"فورين بوليسي": 50 مجموعة تقدمية تطالب بايدن بتبني خفض موازنة البنتاغون

الشعب الأميركي يبحث عن زعيم سيقلب صفحة سياسات 11 أيلول / سبتمبر التي أدت إلى دورة حروب لا نهاية لها.

  • "فورين بوليسي": 50 مجموعة تقدمية تطالب بايدن بتبني خفض موازنة البنتاغون
    جو بايدن يتعرض لضغوط من اليسار لتبني سياسة خارجية معتدلة.

كتب جاك دتش تقريراً حصرياً في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية كشف فيه عن تعرض السناتور جو بايدن لضغوط قوية من الجماعات التقدمية في الحزب الديمقراطي لنقل برنامجه للسياسة الخارجية نحو اليسار، وذلك بعد شهر من تأييد السناتور بيرني ساندرز لمنافسه جو بايدن كمرشح للحزب الديمقراطي لمواجهة الرئيس دونالد ترامب في تشرين الثاني / نوفمبر المقبل.

ففي رسالة مشتركة حصلت عليها حصرياً "فورين بوليسي" نظمتها مجموعة "ديمند بروغرس" Demand Progress، تطلب أكثر من 50 مجموعة، بما في ذلك "كود بينك" Code Pink و"غرينبيس" Greenpeace و"موف أون" MoveOn، من بايدن تغيير أولوياته إلى اليسار عن طريق خفض ميزانية وزارة الدفاع بمقدار 200 مليار دولار كل عام وتغيير بعض أكبر الأولويات العسكرية للرئيس ترامب، مثل تجديد الترسانة النووية الأميركية وتأجيل إنشاء قوة الفضاء باعتبارها الفرع السادس للجيش.

وتقول المجموعات في الرسالة المقرر إرسالها إلى حملة بايدن يوم الإثنين: "ظلت السياسة الخارجية الأميركية، لعقود، تركز بشكل مفرط على المواجهة مع الخصوم المتصورين والتوقعات العالمية للقوة العسكرية الأميركية. إن القيام بذلك قد أدى إلى عسكرة استجابتنا للتحديات العالمي، وشوه أولويات إنفاقنا على الأمن القومي، وزعزع خطابنا السياسي، وتركنا غير مستعدين بشكل مؤسف لمواجهة التهديدات عبر الوطنية المتنامية للأمن البشري التي نواجهها اليوم والتي ليس لها حلول عسكرية".

تضيف الرسالة: "الشعب الأميركي يبحث عن زعيم سيقلب الصفحة عن سياسات 11 أيلول / سبتمبر التي أدت إلى دورة حرب لا نهاية لها". كما تطلب المجموعات من بايدن كبح حملة العقوبات والضغوط العسكرية ضد إيران التي تقوم بها إدارة ترامب، إذا تم انتخاب بايدن، وإعادة الانخراط الدبلوماسي مع روسيا والصين وكوريا الشمالية.

ويقول المناصرون إن هذه الرسالة من المرجح أن تكون القوة الوحيدة التي تدفع بايدن نحو اليسار في السياسة الخارجية خلال حملة 2020. ولكن مع تفريغ وباء كورونا لغرف واشنطن لصالح مؤتمرات عبر تطبيق "زووم"، هناك تقييمات متباينة من الديمقراطيين حول ما إذا كانت رسالة ساندرز تحدث خرقاً ما.

وقالت ياسمين طيب، وهي مستشارة سياسية بارزة في مجموعة "ديمند بروغرس" Demand Progress ومنظِّمة الرسالة، لـ"فورين بوليسي": "كان من الصعب الحصول على التزامات محددة بشأن العديد من هذه القضايا من حملة بايدن. أردنا كذلك التأكد من أن حملة بايدن تتفهم مدى أهمية هذه القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية على مستوى القاعدة الشعبية".

وأوضحت طيب أن الموقعين يأملون في الحصول على اجتماع مع موظفي بايدن كمتابعة للرسالة لمناقشة مخاوفهم، والتي تشمل أيضاً إنهاء ترخيص الكونغرس لعام 2001 لاستخدام القوة العسكرية المستخدم كمبرر قانوني لحرب الولايات المتحدة في أفغانستان ومحاربة تنظيم داعش، وتشمل قبول المزيد من اللاجئين في الولايات المتحدة، ومعارضة التدخلات والعقوبات التي تهدف إلى تغيير النظام.

من جانبه، أظهر فريق بايدن - الذي يضم في الغالب الوسطيين الذين عملوا في إدارة أوباما - استعداداً للانخراط في حملة ساندرز في الأسابيع الأخيرة، حسبما أفادت "فورين بوليسي" أخيرا.

وقال مات دوس، مستشار ساندرز للسياسة الخارجية في مجلس الشيوخ، إن المحادثات كانت "مشجعة".

لكن مصدراً مطلعاً على المحادثات بين المعسكرين قال لـ"فورين بوليسي" إن المحادثات لم تتقدم إلى ما بعد الحوارات غير الرسمية على الرغم من النهاية الودية للموسم الابتدائي، لأن حملة ساندرز لم تكن مأهولة من قبل المسؤولين السابقين في إدارة كلينتون وأوباما، الذين عملوا مع منافسيه الديمقراطيين.

وقال الخبراء إن مؤيدي ساندرز بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على عرض قضية بايدن على أن الميل إلى اليسار بشأن قضايا السياسة الخارجية يمكن أن يكون العامل الرابح في حملة انتخابات عامة، تماماً مثلما استخدم باراك أوباما معارضته لحرب العراق واستعداده للتحدث مع إيران من دون شروط مسبقة لدفع نفسه إلى البيت الأبيض في عام 2008.

وقال جويل روبين، المدير السابق للتواصل اليهودي في حملة ساندرز، لـ"فورين بوليسي": "كان الاختلاف المحدد لأوباما مع هيلاري [كلينتون] و[جون] ماكين هو موقفه في العراق. "إن قضية التمايز لبايدن في مقابل ترامب لم يتم تحديدها بعد، لكن إيران يمكن أن تكون واحدة".

وقال روبين، الذي عمل كنائب مساعد وزير الخارجية أثناء إدارة أوباما: "إن القيمة السياسية لهذه المناصب يجب أن تظهر لفريق بايدن". 

وقال دوس، مستشار ساندرز، إن العاملين مع السناتور "يأملون ويتوقعون" سيملأ بايدن الأدوار الرئيسية في إدارته بالتقدميين إذا تمكن من هزيمة ترامب في تشرين الثاني / نوفمبر.

لقد دعم بايدن الأولويات التقدمية الرئيسية المذكورة في الرسالة في الماضي، مثل إغلاق سجن خليج غوانتانامو الذي تعثر في ظل إدارة أوباما وأن الموقعين على الرسالة يضغطون عليه لإغلاقه. كما أيد قرار سلطات الحرب الذي أقر مجلسي الكونغرس في عام 2019 لإنهاء الدعم الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

ولكن بايدن، نائب الرئيس السابق، الذي ساعد في الإشراف على توسيع مشاركة القوات الأميركية في أفغانستان وبدء جهود بقيادة الولايات المتحدة لمدة ست سنوات لطرد "داعش" من العراق وسوريا كان متحفظاً لإخراج القوات الأميركية من حروب ما بعد 11 أيلول / سبتمبر. وهو يدعم ما يسميه استراتيجية "مكافحة الإرهاب الإضافية" التي من شأنها أن تترك وحدات صغيرة من قوات العمليات الخاصة الأميركية المتمركزة في الخارج لتدريب وتوفير قوة نيران إضافية للقوات المحلية التي تقاتل تنظيمي داعش والقاعدة، على غرار البنتاغون من قبل، مع ومن خلال "الاستراتيجية التي تبلورت في ظل إدارتي أوباما وترامب.

قد يسعى التقدميون للرد على إصرار بايدن على إبقاء القوات المتبقية في الخارج إذا انتخب  لمنصب الرئيس في تشرين الثاني / نوفمبر.

وقال دوس، مستشار ساندرز: "يحتاج التقدميون فقط إلى مواصلة التنظيم والتعبئة خلف هدف إنهاء الحروب إلى الأبد ووقف تعزيز العناصر غير العسكرية في سياستنا الخارجية. أعتقد أن لدينا بالفعل حالة قوية، لكن الوباء أظهر بوضوح قدر الإمكان أن العديد من الأولويات والاستثمارات الأمنية لبلدنا على مدى العقدين الماضيين لم تكن خاطئة فحسب بل كانت عكسية، وحان الوقت لتحول كبير".

لكن انتشار فيروس كورونا، الذي جمد معظم القوات الأميركية البالغ عددها 200 ألف المتمركزة في الخارج بينما يستكشف البنتاغون كيفية استئناف العمليات بأمان، يخلق بالفعل ضغطاً هبوطياً على ميزانية وزارة الدفاع ويؤدي إلى مكالمات من كبار الديمقراطيين لمزيد من التخفيضات.

وقال النائب آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب للصحافيين في مكالمة الشهر الماضي: "من بين جميع الاحتياجات التي نواجهها في هذا البلد، [أولويتي ليست] إنفاق المزيد من الأموال على وزارة الدفاع لشراء المزيد من الطائرات أو السفن أو القوارب أو أي شيء من هذا القبيل".

ترجمة: هيثم مزاحم