"ذا ناشيونال انترست": الانسحاب من أفغانستان هدية ترامب لجو بايدن
موقع "ذا ناشيونال انترست" الأميركي يقول إنه بالنسبة لجو بايدن، فإنه كان يريد تطبيق قرار الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات الأميركية من أفغانستان قبل أكثر من عشر سنوات.
عليك أن تكون أحمقاً حتى لا تستمع إلى بوب غيتس. هذا ما يقال عن الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية، ووزير الدفاع المتقاعد، والمؤرخ الهاوي، الفج والصريح، والمراقب الحكيم لكل شيء في واشنطن. تُقتبس أحكامه بانتظام وتكرار كمقولات نفاذة وصحيحة. إذ قال عن بايدن في عام 2014 إنه :"كان مخطئًا في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريبًا على مدار العقود الأربعة الماضية التي قضاها في العمل الحكومي".
تصريحات غيتس لاقت إيماءات الموافقة من السياسيين الذين خبروا بايدن على مر السنين، وهم من أنصار الحزب الديموقراطي والمتسللين السياسيين الذين ربما وافقوا أيضاً على وصف دونالد ترامب لبايدن بأنه "جو نائم"، إذ إن المقولة ليست من تأليف ترامب فقط.
هناك مشكلة واحدة فقط في وصف غيتس: إنها ليست صحيحة. لم يقتصر الأمر على أن جو بايدن لم يكن مخطئًا "في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريبًا"، بل إنه كان، في أهم القضايا كان، على حق، بالتأكيد. لنأخذ أفغانستان على سبيل المثال. في كانون الثاني/يناير 2008، قام نائب الرئيس المنتخب بايدن بزيارة أفغانستان للتعرف على القضايا التي ستواجهها إدارة أوباما الجديدة هناك بمجرد توليه منصبه.
الزيارة لم تكن على ما يرام. اجتماع بايدن مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي كان مليئًا بالتوتر ، وأثارته الشكوك بعد محادثات بايدن مع كبار ضباط الجيش الأميركي. وخلال الزيارة طلب بايدن من الضباط العسكريين شرح ما تفعله الولايات المتحدة في أفغانستان، حصل على إجابات مختلفة: من محاربة طالبان إلى محاربة القاعدة إلى مساعدة الأفغان في إعادة بناء بلدهم.
سأل بايدن كل من التقى بهم من العسكريين الأميركيين في أفغانستان: "ما الذي تفعله هنا؟"، لكنهم لم يعرفوا!
بعد تنصيب أوباما، ظهر بايدن المشكك الرائد لتوجهات الإدارة الأميركية في أفغانستان. وكان قلقاً من ضغوطات العسكريين لزيادة عديد قوات الجيش، (ولكن من دون تحديد سبب الزيادة بالضبط)، والتساؤل عما إذا كان التغيير في القادة (من الجنرال ديفيد ماكيرنان إلى ستانلي ماكريستال) كان ضروريًا حقًا، ثم حول مناقشات الإدارة حول الاستراتيجية العسكرية في أفغانستان، من خلال الإشارة إلى أنه من الخطأ الترويج لحملة مكافحة التمرد التي تركز على الشعب الأفغاني. وقال بايدن إن المطلوب هو حملة لمكافحة الإرهاب تركز على القاعدة. كما اتضح بعدها، أن يايدن كان محقًا. ففي غضون أسبوع من عودته من أفغانستان، تعرض الرئيس الجديد باراك أوباما لهجوم من قبل الضباط العسكريين الذين أوصوا بزيادة 30 ألف جندي أميركي، ما ترك بايدن مذهولًا.
خوف بايدن من أن تصبح أفغانستان "مجرد نسخة أخرى من فيتنام"، يثبت أنه كان ذا بصيرة: وهو وحده من بين جميع كبار مسؤولي الأمن القومي في إدارة أوباما، من شكك بشدة في خطة الجيش في أفغانستان، مشككاً إن كان هناك خطة في الأصل.
الجنرالات استمروا في إخبار واشنطن بأن نهاية الصراع باتت وشيكة. وفي الواقع، كانت الحرب في أفغانستان، كما يصفها آدم وينشتاين من معهد كوينسي بواشنطن العاصمة، "مكعب روبيك" للصراعات. ويقول بأن "الجيش يعتقد أنه بقليل من الوقت والموارد يمكنه جعل جميع المربعات تصطف بشكل مثالي، وهذا لم يحدث أبدًا". المشكلة أنه ليس من الواضح ما إذا كان الجيش نفسه يعتقد ذلك بالفعل".
الأمر ليس كما لو أن هذا لم يحدث من قبل. في كانون الأول/ ديسمبر 1995، نشرت الولايات المتحدة 20 ألف جندي في البوسنة كجزء من مهمة حفظ سلام لتطبيق اتفاقيات دايتون. لكن الشيء المختلف في ذلك الوقت هو أن الأدميرال لايتون سميث، القائد الأميركي، رفض جهود واشنطن لتوسيع مهمته. وقال سميث: "لم نأت إلى هنا لمكافحة الحرائق". أصبح سميث نموذجًا لضابط عسكري كبير كان يقول "لا" بانتظام لواضعي السياسات الخاطئة. على الرغم من عدم معرفته من قبل الجمهور الأميركي، فهو بمثابة بطل لكبار الضباط.
في عام 2009 وافق باراك أوباما على زيادة 30 ألف جندي في أفغانستان، بينما أخبر الجيش الرئيس أنهم وافقوا على موعد انسحاب القوات الأميركية في عام 2011، كانوا يعتقدون أن بإمكانهم التلاعب في الموعد النهائي بطريقة ما. وقال الجنرال ديفيد بتريوس للسيناتور الجمهوري ليندسي جراهام: "لا تقلق، سنهتم بهذا". وينطبق الشيء نفسه الآن، في أعقاب قرار دونالد ترامب في 17 تشرين الثاني/نوفمبر، بإنهاء انتشار الجيش الأميركي في أفغانستان. وقد قوبل هذا الإعلان بالإدانة من معظم أفراد المجتمع العسكري المتقاعد، وهي مجموعة تضم الجنرال البحري جون ألين، الرئيس الحالي لمعهد بروكينغز. وقال: "لم تكن هناك ميزة تكتيكية أو تشغيلية أو استراتيجية للقيام بذلك"، مضيفًا أن قرار ترامب سيضع إدارة بايدن في "موقف حرج".
عندما أعلن ترامب قراره بشأن أفغانستان لأول مرة، انتقده الديموقراطيون، من السيناتور تامي داكويرث من ولاية إلينوي إلى جاك ريد من رود آيلاند ووصفوا القرار بالمتهور. لكن في الآونة الأخيرة، أصبح هؤلاء المسؤولون أكثر هدوءًا، حيث اصطفوا خلف آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، الذي أصدر بيانًا في اليوم نفسه لصدور قرار ترامب، قال فيه: إنه بعد التحدث مع كريستوفر ميللر، وزير دفاع ترامب الجديد بالإنابة، قرر أن تحرك ترامب في أفغانستان كان "القرار السياسي الصحيح". أثار البيان ضحكًا مكتومًا بين ضباط الجيش - الذين شككوا في أن سميث سيؤيد قرار ترامب على أي شيء قد يقوله ميللر.
بالنسبة لبايدن، فإنه كان يريد تطبيق قرار ترامب قبل أكثر من عشر سنوات.