هل سيُسقط ترامب نتنياهو معه؟
السؤال الأكبر في السياسة الإسرائيلية اليوم هو ما إذا كانت نهاية عهد ترامب تشير إلى نهاية نتنياهو أيضاً، في المرة القادمة التي تتوجه فيها "إسرائيل" إلى صناديق الاقتراع، لن يتمكن نتنياهو من التلويح بصديقه في البيت الأبيض.
بعد ثلاثة أيام من إعلان جو بايدن رئيساً منتخباً للولايات المتحدة، لا تزال صورة الرئيس المهزوم دونالد ترامب ترفرف على حساب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تويتر. ترامب سيغادر البيت الأبيض في غضون شهرين ونصف.
يتمتع نتنياهو، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بالخبرة الكافية والوعي الذاتي ليعرف أن الرئيس لا يزال بإمكانه اتخاذ خطوات رئيسية في الشرق الأوسط ومواجهة الطموحات الإيرانية بطرق تساعده سياسياً، لكن لا شيء بسيط. في نهاية الأسبوع (الماضي)، نتنياهو وجد نفسه عالقاً بين صديقه الحميم ترامب، الذي رفض الاعتراف بالهزيمة، والرئيس المنتخب جو بايدن، الذي سيتعين عليه العمل معه في المستقبل القريب جداً.
بينما سارع القادة الأوروبيون إلى تهنئة بايدن، تلكأ نتنياهو لمدة نصف يوم. كانت تلك الساعات الـ 12 طويلة بما يكفي لتكون إشكالية للإدارة الجديدة. أخيراً، في صباح 7 تشرين الثاني/نوفمبر، غرد نتنياهو برسالة تهنئة قصيرة.
بعد ذلك بوقت قصير، قدّم نتنياهو تهانيه مرة أخرى في بداية اجتماع الحكومة يوم الأحد الماضي. قرأ من بيانٍ مكتوب، على الأرجح بدافع الحذر من عدم إغضاب ترامب. نتنياهو هنّأ بايدن دون استخدام مصطلح "الرئيس المنتخب". في 43 كلمة فقط تم اختيارها بعناية، أشار إلى علاقتهما السابقة الجيدة. في المقابل، أنفق 53 كلمة من القلب على ترامب، وسجّل كل ما فعله لـ "إسرائيل" وأكد صداقتهما الشخصية. كان من الواضح من الذي يفضّل نتنياهو رؤيته في البيت الأبيض، وأنه يواجه صعوبة في توديع صديقه.
نتنياهو مجبر على التخلي عن رئيس حقق كل أحلامه. ترامب جعل نتنياهو يشعر وكأنه في وطنه في واشنطن أكثر من أي رئيس آخر قبله. خلال السنوات القليلة الماضية، تخلى نتنياهو عن عقود من الشراكة الإسرائيلية بين الحزبين (الجمهوري والديمقراطي). لقد تجاهل التقليد القديم المتمثل في عدم اتخاذ موقف في السياسة الأميركية. خلال سنوات ترامب، تدهورت العلاقات بين نتنياهو والديمقراطيين لدرجة أنه يمكن وصفها بالتغرّب المتبادل.
أصبحت الديناميكية الآن كعب أخيل (نقطة ضعف). من نواحٍ كثيرة، يُنظر إلى سقوط ترامب في "إسرائيل" على أنه ضربة كبيرة لنتنياهو، مع عواقب وخيمة على جاذبيته العامة وحتى فرص إعادة انتخابه.
في المرة القادمة التي تتوجه فيها "إسرائيل" إلى صناديق الاقتراع، لن يتمكن نتنياهو من التلويح بصديقه في البيت الأبيض وكل الهدايا التي أمطرها ترامب عليه.
السؤال الأكبر في السياسة الإسرائيلية اليوم هو ما إذا كانت نهاية عهد ترامب تشير إلى نهاية نتنياهو أيضاً. طارده أسلوب تعامل ترامب مع أزمة فيروس كورونا في الانتخابات. هل سيحدث الشيء نفسه لنتنياهو؟
زعيم المعارضة يائير لابيد انتهز الفرصة. افتتح اجتماع 9 تشرين الثاني/نوفمبر لكتلة "يش عتيد-تيلم" بقوله: "على الرغم من كل المخاوف التي يحاول أناس نشرها هنا، بايدن ليس يسارياً راديكالياً. من الناحية السياسية، إنه من الوسط الكلاسيكي. المشكلة التي تواجه "إسرائيل" هي الغضب الهائل الذي يشعر به الديمقراطيون تجاه نتنياهو وحكومته. وهم يدّعون، وبحق، أن نتنياهو حوّل "إسرائيل" إلى فرع للحزب الجمهوري. حذّرته مراراً وتكراراً من أنه يخطئ في قراءة الخريطة السياسية هناك. بينما تخلى عن علاقاته معهم، فقد عززت علاقاتي بالفعل".
في الانتخابات القليلة الماضية، لم يستطع معارضو نتنياهو القول بأنه كان يدمر علاقة "إسرائيل" بالبيت الأبيض. الآن، يمكنهم أخيرًا ضرب ما كان في السابق نقطة قوة رئيس الوزراء. سيكون لابيد وشخصيات معارضة أخرى قادرون الآن على امتطاء تفضيل الشعب الأمريكي لزعيم صلب يمكنه توحيد البلاد خلال جائحة وأزمة اجتماعية واقتصادية مدمرة. الآن ستحاول المعارضة الإسرائيلية إظهار أنهم "بايدن الإسرائيلي" وأن نتنياهو، مثل ترامب، في طريقه للخروج.
هذه الرسالة هي بالفعل محورية في كلام لابيد. وقال في اجتماع حزبه: "اختارت أميركا زعيماً معتدلاً يعمل من أجل المواطنين. فبدلاً من انتخاب سياسي منشغل بالعمل لنفسه، اختارت من يعمل من أجل الشعب. هذا ما تحتاجه "إسرائيل" أيضاً: قيادة نزيهة ستشفي إسرائيل وتعالج علاقتنا بالحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة".
"اليسار الإسرائيلي" تعرّض للضرب في عهد ترامب. الآن يحتفل. رئيس "ميرتس"، عضو الكنيست نيتسان هوروفيتس، بدا وكأنه فاز للتوّ في الانتخابات بنفسه. في بداية اجتماع حزبه في الكنيست في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، قال: "بايدن جيد لإسرائيل ومهم لإسرائيل. قد لا يكون جيداً لنتنياهو. ربما لم يعد بإمكان نتنياهو استخدام البيت الأبيض لخدمة احتياجاته السياسية ومصالحه الشخصية. لكنه مفيد لإسرائيل بمعنى أن الرئيس المنتخب ونائب الرئيس المنتخب ملتزمان بعملية سلام تقوم على حل الدولتين".
كانت ردود الفعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية أكثر تطرفاً. عندما علمت عضو الكنيست أورنا باربيفاي بفوز بايدن، غرّدت: " الحمد لله اننا نتخلص منه. إلى الأمام في إصلاح ثقافة الأكاذيب والخزعبلات، هناك وهنا".
استخدمت باربيفاي البركة اليهودية التقليدية في إشارة إلى رحيل ترامب، ومعها ثقافة الكذب التي نشرها. في حين أنها لم تذكر نتنياهو بالاسم، كان من الواضح أنها تساويه بترامب. اليمين ردّ بشدة متهماً باربيفاي بفعل ما يعارضه حزبها بالضبط في تبني موقف في السياسة الأميركية.
يزعم بعض المراقبين أن فوز بايدن في الولايات المتحدة سيتحد مع تعامل نتنياهو الفاشل مع أزمة فيروس كورونا لإسقاط نتنياهو. ومع ذلك، فإن وضع كوفيد-19 مختلف تمامًا في "إسرائيل".
لسبب واحد، لم يتحدث نتنياهو قط باستخفاف عن الوباء. على العكس من ذلك، فقد تبنى مقاربة متشددة، على عكس ترامب.
ثم هناك بايدن نفسه. يخشى الناخبون الإسرائيليون، الذين يغلب عليهم اليمين، من أنه سيكون أكثر ليونة فيما يتعلق بإيران، وهي حجة استغلها نتنياهو خلال السنوات الثماني لإدارة باراك أوباما وخدمته بشكل جيد.
قلق الإسرائيليين بشأن إيران والشعور بالغربة والنفور تجاه الفلسطينيين سيظل يفيد نتنياهو، الذي سيستمر في تصوير نفسه كواحد من أقدم القادة وأكثرهم نفوذاً في الغرب.