كيف يستطيع بايدن تجنب فخاخ معارضي الاتفاق النووي الإيراني؟
يحتاج بايدن إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران، وإزالة "حرس الثورة" الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية، ورفع العقوبات ضد كبار المسؤولين الإيرانيين.
رأى الدبلوماسي الإيراني السابق سيد حسين موسويان في مقالة له نشرت في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زاده كيهدف إلى عرقلة نية الرئيس الأميركي المنتهب حو بايدن المعلنة بتقديم طريق موثوق لإيران للعودة إلى الدبلوماسية كخطوة نحو عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.
وقال موسويان إنه يبدو أن بايدن يرى العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" كمقدمة لعملية أوسع نطاقاً للمفاوضات مع إيران حول قضايا أخرى مثل قدرة الصواريخ الباليستية ودورها في المنطقة. لكن يجب على بايدن الانتباه إلى واقع المشهد السياسي الإيراني.
وأوضح أن سياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب غير الحكيمة المتمثلة في ممارسة سياسة "أقصى الضغط"، والتي أعقبها فرض أشد العقوبات الاقتصادية في التاريخ الحديث، جعلت الشعب الإيراني في أسوأ وضع اقتصادي منذ ثورة 1979. وكانت النتيجة خيبة أمل صريحة للقوى المعتدلة فيما يتعلق بالمفاوضات مع الولايات المتحدة.
وأضاف: في الانتخابات البرلمانية لعام 2020، حقق التيار المبدئي (المحافظ) فوزاً غير مسبوق بفوزه بـ221 مقعداً من أصل 291 مقعداً في مجلس الشورى الإيراني. وكان تم استبعاد العديد من المرشحين الإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور. وبالتالي، من المتوقع أن يكون الرئيس الإيراني امقبل من الفصيل المبدئي في انتخابات 2021 المقبلة.
وقال موسويان: "أثناء وجودي في طهران، أتيحت لي الفرصة للتحدث مع بعض السياسيين المبدئيين حول الانتخابات الأميركية. إنهم يعتقدون أن الجمهوريين والديمقراطيين كلاهما يسعى لتغيير النظام في إيران، وأن الإدارة الديمقراطية أكثر تعقيداً وخطورة لأنها، على عكس ترامب، تتخذ نهجاً متعدد الأطراف للضغط على إيران. وهذا يجعل العمل مع مثل هذه الإدارة أكثر صعوبة. نتيجة لذلك، يعتقد المبدئيون أن إيران يجب أن تتجنب التفاوض مع إدارة بايدن بشأن مجموعة كاملة من القضايا بما في ذلك خطة العمل الشاملة المشتركة، والصواريخ الباليستية، والقضايا الإقليمية وغيرها".
يتزامن تنصيب الرئيس الأميركي الجديد مع انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية للمرشحين لانتخابات إيران المقبلة في حزيران / يونيو المقبل. ويبدو من الواضح أنه بحلول الوقت الذي يؤدي فيه بايدن اليمين الدستورية، سيكون الرئيس حسن روحاني في الأشهر الأخيرة من ولايته. إن توقع قيام إدارته بتحقيق أي صفقة كبيرة فيما يتعلق بالعلاقات الأميركية الإيرانية غير واقعي، بخلاف التحرك لإحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، بحسب موسويان.
وتابع الكاتب أنه بالنسبة لإدارة روحاني، فإن إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة" لا يقل أهمية عن بايدن وفريقه. دعونا لا ننسى أنهما على غرار بايدن، فإن وزير خارجيته توني بلينكين ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان كانا ولا يزالان من المؤيدين الأقوياء للاتفاق النووي، بل وشاركوا في صياغته.
ثلاث مسائل أساسية
وينبّه موسويان إلى أنه يجب ألا يغيب بايدن عن ثلاث نقاط رئيسية هي:
أولاً، بالنسبة إلى الفترة المتبقية من إدارة روحاني، يجب ألا تكون عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشروط مسبقة ومشروطة بتوسيعها لتشمل قضايا تتجاوز القضية النووية الإيرانية. سيؤدي هذا النهج إلى انتكاسة عملية التفاوض لإحياء الاتفاق النووي، لأن احتواء المشاعر المعادية لأميركا بين الإيرانيين في أعقاب اغتيال الفريق قاسم سليماني والدكتور محسن فخري زاده ليست مهمة سهلة.
ثانياً، يجب تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة بشكل شامل. فعندما تم التوقيع عليها، أعاقت العقوبات الأولية الأميركية تنفيذها بشكل صحيح وحالت دون التسليم الكامل للمنافع الاقتصادية لإيران. ومن ثم، لكي تمتثل إيران والولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى امتثالاً كاملاً لشروط وأحكام الاتفاق النووي، يجب تعليق العقوبات الأميركية الأولية.
ثالثاً، يجب معالجة القضايا الإقليمية مثل الأسلحة التقليدية وغير التقليدية إقليمياً وجماعياً من خلال نهج متعدد الأطراف. إذ تمتلك السعودية صواريخ صينية الصنع يصل مداها إلى 5000 كيلومتر بالإضافة إلى برنامج نووي سري. وتمتلك "إسرائيل" صاروخ أريحا، الذي يبلغ مداه 5000 كيلومتر ويمكنه حمل رأس نووي وزنه طن واحد، ومئات الأسلحة النووية. الصراخ الغربي يدور حول الصواريخ الإيرانية ذات المدى الأقصى 2000 كيلومتر والبرنامج النووي الذي هو من دون قنابل نووية.
ماذا يجب أن يفعل بايدن؟
واعتبر الكاتب أن من المحتمل جداً أن يكون الرئيس المقبل لإيران من المبدئيين، والذي سيكون عنده فرصة لتشكيل حكومة موحدة في إيران، بالنظر إلى أن البرلمان يهيمن عليه أيضاً المبدئيون. ستتمتع هذه الحكومة الموحدة بالتأكيد بمزيد من الاستقلالية في اتخاذ القرار لأنها تحظى بثقة أكبر من قبل المرشد الأعلى لإيران. علاوة على ذلك، فإن المرشد الأعلى هو صانع القرار النهائي بشأن السياسة الخارجية. ومثل القيادة الوسطى الأميركية، يلعب "حرس الثورة الإسلامية" دوراً رئيسياً في القضايا الإقليمية.
وخلص موسويان إلى القول إنه لفتح الأبواب للتواصل مع الإدارة الإيرانية المقبلة بشأن قضايا أخرى خارج المسألة النووية، يحتاج بايدن إلى إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وإزالة فيلق "حرس الثورة" الإيراني من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، وإلغاء العقوبات المفروضة على كبار المسؤولين الإيرانيين بمن في ذلك المرشد الأعلى آية الله السيد علي خامنئي.
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم