"ناشونال انترست": هل تنزلق أميركا والصين نحو الحرب؟
سيكون من الخطأ الفادح التقليل من قدرة بكين على محاربة القوات الأميركية على أرضها.
كتب داينال ديفيس، وهو عقيد متقاعد في الجيش الأميركي وكاتب في الشؤون الدفاعية، مقالة في مجلة "ناشونال انترست" الأميركية تناول فيها التوتر الأميركي الصيني الأخير واحتمالات المواجهة العسكرية بين الدولتين.
وقال ديفيس: "يبدو أن واشنطن قررت الدخول في حرب باردة جديدة مع الصين. إن الطلب من بكين إغلاق قنصليتها في هيوستن هو أحدث هجوم على هذه الجبهة، بادلته الصين بإصدار أمر بإغلاق القنصلية الأميركية في تشنغدو. مع كل خطوة تزيد من إمكانية التعثر في صراع عسكري بين أكبر اقتصادين في العالم. قد يكون تصحيح مسار السياسة الفوري هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يخرج واشنطن وبكين من حافة الهاوية".
وأضاف: لتوضيح الأمر، انخرطت الصين في سلوكيات تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. لطالما كانت فاترة في مكافحة سرقة الملكية الفكرية. لقد أعلنت بشكل لا لبس فيه أنها على استعداد لاستخدام القوة لحل "مشكلة تايوان". لقد عكست مسارها حول الحريات الموعودة لسكان هونغ كونغ. بالإضافة إلى ذلك، سهلت محاولات بكين الأولية لإخفاء فيروس كورونا تفشي الوباء. ولكن هناك طريقة فعالة - وطريقة مدمرة - للتعامل مع مثل هذه القضايا. يبدو أن واشنطن قد اختارت الأخيرة.
حاول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في لندن في تموز / يوليو الماضي "بناء تحالف" ضد الصين. وقال بومبيو إن القصد هو "العمل الجماعي لإقناع الحزب الشيوعي الصيني بأنه ليس من مصلحتهم الانخراط في هذا النوع من السلوك". قبل هذه الزيارة - وقبل أن تأمر أميركا الصين بإغلاق قنصليتها في هيوستن - كانت الولايات المتحدة قد اتخذت بالفعل إجراءات تحريضية ضد الصين، بما في ذلك إزالة وضع هونغ كونغ التجاري الخاص، ومعاقبة المسؤولين الصينيين، وإلقاء اللوم على الصين بسبب تداعيات فيروس كورونا، وزيادة نشاط البحرية الأميركية لتحدي مطالبات الصين في بحر الصين الجنوبي.
واستجابة لذلك حتى الآن، زادت الصين من عملياتها العسكرية في بحر الصين الجنوبي، وكان ردها على إغلاق قنصليتها في هيوستن سريعاً ويمكن التنبؤ به. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين إن خطوة إغلاق قنصليتها "انتهاك خطير للقانون الدولي... ومحاولة متعمدة لتقويض علاقات الصين والولايات المتحدة". لم يكن الأمر صادماً عندما ردت الصين بإغلاق قنصلية أميركية.
في جميع الاحتمالات، ستستمر كل من واشنطن وبكين في دوامة الإجراءات والإجراءات المضادة. هذا النوع من الانخراط المتدهور لا يفيد أي من البلدين ويزيد من فرصة الصراع العسكري، سواء عن طريق الصدفة أو سوء التقدير. لسوء الحظ، لا يبدو أن هناك شهية في واشنطن للتبريد الضروري.
وتابع الكاتب: هناك عدد كبير من قادة الرأي وصانعي السياسات في الولايات المتحدة لديهم اعتقاد راسخ بأنه لن تكون هناك عواقب غير مقصودة على أفعالنا. نحن أقوياء جداً، كما يعتقد الكثيرون، يمكننا اتخاذ الإجراءات التي نريدها ولن تكون هناك نتائج سلبية أبدًا. هذه الفكرة، التي كانت رائجة منذ انتهاء عاصفة الصحراء عام 1991 وانهيار الاتحاد السوفياتي عام 1992، لا تعكس واقع اليوم.
وأوضح ديفيس: لقد درست الصين بشكل مكثف الطريقة الأميركية للحرب في جميع جوانب "عاصفة الصحراء". وقد أُصيبت بخسارة محرجة عام 1996 عندما أمر الرئيس بيل كلينتون حاملة طائرات بالإبحار مباشرة عبر مضيق تايوان لإجبار بكين على التراجع عن التهديدات لتايوان. بدأ ذلك في التحول المستمر لعقود طويلة في كامل جيشهم، وكيف ينظمون للقتال، وعقيدتهم، وتحديثاً دراماتيكياً لأسلحة الحرب - وكلها مصممة صراحة لهزيمة هجوم أميركي على الصين.
وقال الكاتب: لم تعد الصين اليوم القوة العسكرية التي تتمركز حول المشاة والتي فقدت مئات الآلاف من الجنود أمام أميركا في الحرب الكورية، ولم يعد لديها الجيش القديم الذي تراجع أمام أميركا في عام 1996. قام القادة الشيوعيون بإصلاح قواتهم المسلحة إلى جيش حديث وفتاك وقوي يمكنه الدفاع عن حدوده ضد الولايات المتحدة. سيكون من الخطأ الفادح التقليل من قدرة الصين على محاربة الولايات المتحدة على أرضها.
وأضاف: تسببت الإجراءات الأميركية بالفعل في أن تضع بكين وموسكو العداء التاريخي جانباً وأن تزيد شراكتهما في القضايا الاقتصادية والتدريبات العسكرية المشتركة المتكررة بشكل متزايد. أكملت الصين وإيران مؤخراً أسس اتفاقية الطاقة والتعاون العسكري. علاوة على ذلك، أصبح الرئيس الصيني شي جين بينغ فعالاً بشكل متزايد في تعميق العلاقات مع الدول الأوروبية والأفريقية ودول أميركا اللاتينية.
وخلص الكاتب إلى القول: اليوم، واشنطن متخمة بالصقور المعادين للصين. لسوء الحظ، فإن أي أصوات تدافع عن بقاء أميركا قوية من خلال تجنب الصراع مع الصين يتم وصمها بأنها "استرضاء". أخشى أن أميركا ستكتشف يوماً ما ضرر رفض المشاركة الدبلوماسية الرصينة، التي كان من الممكن أن تمدد أمنها وازدهارها في المستقبل، إذ تم رفض هذه الدبلوماسية لصالح تكتيك عسكري غير ضروري لإخضاع الصين.
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم