت في النهاية مع كبير المسؤولين الطبيين في نظام المستشفى، الذي أكد لها أنها ستحصل على رعاية أفضل. وكتبت أن لديها طبيباً جديداً، وكان ألمها يتحسن.
ولكن حتى في الوقت الذي بدت فيه الأمور تتحسن في المستشفى، ظلت مور تشعر بأن الرعاية كانت مفقودة وأن الطاقم الطبي أصبح أقل استجابة، وفقًا لنجلها، الذي تحدث إليها يومياً. وعلى الرغم من أنها لم تشعر حقًا أنها بحالة جيدة بما يكفي للخروج من المستشفى، إلا أنها كانت حريصة على العودة إلى المنزل لرعاية والديها.
خرجت من المستشفى في 7 كانون الأول / ديسمبر، وكانت بطيئة ومتعبة عندما تعافت. وقال إن المستشفى اتصل بها عدة مرات لفحصها، وعندما لم ترد، أرسل سيارة إسعاف. وكانت مور بالكاد تستطيع المشي وكانت تتنفس بصعوبة عندما وصلت سيارة الإسعاف. وتم نقلها إلى مستشفى مختلف بعد 12 ساعة من خروجها من المستشفى الأول، كما قالت على فيسبوك.
وكتبت "ارتفعت درجة الحرارة إلى 103 (39.4) وانخفض ضغط الدم إلى 80/60 مع معدل ضربات القلب 132".
ووصفت الدكتورة مور رعايتها في المستشفى الجديد بأنها رحيمة، وقالت إنها كانت تعالج من التهاب رئوي جرثومي بالإضافة إلى الالتهاب الرئوي كوفيد-19. لكن حالتها تدهورت بسرعة. في المرة الأخيرة التي تحدث فيها إبنها محمد إليها، قبل وضعها على جهاز التنفس الصناعي، كانت تسعل بشدة لدرجة أنها بالكاد تستطيع التحدث.
بحلول يوم الجمعة الماضي، أصبحت مور تعتمد بنسبة 100 في المئة على جهاز التنفس الصناعي للتنفس، وأخبره الأطباء بأنها قد لا تتمكن من العيش. فزارها مع جديه وأخبرها بأنه يحبها وبألا تقلق عليه. وبعد يومين، توقف قلب مور عن النبض.
ترجمة بتصرف: الميادين نت