"بيغن": اتفاقات أبراهام.. البُعد الاستراتيجي
تقرير لشموئيل سندلر ، من مركز بيغن "السادات للدراسات الاستراتيجية"، تشير إلى أن الخلفية السياسية للاختراق الحالي هي الضغط الأميركي لتحويل "علاقات الغرام السرية" التي تطورت في العقود الأخيرة بين "إسرائيل" ودول الخليج، إلى علاقات علنية.
لا شك ان اتفاقات السلام بين "إسرائيل" وإمارات الخليج، التي حظيت باسم "اتفاقات أبراهام"، هي إنجاز دبلوماسي ذي أهمية تاريخية للمكانة الإقليمية لـ"إسرائيل". الاجتماع المسرّب، بين رئيس الحكومة نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يعزز الاختراق الكبير في المحور الجديد المتشكل في الشرق الأوسط.
ومن الواضح أن الدافع المركزي من وراء ارتباطات الدول الخليجية، بمباركة الرياض، بـ"إسرائيل" هو مخاوف هذه الدول من إيران، حيث يسود في الشرق الأوسط المبدأ العام المعروف: "عدو عدوي صديقي"، خصوصاً في كل ما يتعلق بأحلافٍ دولية.
مع هذا، على "إسرائيل" أن تأخذ مبادئ إضافية في السياسة الدولية بعين الاعتبار، حيث أن العلاقات التي تدخل إليها تنطوي على التزامات ذات أبعادٍ استراتيجية.
يشار إلى أن هذه العلاقات لها أهمية مضاعفة مع انتهاء إدارة ترامب، الإشبين المركزي في هذا الاختراق، ودخول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض.
الخلفية السياسية للاختراق الحالي هي الضغط الأميركي لتحويل "علاقات الغرام السرية" التي تطورت في العقود الأخيرة بين "إسرائيل" ودول الخليج، إلى علاقات علنية وشرعية. الاحتياجات السياسية للرئيس الأميركي، كما أيضاً الاحتياجات الاقتصادية لصناعة السلاح الأميركية، ناسبت الاحتياجات العسكرية لدول الخليج.
لكن الهجمات على منشآت النفط السعودية والحرب في اليمن، حظيت بردّ أميركي لكن في فترات متباعدة. هذه التحديات أضافت إلى التفكير الجديد لدول الخليج الميزة في أحلافٍ علنية مع دول اعتُبرت على مر السنين "مقصاة" في العالم العربي والمسلم.
ما وراء الكلام المرتفع عن تكنولوجيات متقدّمة وتعاون اقتصادي، المنطق الجيو-استراتيجي من وراء اتفاقات أبراهام هو ضم حلفٍ جديد، ذي أسنانٍ نووية، إلى جهد كبح "التمدد الإيراني".
هذا المنطق يحصل على أهمية خاصة على ضوء الانسحاب المنهجي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط منذ أكثر من عقد، الذي ينبع من استقلالها في الطاقة وتعبها المتزايد من التدخل في المنطقة.
حقيقة أن هذه العملية دُفعت من قبل إدارات ديموقراطية وجمهورية على حدّ سواء، تشير إلى أن الأمر يتعلق بعقيدة جديدة يمكن أن تصبح حثيثة في ظل الإدارة الديموقراطية المقبلة العتيدة بأن تُظهر تعاطفاً أقل تجاه دول الخليج التي سعى الرئيس المنصرف خلفها.
في حال استمرت الولايات المتحدة في انكفائها عن المنطقة، وزن "إسرائيل" في الحلف الإقليمي المتبلور سيزداد، وقد تجد نفسها في أوضاعٍ سيُطلب منها فيها القيام بخطوات عسكرية ليست مطلوبة بالضرورة للدفاع عن مصلحة إسرائيلية وجودية. رفض القيام بهذه الخطوات يمكن أن يسبب تصدعات في المنظومة المضادة لإيران، إلى حد هروب إلى الكتلة الإيرانية و/أو إلى كتلة الأخوان المسلمين/أنقرة.
وعليه، الاصطفافات الجديدة في الشرق الأوسط تفرض على حكومة "إسرائيل" إعداد الإسرائيليين لإدراكات والتزامات لم يعرفها في الماضي، مثل تدخّل عسكري إقليمي تلعب فيه الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الماضي. في المقابل، يجب على القدس أن تقوم بكل ما في وسعها لإبطاء انفكاك واشنطن عن المنطقة، حيث أن الشراكة الأميركية – الإسرائيلية الصلبة هي الأساس في نجاح المحور الجديد المتطور في المنطقة.