"لوس أنجلس تايمز": لنزع عسكرة الوجود الأميركي في الشرق الأوسط

يجب على الولايات المتحدة سحب جميع الوحدات العسكرية العملياتية من السعودية، وبسبب تدخل السعوديين بوحشية في الحرب الأهلية في اليمن، يجب أن نضع مسافة في علاقة الولايات المتحدة بالمملكة.

  • قافلة أميركية في بلدة تل تمر في سوريا.
    قافلة أميركية في بلدة تل تمر في سوريا.

كتب بروس ريدل ومايكل أوهانلون الباحثان في مؤسسة بروكينغز الأميركية مقالة رأي مشتركة في صحيفة "لوس أنجلس تايمز" الأميركية قالا فيها إنه نادراً ما اتفق الرئيسان الأميركيان باراك أوباما ودونالد ترامب. لكن فيما يتعلق بالشرق الأوسط، كلاهما يريد الخروج منه. وبصفته كان نائباً للرئيس أوباما، لا يختلف جو بايدن كثيراً في رأيه عنهما.

وأضاف الكاتبان أن فكرة المنطقة هي رمال إستراتيجية متحركة، يجب تجنبها قدر الإمكان، هي وجهة نظر يتشاركونها جميعاً، وكذلك يفعل معظم الأميركيين الآخرين، وكذلك الكاتبان. فالسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة هي عسكرة للغاية، ووجود نحو ​​60.000 جندي أميركي هناك في أي وقت هو عدد كبير جداً، عند قياسه في مقابل المهام التي يمكنهم إنجازها بشكل واقعي.

فهذا العدد، على الرغم من أنه أقل بكثير من أكثر من 150.000 جندي تمركزوا في المنطقة خلال عهد الرئيس جورج دبليو بوش الإبن وأوائل سنوات أوباما، إلا أنه لا يزال أضعافاً عدة من العدد المتمركز في المنطقة قبل عام 1990.

ورأى الباحثان أنه مع ذلك، هناك طرق صحيحة وطرق خاطئة للخروج من الشرق الأوسط. وغالباً ما يتحول الإحباط من سياسات الشرق الأوسط إلى شعارات مثل "إنهاء الحروب التي لا تنتهي". لكن لا يمكننا إنهاؤها بمرسوم، مهما كانت قوة أميركا.

على سبيل المثال، فإن إعادة جميع القوات الأميركية الموجودة حالياً في أفغانستان البالغ عددها 5000 أو نحو ذلك بحلول أواخر كانون الأول / ديسمبر، كما غرد ترامب أخيراً، سيكون أمراً غير معقول. سيتطلب الأمر من الولايات المتحدة تدمير العديد من الإمدادات الموجودة، والتخلي عن الشركاء الأفغان للتطرف والحرب الأهلية المتفاقمة، والمخاطرة بتحليق طائرات الهليكوبتر من فوق سطح السفارة الأميركية لإنقاذ الدبلوماسيين في وقت ما في المستقبل، وخلق فرص جديدة لتنظيم القاعدة أو داعش لإيجاد ملاذات في وقت فقدها المسلحون المتطرفون في أجزاء أخرى من المنطقة.

ورأى الكاتبان أنه حتى الانسحاب في غضون بضعة أشهر من مكان مثل أفغانستان من شأنه أن يمنح حركة طالبان اليد العليا في ساحة المعركة وفي محادثات السلام. وقالا: بدلاً من تخفيف الضغط عن الإرهابيين، علينا أن نستمر في ذلك. وبدلاً من التظاهر بأننا نستطيع إنهاء وجودنا في الحروب التي استمرت لعقد من الزمن، فإن الاستراتيجية الأكثر ذكاءً تتمثل في الاستمرار في تقليص دورنا فيها. ويجب أن يركز نهج الولايات المتحدة على جمع المعلومات الاستخبارية وتدريب القوات المحلية والحفاظ على القوة الجوية وكذلك قدرات القوات الخاصة للضربة العرضية عند الضرورة.

وأضافا: يجب أن نبدأ بالنظر إلى ما لدينا في مسرح القيادة المركزية الأوسع الآن. من منظور دائرتين، الأولى تتمحور حول الخليج وتضم معظم القوات الأميركية في المنطقة: 7000 إلى 15000 جندي في كل من قطر والبحرين والكويت، بالإضافة إلى 3000 إلى 5000 في كل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية والعراق.

في الدائرة الثانية، يوجد مئات عدة إلى آلاف عدة من القوات في كل من الأماكن التالية: أفغانستان والأردن وسوريا ومصر وتركيا وجيبوتي في القرن الأفريقي، بالإضافة إلى الممرات المائية في شمال بحر العرب، حيث تنتشر الولايات المتحدة عادة إما مجموعة حاملة طائرات أو مجموعة برمائية.

وأوضح الباحثان الأميركيان أنه لا يوجد أكثر من 15000 جندي أميركي في أي دولة واحدة. ولكن لا يزال هناك متسع كبير لإعادة التفكير في الأمور وتبسيطها:

أولاً، يجب على الولايات المتحدة مرة أخرى سحب جميع الوحدات العسكرية العملياتية من السعودية. كانت القوات الأميركية قد انسحبت من القواعد السعودية في عام 2003 لكنها بدأت في العودة العام الماضي مع تصاعد التوترات في العلاقات الأميركية -الإيرانية وفي المنطقة. مع هذا الوضع الهادئ حالياً - ومع تدخل السعوديين بوحشية ومن دون جدوى في الحرب الأهلية في اليمن - يجب أن نضع مسافة في علاقة الولايات المتحدة بالمملكة.

ثانياً، لم تعد هناك حاجة للوجود العسكري الكبير في الكويت، وهو من بقايا جهودنا السابقة لدعم الانتشار العسكري في العراق. هذه الحاجة قد ولّت منذ فترة طويلة. ورغم أن الحفاظ على الوصول إلى مطار وميناء أمر منطقي، إلا أنه يجب تقليل المستوى الحالي للوجود الأميركي بشكل كبير.

وقد نما عدد الأفراد النظاميين في الأسطول البحري الأميركي الخامس، ومقره البحرين، بشكل كبير على مر السنين. باستثناء العديد من كاسحات الألغام، يتكون الأسطول الخامس من سفن تم ترحيلها إلى الولايات المتحدة. ويمكن خفض هذه القوات النظامية إلى النصف من دون إضعاف القوة البحرية الأميركية في الخليج.

وخصل ريدل وأوهانلون في مقالتهما إلى أنه مع هذه التغييرات وربما بعض التعديلات المتواضعة في أماكن أخرى من المنطقة، قد ينخفض ​​العدد الحالي للقوات النظامية في الشرق الأوسط بما يصل إلى 20 ألف عسكري، وأنه يمكن لمثل هذا التخفيض أن يساعد في تبسيط الإستراتيجية الأميركية ونزع عسكرتها جزئياً لجزء من العالم، رغم أن هذا الجزء لا يزال مهماً، لكن يجب ألا يكون مركزاً للسياسة الخارجية الأميركية.

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم - الميادين نت