"بوليتيكو": لماذا يصر ترامب على إعادة فتح الكنائس؟

كان ترامب يعتمد على توسيع الدعم من الناخبين المتدينين البيض في خريف هذا العام. لكن وباء كورونا يسهم في تراجع مؤيديه بينهم.

  • "بوليتيكو": لماذا يصر ترامب على إعادة فتح الكنائس؟
    ترامب يراهن على القاعدة الدينية لليمين المحافظ وخاصة الإنجيليون.

كتب غابي أور مقالة في مجلة "بوليتيكو" الأميركية قال فيها إن التحول المفاجئ في دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بين المحافظين الدينيين يقرع أجراس الإنذار داخل حملته لإعادة انتخابه، حيث كان كبار المساعدين يعتمدون منذ فترة طويلة على توسيع القاعدة الإنجيلية للرئيس كجزء أساسي من استراتيجيتهم للفوز في انتخابات تشرين الثاني / نوفمبر.

وقد ظهر القلق بشأن مكانة ترامب لدى اليمين المسيحي بعد أن أظهر استطلاعان من قبل هيئتين ذاتي سمعة طيبة في وقت سابق من هذا الشهر تراجع الثقة بين المجموعات الدينية الرئيسية بشأن استجابة إدارة ترامب لفيروس كورونا، مع انخفاض مذهل في تفضيل الرئيس بين الإنجيليين البيض والكاثوليك البيض. فكلتاهما دائرتان حاسمتان دعمتا ترامب بهامش واسع في انتخابات عام 2016 ويمكن أن تضعف فرص إعادة انتخابه إذا تقلصت نسبة إقبالهما هذا الخريف.

ترسم الاستطلاعات صورة قاتمة لترامب، الذي اعتمد على توسيع دعمه الديني بنسبة بضع نقاط مئوية على الأقل للتعويض عن تراجع تأييده لدى النساء وسكان الضواحي. وقال أحد مسؤولي الحزب الجمهوري إن تراجع الدعم الإنجيلي للرئيس ظهر كذلك في استطلاعات الرأي الداخلية للحزب، لكنه عارض فكرة أن الأمر تسبب في حالة من الذعر. 

ووصف شخص آخر قريب من الحملة دراسة استقصائية أجراها معهد أبحاث الديانة العامة في نيسات / أبريل الماضي، والتي أظهرت تراجعاً في تفضيل ترامب بين الإنجيليين البيض بنسبة 11 نقطة والكاثوليك البيض بنسبة 12 نقطة والإنجيليين الرئيسيين البيض بنسبة 18 نقطة عن الشهر السابق، على أنها "مثيرة للقلق للغاية".

وللحفاظ على علاقته بالمحافظين الدينيين، طالب ترامب يوم الجمعة حكام أميركا بالسماح بإعادة فتح دور العبادة على الفور، وهدد "بتجاوز" قادة الولاية الذين يرفضون الامتثال لتعليماته. الإعلان - الذي جاء بعد أيام من حذف مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المؤسسات الدينية في إرشادات جديدة حول إعادة افتتاح الصناعة - تضمن نداءات واضحة إلى الإنجيليين البيض، الذين دعم الكثير منهم أجندة ترامب المحافظة اجتماعياً منذ فترة طويلة.

وقال ترامب: "يعتبر بعض الحكام أن متاجر الخمور وعيادات الإجهاض ضرورية، لكنهم تركوا الكنائس ودور العبادة الأخرى. هذا ليس صحيحاً. لذلك، أنا أصحح هذا الظلم وأعتبر بيوت العبادة ضرورية".

وقد أخذ بعض حلفاء ترامب على عاتقهم تحذير المانحين والمتطوعين على مستوى القاعدة من عدم القلق من دعم ترامب الضعيف بين المحافظين الدينيين، مقللين من أهميته في حملته الإجمالية في فترة ولاية ثانية.

وقال رالف ريد أحد كبار داعمي ترامب ومدير "تحالف الإيمان والحرية": "ما سيفعله الناخبون هو أنهم سينتظرون ويصدرون حكماً بمجرد أن يقيّموا المهمة التي قام بها الرئيس ترامب لإعادة الاقتصاد إلى الانتعاش بعد الخروج من الوباء".

بعد مسح مركز PRRI، الذي تم إجراؤه بينما كان ترامب حاضراً مهيمناً في الإحاطات اليومية المتلفزة من قبل فريق مهام مكافحة فيروس كورونا في إدارته، نشر مركز بيو للأبحاث بيانات جديدة الأسبوع الماضي أظهرت زيادة في التأييد بمقدار 7 نقاط من نيسان / أبريل إلى أيار / مايو بين الكاثوليك البيض الذين يرفضون استجابة ترامب لأزمة وباء كورونا وتراجع 6 نقاط بين الإنجيليين البيض الذين أعطوه في السابق علامات إيجابية.

يستجيب مساعدو حملة ترامب ومسؤولو البيت الأبيض والحلفاء من خارج الحملة والإدارة للتهديد من خلال تعزيز تواصلهم مع الناخبين المتدينين ووعدهم بإعطاء الأولوية للتجمعات الدينية في الوقت الذي يضغطون فيه لإعادة فتح الاقتصاد الأميركي. وقد أجرى مسؤولو الإدارة مكالمات عديدة مع الجماعات المسيحية المحافظة لضمان دعمهم على مدى الشهرين الماضيين. وحضر ترامب نفسه أخيراً قداساً عبر الإنترنت استضافتها كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك. وعقد نائب الرئيس مايك بنس مائدة مستديرة مع الزعماء الدينيين في ولاية أيوا في وقت سابق من هذا الشهر. 

وقال ريد إن منظمته تخطط لحملة للخروج من التصويت بثلاثة أضعاف حجم جهودها في عام 2016.

وقال المتحدث باسم حملة ترامب كين فارناسو في بيان إن عملية إعادة انتخاب الرئيس "ستشرك المجتمع المسيحي في جميع أنحاء البلاد لإعادة انتخاب الرئيس ترامب بأغلبية ساحقة في عام 2020". وأضاف: "بالإضافة إلى سجله الاستثنائي في القضايا المحافظة والقائمة على الدين، فقد عيّن أكثر من 180 قاضياً فدرالياً من المحافظين المتشددين الذين دافعوا عن الحريات الدينية".

يوم الخميس الماضي، طرح ترامب أيضاً خطوة محتملة من قبل إدارته لإعادة فتح دور العبادة في المستقبل القريب. وقال أثناء مغادرته البيت الأبيض لزيارة مصنع أجهزة التنفي في ميشيغان: "إن الكنائس لا تُعامل باحترام من قبل الكثير من الحكام الديمقراطيين". وأضاف: "أريد فتح كنائسنا. سنتخذ موقفا قوياً جداً بشأن ذلك قريباً جداً".

وعزا بعض حلفاء ترامب سبب الانخفاض الأخير في دعم الرئيس إلى إغلاق الكنائس التي خاطبها ترامب يوم الجمعة. وأجبرت المبادئ التوجيهية للتباعد الاجتماعي معظم الكنائس على تعليق العبادة الشخصية أو نقل قداس الأحد إلى المجال الافتراضي، واقترح أحد أعضاء تحالف "الإنجيليين من أجل ترامب" في حملة ترامب أن قادة الأديان والأبرشيات الذين أحبطتهم القيود قد أخطأوا في إلقاء اللوم على ترامب. (المؤسسات الدينية في كنتاكي وتكساس وفيرجينيا وتينيسي ولويزيانا وكاليفورنيا قامت جميعها بتحديات قانونية ضد ولاياتها بسبب القيود المفروضة على الأنشطة والتجمعات الدينية).

وقال مارك بيرنز، قس ساوث كارولينا وهو مؤيد بارز لترامب: "أولئك الذين لا يفهمون قانونية العملية يمكن أن يلوموا الرئيس أو الإدارة عندما تتعامل الحكومة الفيدرالية مع قضايا حقوق الولايات".

ولم يتضح على الفور ما إذا كان أمر الرئيس يوم الجمعة - وهو أنه يجب على مسؤولي الدولة والمسؤولين المحليين اتخاذ إجراءات فورية لإعادة فتح المؤسسات الدينية - مسموح به قانوناً، ولم يكن واضحاً كيف خطط مسؤولو الإدارة لفرض التوجيه.

لم تذكر المبادئ التوجيهية التي أصدرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بشأن إعادة فتح مؤسسات معينة - بما في ذلك المدارس وأنظمة النقل العام ومرافق رعاية الأطفال - هذا الأسبوع كيف ينبغي للمؤسسات الدينية العودة إلى تقديم خدماتها. وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إن التوجيه تم حذفه بسبب مخاوف من أن الوصايا الطبية التي يعتزم موظفو مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقديمها كانت تقييدية للغاية.

ومن غير المحتمل أن يكون منتقدو إغلاق الكنائس وحدهم مسؤولين عن انخفاض تفضيل ترامب بين التركيبة السكانية الدينية الناقدة. فوفقاً لاستطلاع معهد بيو، يعتقد 43 في المائة من الإنجيليين البيض و52 في المائة من الكاثوليك البيض أن القيود الحالية على النشاط العام في مناطقهم مناسبة في مقابل 42 في المائة و31 في المائة على التوالي، الذين يعتقدون أن القيود الأقل ستكون أفضل. كما قال عدد أكبر من الإنجيليين البيض والكاثوليك البيض إنهم أكثر خوفاً من قيام حكومات ولاياتهم برفع القيود المفروضة على النشاط العام في وقت مبكر جداً من تخوفهم من ترك القيود لفترة طويلة جداً.

ومع اقتراب عدد القتلى المرتبط بفيروس كورونا من 100،000 وظهور حالات تفشي المرض في المواقع التي يكون فيها التباعد الاجتماعي أكثر صعوبة، قالت لورا جيفورد، مؤرخة السياسة والدين في جامعة جورج فوكس، إن من المحتمل أن يصبح من الصعب على مؤيدي الرئيس تبني خططه من أجل تسريع إعادة فتح البلاد. وأوضحت أنه كلما تناقض ترامب مع مسؤولي الصحة الذين حذروا من إعادة فتح المدارس والشركات غير الضرورية، كلما أصبح قبول مؤيديه المعتاد أقل لاستجابته العامة.

إن جزءاً من الاستراتيجية التي اعتمدها حلفاء ترامب لحماية علاقته بالمسيحيين المحافظين هو تأطير الوباء - وإغلاق الكنيسة استجابة لقيود التباعد الاجتماعي - كتهديد للحرية الدينية. يشير مؤيدو الرئيس الدينيون بشكل روتيني إلى الحرية الدينية كواحدة من أهم أولوياتهم وكمجال يعتقدون أن إدارة ترامب كانت مستجيبة له بشكل استثنائي.

وفي حديثه عن تأثير قيود النشاط العام على دور العبادة، أخبر بنس مقدم الإذاعة المحافظة هيو هيويت في وقت سابق من هذا الشهر أن "الحريات المنصوص عليها في الدستور لا تزال تنطبق على كل أميركي، حتى في منتصف حالة الطوارئ الوطنية".

كما انخرطت وزارة العدل. وفي رسالة بعث بها حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم يوم الثلاثاء، حذر مسؤولو الوزارة الحاكم الديمقراطي البارز من أن إجراءاته لتخفيف المبادئ التوجيهية للتباعد الاجتماعي في غولدن ستايت لا يمكن أن تميز ضد الجماعات والمؤسسات الدينية.

كتب مساعد المدعي العام إريك دريباند: "ببساطة، ليس هناك استثناء وبائي في دستور الولايات المتحدة ووثيقة حقوقه"، واتهم نيوسوم بإظهار "معاملة غير متكافئة للمجتمعات الدينية" من خلال منعها من إعادة الفتح بينما تم منح الشركات الأخرى ضوءاً أخضر.

لكن تأطير الحرية الدينية قد لا يهم إذا ظل الاقتصاد في حالة سقوط حر خلال انتخابات تشرين الثاني / نوفمبر، حتى بعد السماح للكنائس بإعادة فتحها، وكثفت المجموعات المحافظة وصولها إلى الناخبين المتدينين.

وقال بيرنز، القس الداعم لترامب، إنه والآخرين الذين "يصرخون من قمة الجبل من أجل إعادة فتح أميركا" ما زالوا يدركون عقبات كبيرة أمامهم. وأضاف: "هذا تحد للجميع. الرئيس لديه بالتأكيد معركة شاقة".

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم